«جمعيّة التخصّص والتّوجيه العلمي» يَد رحيمة للمتوضّئين بشمس العلم
«جمعيّة التخصّص والتّوجيه العلمي» يَد رحيمة للمتوضّئين بشمس العلم
نسرين بلوط
Monday, 10-Jul-2023 06:09

في زمنٍ رديء بكلّ مقاييسه تتسَتّر موبقاته بعتمة الضلال، وترتطمُ فيه متطلّباتُ الحياةِ بجدار صلب من الفاقة والعوز، وتبرم مُرغمةً بكلّ أسباب الرّاحة والنجاح، يصبحُ التّعليمُ الذي كان المنفذ الوحيد والطوق العتيد للنجاة، من الآمال المستحيلة التي تنشدها الأرواحُ المتعطّشةُ للمعرفة والتحرّر من قيود الجهل، ولكنّها بعيدة المنال حدّ الزوال لِمن لم يستطع إليها وصولاً.

وسط الهشيم والرماد الذي يعمّ هذه الحياة البائسة التي يعيشها الوطن، تعلنُ جمعيّة التخصّص والتوجيه العلمي عن مَدّ يد العون للتعليم المجّاني في الجامعات للطلّاب والطالبات المتفوّقين الذين باغَتتهم ظروفُ المعيشة الخانقة وكلّت يد ذويهم عن تهيئتهم لمستقبلٍ جامعيّ واعد.

 

ينطلقُ هذا الخبرُ بمثابة شرارةٍ مُتّقدة تمنحُ بريقَ الأمل لِمن كفّت أرواحهم عن طلبه لتراكم الشدائد، وترشقُ منافذ اليأس بقبضةٍ من حديد، وتحثّ المتفوّقين والمتفوّقات من طلاب العلم على تحفيزِ آمالهم وتجنيد أحلامهم في سبيل العلا.

 

نشأت جمعيّة التخصّص والتوجيه العملي ظلاّ للمحرومين الذين يئمّون أفياء المعرفة رغم قلّة اليد والحيلة، وعيناً باطنةً لخريطة الدّرب الصحيح لترسمَ لهم خريطته المتوهّجَة بمستقبلٍ واعد، الذي سيغيّر لهم أحوالهم وظروفهم، ويجمعُ أحلامهم في باقةٍ من الحقيقة التي تَدحض المستحيل، وتقوم بإعطائهم بعد دراسة دقيقة لوضعهم المادّي ونسبة نجاحهم وتفوّقهم، المنحَ الدراسيّة التي تتيحُ لهم تسطيرَ وعودِ الغد في ناموسِ الغيب الذي كان يؤرقهم فيهجسون به ويُمسِك على أفكارهم حريّة الإفصاح والتّعبير عن قلقهم.

 

إنّ العقلَ النَيّر كبذرة القمح التي تزرعُ في أحشاء الأرض، لكنّها تحتاجُ إلى الغَوث كي تحيا وتزدهر، فالماءُ يعيدُ إليها بريقَها ويبلّل ريقَها لتنقلبَ سنابلَ شامخة عصيّة على التشقّق والذبول.

 

وإنّما يَعزو طالبو العلمَ شرفَ تحصيله إلى جدّهم وكفاحهم، لكنّ المادّة تُلزمهم كي ينطلقوا في غمار الحياة بروح التحرّر من أيّ بَراثنٍ لليأس والخيبة. وقد شرّعت جمعيّة التخصّص والتوجيه العلمي أبوابَها، وهي مؤسّسة أهلية ذات مَنفَعة عامّة لا تتوخّى الرّبح ولا تقوم بأيّ نشاط سياسي، ومنذ تأسيسها عام 1969، جَنّدت مشاريعها لإعطاء منَح دراسيّة للطلّاب تماشياً مع حاجة أسواق العمل في القطاعين العام والخاص في لبنان، ففاقَ عدد المستفيدين منها الأربعة آلاف متعلّم من شتّى الطوائف ومختلف الاختصاصات، كما سخّرت جزءاً من نشاطاتها لإطلاق مشاريع إنمائيّة وتعليميّة وثقافيّة تهدفُ لخدمة الوطن وتأسيس هيكليّة مجتمعٍ سليم يؤطّره الوئام بين جميع الطوائف والمذاهب الدينيّة على تنوّعها، بالإضافة إلى المؤسّسات الخيريّة مثل مؤسّسة رعاية المُسن ومؤسّسة سنابل لرعاية اليتيم، والمؤسّسات الاجتماعيّة ومنها نادي الخرّيجين ومؤسّسة طموح للتنمية الاجتماعيّة.

 

أمّا المنح الدراسيّة التي تطلقها الجمعيّة هذا العام فهي لطلّابٍ ينتمون إلى مختلف شرائح ومناطق المجتمع اللبناني، وستكون تحت إشراف لجنة علميّة متخصّصة تقوم بدراسة الطلبات المقدّمة وتعمد من خلال اجتماعات متواصلة إلى مساعدة أكبر عددٍ من الطلّاب المتفوّقين والأكثر حاجة، ليتابعوا دراستهم الجامعيّة في جامعات لبنان الأساسيّة وجامعات أوروبا الغربيّة، على أن يتمّ تقديم الطلبات قبل تاريخ 28 تموز الحالي في مركزها الواقع في منطقة الرملة البيضاء بجانب أمن الدولة الطابق الرابع أو عبر الإيميل الالكتروني: [email protected]

 

إنّ العلمَ هو الوجهُ المُشرق للنور والحياة الذي يَهتك حجب الظلام، وقيثارةٌ متناغمة الوتر، متجانسة النغم تردمُ مطبّات العتمة وتَتوضّأ بشمس المعرفة، والأيادي البيضاء التي تهيّئ سُبله للسّاعين إليه هي بمثابة رسلٍ للإنسانيّة تبني مدينة فاضلة في وطنٍ كَثُر فيه المبدعون وقلّ فيه المشجّعون والمرشدون، وويلٌ لأمّة دَبّ فيها الجهل ولم يَتكلّل جبينها بتيجان الادراك والبصيرة الثاقبة.

theme::common.loader_icon