يواجه مانشستر سيتي حظراً محتملاً بالإقصاء من الدوري الإنكليزي الممتاز ودوري أبطال أوروبا بتهمة انتهاك قواعد اللعب النظيف المالي، ممّا يؤرق مشجّعي «الأزرق السماوي» كما مدرّبهم الإسباني جوسيب غوارديولا.
بعد سنوات من الاستثمار الإماراتي الضخم الذي ساعد النادي في أن يُصبح قوةً عظمى على الساحتَين المحلية (تُوّج بلقبه الخامس في آخر 6 مواسم في الدوري) وقارياً (بلغ نهائي دوري الأبطال مرةً ثانية)، فإنّ التفكير في فقدان أكبر الألعاب وأفضل اللاعبين يكاد يكون أكثر من اللازم. بينما يبدو الوضع قاتماً، لا تزال هناك أسباب عدة للاعتقاد بأنّ سيتي يمكنه تجنُّب كارثة.
مخاوف من عقوبات قاسية تهدّد مستقبل النادي
يواجه مانشستر سيتي بعض العقوبات الخطيرة التي قد تُهدِّد مستقبل النادي، إذ يحقّق الدوري الإنكليزي الممتاز في سيتي بتُهم خرق القواعد المالية، فتشمل العقوبات المحتملة غرامات باهظة قد تُكلّف النادي عشرات الملايين، حسم نقاط قد تُجرّده من لقب الدوري ومركز مؤهل إلى مسابقة قارية، ومنعه من المشاركة في دوري الأبطال أو المسابقات القارية الأخرى لأكثر من موسم.
إنّ فكرة هذه العقوبات مخيفة للجماهير الزرقاء. بيد أنّ النادي نفى ارتكاب أي مخالفات، لكن إذا ثَبُتت إدانته سيَصعب على الدوري الممتاز أن يكون مثالاً يُحتذى به كنموذج جاذب للاستثمارات في الأندية. ومع ذلك، لا يزال هناك أمل في إمكانية حلّ الوضع من دون مثل هذه العقوبات القاسية.
تعمل الإدارة الإماراتية لسيتي بكل مواردها غير المحدودة وعبر فرقة مستشارين قانونيِّين، لفرملة التهم من أن تُصبِح أحكاماً بجرائم، وبحدٍّ أدنى، سيحاولون على الأرجح تحويل العقوبات إلى الغرامات المالية، التحذير أو حظر نقل مؤقت. كما أنّ رابطة الدوري الممتاز ترغب بتجنّب معركة قانونية طويلة وفوضوية، ممّا يُعطي أملاً ولو ضئيلاً بأن تكون التسوية معقولةً في مصلحة الطرفَين.
بطبيعة الحال، فإنّ سمعة النادي لا تزال تتلقى ضربة، وأكّد ذلك غوارديولا منذ بضعة أيام، مطالباً بسرعة الوصول إلى الحُكم والانتهاء من التحقيقات لتُقفل القضية، لأنّ سمعة النادي على المِحَكّ وتُشوّه باستمرار، ولن يُوضَع لها حَدّ إلّا بالتعاون الكامل مع السلطات القضائية وتنفيذ ضوابط مالية مُحسِّنة.
إنتهاكات خطيرة لقواعد اللعب النظيف المالي
وقع «مان سيتي» في الماء الساخن مع رابطة الدوري، الذي يزعم انتهاك حامل اللقب في العامَين الأخيرَين لأكثر من 100 قاعدة في اللعب المالي النظيف بين 2009 و 2018، فهل من مَفرّ؟
أشدّ عقوبتَين قد تكونان حظراً عبر الاتحاد الأوروبي لكرة القدم من المشاركة في المسابقات الأوروبية، أو اعتماد شطب الفريق من الدوري الممتاز وهبوطه إلى الدرجة الأولى (المستوى الثاني المعروف بـ»تشامبيونشيب»). ونظراً إلى حجم انتهاكات النادي، بالتأكيد، العقوبتَان مطروحتَان بجدّية على الطاولة.
بيد أنّ الاتحادَين الإنكليزي والأوروبي يرغبان باستمرار التنافسية من دون إقصائه تماماً، ممّا يعطي أملاً بحسم عدد غير قليل من نقاطه في الدوري الممتاز، أو ترجيعه لمراكز، أو حظره من التعاقد مع لاعبين جدد، بالإضافة إلى الغرامات والعقوبات المعلّقة التنفيذ، وحتى أنّ أكثر من مجموعةً من العقوبات قد تصدُر معاً.
من شأن حظر النقل أن يمنع سيتي من التعاقد مع لاعبين جدد لفترة مُحدّدة، قد تصل إلى 4 فترات انتقالات توالياً (موسمَين)، ممّا سيُضعِف إمكانية تطوّر الفريق في المواسم المقبلة مع تقدّم بعض اللاعبين في العمر، وفي حال مغادرة البعض لعدم رغبتهم بتجديد عقودهم، كما في حال لم يبقَ العديد من نجوم الأكاديمية ينتظرون فرصتهم للحصول على مركزٍ أساسيّ في الفريق الأول.
إنّ تخفيض رتبة سيتي إلى دوري أدنى أمر صعب، لكنّه ليس مستحيلاً، لأنّها ستكون هذه خطوة غير مسبوقة وصادمة لعالم كرة القدم. لكن قد ترى رابطة الدوري أنّها الطريقة الوحيدة للحَدّ من إنفاق سيتي المتهوّر، وتقديم مثال على ذلك لأندية مثل نيوكاسل يونايتد وتشلسي.
في النهاية، تعتمد شدّة العقوبة على مدى جدّية رابطة الدوري في تنفيذ قواعدها الخاصة. ومن شأن العقوبات الأخفّ أن تُظهِر التساهل، مُفضِّلةً المال على النزاهة والعدالة في التنافسية.
هل سينجح سيتي بالاستئناف؟
عام 2020، نجح مانشستر سيتي في استئنافه ضدّ حظر الاتحاد الأوروبي لكرة القدم لمدة عامَين عن المشاركة في دوري أبطال أوروبا لدى محكمة التحكيم الرياضي، التي حوّلت العقوبة إلى غرامة بقيمة 10 ملايين يورو فقط. ويُعطي ذلك أملاً ضئيلاً لبطل إنكلترا بإمكانية إلغاء العقوبات القصوى، لكن لا يرتفع الأمل، لأنّ القضاء يُشدِّد عقوباته عادةً مع تكرار المخالفة أو الجرم، وفي حالة سيتي لم تتكرّر المخالفة بل تجاوزت أعدادها أرقاماً قياسية.
فلا شكّ بأنّ سيتي سيُقدّم استئنافاً ضدّ قرار رابطة الدوري بفرض عقوبات مالية ورياضية عليه، لأنّه يرى بأنّ العقوبات التي ستُفرَض غير عادلة ولا تتناسب مع مخالفاته المالية. لكن عليه حتى أن يبدأ بالتفكير بالتموين للمستقبل، في حال قُضيَ عليه وأنزِل درجةً أو مُنِع من المسابقات القارية، ممّا سيضرب طموحات الملاّك الإماراتيِّين ويُحبط رغبتهم بالاستمثار مُطوّلاً في النادي.