
ألَا بَلّغوا أهلي وكلَّ صِحابي
بأنّي إلى رَبّي فتَحتُ كِتابي
كِتابي أنا حَبّرْتُهُ وجَعَلْتُهُ
يصونُ حضوري وانْتظارَ غيابي
حمَلتُ صَلاتي فيه من غير ركعةٍ
وصُمْتُ عن الإيذاءِ مِلْءَ إِهابي
وعُدتُ كطفلٍ قَلبُهُ فوق ثَغْرِهِ
على فِطرةٍ ما فكّرَتْ بثَوابِ
أرى الناسَ مِنْ حَولي ضحايا تَمَرُّدٍ
على ما وَراءٍ لا يُطالُ ببابِ
أرادُوا منَ اللهِ الظهورَ على المَلَا
وإلّا فتَقوَى المؤمنينَ .. تَغَابِ
فإنْ فُسِّرَ الإيمانُ محضَ بساطةٍ
فترجَمَةُ الإلحادِ محضُ ضَبابِ
ويَبغُونَ ما بعدَ الحياةِ مُكَشَّفاً
وأيّامَهُمْ أمْضُوا … بألْفِ حِجابِ
أنا تاركُ العِلْمِ السماويّ أكتفي
بِخَيري وعَدْلي واكتمالِ نِصابي
فَلِلأرضِ عندي ما سأُعطيهِ باسماً
بلا غايةِ التّعظِيمِ يومَ حِسَابِ
بلا قَيدِ أفكارٍ ولا سِجنِ شُرْعةٍ
كما الطيرُ لا يُثْنِيهِ طَوقُ سَحَابِ
قَنِعْتُ بأني عشتُ أسئلتي إلى
خوَاتيمِها … حتى مَلَلْتُ سَرَابي
فأيقنتُ أنّ الناسَ أقصرُ قامةً
منَ الحسْمِ في غَيبٍ.. بأيِّ جوابِ
فكيفَ أُقَضّي العمرَ أخدِمُ حَيرَتي
وأُوسِعُها مِنْ غُربَةٍ وعذابِ ؟
هنيئاً لمن مِثْلي نَجَا مِنْ تَوَهُّمٍ
بتشريحِ كَونٍ مُثْقَلٍ بعُجابِ
أنا مؤمنٌ بالله دون وصايةٍ
منَ الدّين صارت مُرّةً كعقابِ
فَهِمْتُ أنا الدينَ انْتصاراً لغايةٍ
تُرَمّمُ في الإنسان كلَّ خرابِ
ولكنّهُ أضحَى يُقاتلُ بعضَهُ
بضِحْكَةِ سِمسارٍ وعينِ مُرابِ
ويصفَعُني عقلٌ يُجَرِّمُ قَومَهُ
فيصعدُ إيمانٌ بحَمْلِ حِرابِ
وخَرَّبَتِ الدنيا فَتَاوَى غَشِيمةٌ
وغطّى على التاريخِ ذَيلُ غُرابِ
تُشَرّفُني الأديانُ .. لكنْ تَبَعثَرَتْ
وكلُّ قَطيعٍ سائرٌ برِكابِ
فما بينَها لم يَسْلَمِ اللهُ نفسُهُ
وقد جعَلوهُ شاكياً بِمُصابِ
دَعُوا ليَ ربّي خالياً من طَماعَةٍ
ولا تُتخِموا رأسي بِحِسِّ ذئابِ
ذَهَبتُ إلى دُنيايَ أخشَى طريقَها
وما عادَ يُخْشِيني طريقُ إيابي
فنِعْمَ وُجُودي حينَ أَصْلَحَني الرِّضا
فإنْ جاءَني مَوتي … فنِعْمَ تُرابي.






