هكذا تُرسَم الخرائط على جبهة الهرمل - ريف حمص ودمشق
هكذا تُرسَم الخرائط على جبهة الهرمل - ريف حمص ودمشق
طوني عيسى
جريدة الجمهورية
Wednesday, 24-Apr-2013 00:46
«الجيش السوري الحرّ» مقتنع: الرئيس بشّار الأسد يحتاط لإحتمال إضطراره إلى تنفيذ الخطة «ب»، أي الخطوة التي تعقب سقوط النظام في دمشق. فهو سيجمع قواه في الساحل، وسيحاول جعل حمص عاصمة له. وسيكون جزءاً من المنطقة الحدودية اللبنانية داخل هذه البقعة.
هذا الكلام ليس جديداً في المطلق. لقد قيل في مطلع الأزمة السورية. لكن كثيرين إستغربوا "السيناريوهات الخيالية" آنذاك، وإنقسموا بين فريق واثقٍ في أن النظام على وشك السقوط، وفريق آخر يجزم أن المعارضة على وشك الإنسحاق. لكن الأرض خذلت الفريقين. ودخلت سوريا حال "إهتراء" ينذر بـ"تقاسمها" بين مناطق نفوذ متصارعة... إذا كان التقسيم متعذّراً.

وفي مطلع آذار الفائت، أورد "الجيش الحرّ" قراءة لخلفيات الحرب في ريف دمشق، الهرمل، ريف حمص: يريد الأسد و"حزب الله" إجتياح مناطق في ريف حمص وحوض العاصي، ويسعيان إلى ربط ريف حمص وحماه بالساحل، ويعتبران الطرق الدولية: بيروت - دمشق، حمص - دمشق، وحمص - الساحل، خطوطاً حُمْراً لا يُسمَح مسّها بأيّ ثمن، إضافة إلى فتح طريق للإمداد عبر الأراضي اللبنانية بين دمشق وحمص والساحل. وكل ذلك يتم تحت إشراف مباشر لضباط من الحرس الثوري الإيراني.

ووفقاً للمتحدث الإعلامي في "الجيش الحر" فهد المصري، جرى تحييد عرسال، السنّية والتي تأوي 22 ألف سوري، والمطلة استراتيجياً على طريق دمشق ـ حمص وطريق حمص ـ بعلبك من ناحية جوسية. وتمّ التحييد من خلال الجيش اللبناني، كي يتفرَّغ "الحزب" للانتشار نحو حوض العاصي. وجرى قطع طريق الزمراني الذي يربط عرسال بالقلمون السورية.

ووفقاً للمصدر، يقاتل "الحزب" في القصير بنحو 7200 عنصر. وهؤلاء تولوا مهمات كانت للجيش النظامي، كي يتفرّغ لمواجهات أخرى. وخلال أشهر، فُرِز السكان مذهبياً في قرى حدودية، ومنها جوسية. وتحدث "الحرّ" عن تدعيم مواقع "الجبهة الشعبية ـ القيادة العامة"، و"فتح - الانتفاضة" و"الصاعقة" على الحدود في البقاعين الغربي والأوسط من جهة قوسايا والسلطان يعقوب ودير العشائر وينطة وبلطة وحلوة. وهذه المواقع مزوّدة بدبابات ومنظومة صواريخ ومرتبطة بأنفاق يصل عمقها إلى 7 كلم في سوريا.

وقبل أيام، أكد المصري أن "الحزب" يحتل 11 قرية سورية ويدعم الأسد لإحتمال تنفيذ الخطة "ب". ففور سقوط العاصمة سينتقل الى الساحل لبدء مشروع دولة على أساس طائفي ويكون جزء من لبنان في داخلها، وعاصمتها حمص.

موقف «الحزب»

هذه الصورة من جهة المعارضة السورية قد تكون في محلها جزئياً أو كلياً وقد لا تكون. لكن "حزب الله" نفسه يبدو متفائلاً بمتغيرات عسكرية تخدم النظام.

وبعدما كان يتحفظ عن الإعتراف بدوره العسكري في سوريا، بات يكشف إنخراطه ويطلق المبررات، الواحد تلو الآخر: حماية لبنانيين في قرى متداخلة في العمق السوري، قيام "قوات اللجان الشعبية" السورية بدورها في الدفاع عن الشيعة السوريين، الدفاع عن المقدسات في دمشق وأبرزها مقام السيدة زينب، في وجه الجماعات التكفيرية كـ"جبهة النصرة". وفي موازاة ذلك، يعلن "الحزب" جهوزيته لمواجهة التعديات على الهرمل. ويبدو "حزب الله" متأهباً لمعركة دمشق الكبرى بقدر تأهُّب النظام.

وتزامناً، تورد مصادر "الحزب" تفاصيل عن بدء معركة "الحسم السريع" في ريف القصير، حيث يشنّ جيش النظام و"اللجان" هجوماً على محورين: انطلاقاً من تل النبي مندو في الغرب، ومن بلدة حوش السيد علي باتجاه قرية أبو حوري، التي تعتبر مركزاً مهماً للمعارضة.

وتتحدث عن السيطرة على قرية الرضوانية، والتقدم نحو بلدة سقرجة التي أصبحت شبه محاصرة، فيما تتراجع المجموعات المسلحة عن قرية عين التنّور التي تروي بمياهها معظم محافظة حمص. كما تؤكد السيطرة على قرى الجوادية، الصوامع، السكمانية، والتقدم نحو البرهانية القريبة من تل مندو والتي تشكل ثقلاً سكانياً ومركزاً استراتيجياً في عملية تطويق القُصير، بحيث باتت هذه المدينة بين فكّي كماشة.

إذاً، تتقاطع روايتا "الحرّ" و"الحزب" حول بعض الوقائع، لكن المبررات تختلف. وفي كل الأحوال، يتخذ الصراع العسكري في بقعة الهرمل - ريف دمشق وريف حمص أبعاداً خطرة، لأنه يؤشر إلى مرحلة جديدة:

في سوريا، بدء معركة العاصمة وإحتمال حسمها لمصلحة أحد الطرفين، وإحتمال تكريس الحدّ الفاصل بين منطقتين للنفوذ تتقاتلان حتى إشعار آخر. فلا موسكو ولا طهران ستتساهلان بسقوط المحور الممتد من المتوسط إلى طهران، مروراً ببغداد. ولا المعارضة السورية مستضعَفة إلى حدود إنهائها وإستعادة "سوريا القديمة".

وفي لبنان، إشعال الحرب المذهبية الباردة. فالقوى السورية السنّية، بما فيها "النصرة"، تلوّح بالردّ على "حزب الله" ليس فقط في الهرمل بل في الضاحية أيضاً.

وتزامناً خرجت عن صمتها قوى سنّية سلفية وشبه سلفية لبنانية، كالشيخين أحمد الأسير وسالم الرافعي، تعلن "الجهاد" في القصير.
وبناء على ذلك، سيَصعب توقُّع السيناريوهات المقبلة من لعبة الدم والنار والخرائط التي ترسمها القوى الإقليمية والدولية على تخوم سلسلة جبال لبنان الشرقية.
theme::common.loader_icon