شاهد على الخراب
شاهد على الخراب
فادي عبود
Saturday, 01-Apr-2023 07:21

مَثُل أول حاكم لمصرف لبنان في تاريخ الحاكمية أمام القضاء الأوروبي، من خلال القاضية الفرنسية Aude Buresi، التي استجوبت السيد رياض سلامة في قضايا «اختلاس وتبييض أموال وإثراء غير مشروع»، بإشراف وإدارة قاضي التحقيق الأول في بيروت شربل أبي سمرا.

وأصّر سلامة على الترويج على أنّه مَثُل امام القضاة الاوروبيين كشاهد وليس كمشتبه فيه. كما صرّح مراراً، بأنّ ضميره مرتاح وانّه لم يتسبّب بالأزمة الاقتصادية التي دمّرت حياة الكثيرين.

 

ونسأل هنا، إذا كان الحاكم يعتبر نفسه بريئاً وضميره مرتاحاً ومجرد شاهد على كل ما حصل، لماذا يرفض الإفصاح عن كل تقاريره المدقّقة من قِبل شركات عالمية، ويرفض الإجابة عن الاسئلة التي طرحناها مراراً حول حجم الودائع التي أخذها من المصارف، وماذا أرجع منها، وهل قام بتسديد ديونه كاملة للمصارف اللبنانية؟ وهل أجبر المصارف على تسليمه الودائع والاستثمار؟

 

لقد أدلى سابقاً بتصريحات تؤكّد انّه أعاد المبالغ للمصارف، لكن هذه التصريحات وحدها لا تكفي، إذ عليه ان يقدّم تقارير مدقّقة وارقاماً رسمية ليبرئ نفسه ويثبت انّ المصارف اللبنانية تحتجز اموال المودعين من دون وجه حق.

 

اما بالنسبة للمتمسكين بالحاكم وبقائه في منصبه، لقد كانت الحجة سابقاً انّه يحافظ على الليرة اللبنانية. لقد انهارت قيمة الليرة اليوم بشكل كبير، فماذا ينتظرون بعد؟ هل ينتظرون ان تتخطّى قيمة الليرة المليون مقابل الدولار ليقتنعوا انّه آن الأوان للتغيير؟

 

اما بالنسبة لعمل القضاة الاوروبيين في لبنان، نتمنى ان ينجزوا عملهم باحتراف واستقلالية مطلقة. ولذلك، هناك مجموعة من التساؤلات نطرحها:

 

- اولاً، هناك سرّية مطلقة تحيط عمل المحققين، فلا معلومات واضحة عن تقاريرهم او ما يحضّرون له، علماً انّ القضية تمسّ الشعب اللبناني الذي ينتظر أي بريق أمل للحصول على معلومات ضئيلة حول مسبّبي الأزمة التي يعانون منها، وبالتالي نتمنى ان تلتزم البعثة، الشفافية، وتشارك اكبر قدر من المعلومات والمعطيات، كي لا نتعرّض لخيبة امل تعوّدنا عليها من التحقيقات القضائية المختلفة.

 

- ثانياً، إستجوب القضاة موظفين من شركتي «ارنست اند يونغ» و«ديلويت»، فهل طلبوا الاستحصال على كافة التقارير المدقّقة من قِبل الشركتين على عمل المصرف المركزي، وهل لدى مغادرتهم أخذوا معهم نسخاً عن هذه التقارير؟

 

- ثالثاً، إصطدم القضاة الاوروبيون بصعوبة الاستحصال على اي معلومة في لبنان، ونتمنى ان يشكّل هذا حافزاً للاوروبيين للتعاون والضغط باتجاه اعتماد اساليب اكثر شفافية، وجعل طلب إقرار قانون الشفافية المطلقة أولوية وشرطاً للتعامل مع لبنان.

 

- رابعاً، هل طلب القضاة مساعدة من مختصين ماليين دوليين ومحليين، من أجل فك شيفرات عمل المصرف المركزي وإعداد الاسئلة المناسبة، فهم يواجهون مشتبهاً فيه محنّكاً، استلم الحاكمية لفترة 30 عاماً وهو متمرّس بـ«قوننة السرقة».

 

وفي نهاية المطاف، نتمنى ان يحقّق القضاة الاوروبيون ما عجز عنه القضاء اللبناني حتى الآن في تحقيق العدالة والمحاسبة لمن ساهم في القضاء على حياة الناس وآمالهم ومستقبلهم.

theme::common.loader_icon