هل للذكاء الإصطناعي أن يسرق منا هويتنا البشرية؟
هل للذكاء الإصطناعي أن يسرق منا هويتنا البشرية؟
Friday, 31-Mar-2023 08:33

«تتصَوّر الكثير من الأفلام حول الذكاء الاصطناعي أنه سيكون ذكيًا للغاية، ولكنه يفتقد الى بعض الصفات العاطفية الأساسية للبشر، وبالتالي يتّضح أنه خطير للغاية».
مقولة للكاتب راي كورزويل تصِف احدى مخاطر الذكاء الاصطناعي، الفرق الوحيد هو أن هذه الأفلام قد ترجمت نفسها لتصبح واقعنا اليوم. كنّا نبصر من خلال الشاشات تلك الآلات التي تشبهنا تمامًا، يمكنها التفكير، التحليل وإعطاء إجابة أدق من البشر. لذا، دائمًا ما كان يدور في بالنا سؤال واحد، متى سنرى هذه الروبوتات ممتثلةً أمامنا؟

ربما ها نحن اليوم نعيش هذا الواقع، بالتأكيد لا نصادف كل يوم روبوت يمتلك أطراف حديدية الّا أن الذكاء الاصطناعي دخل بيوتنا جميعًا وأصبح جزءًا من يومنا. فمثلاً اذا سألتك لتعطيني مثالاً عن الذكاء الاصطناعي اليوم ستجيبني بـ «Chat GPT».
يعتبر شات جبيتي «Chat GPT» الطبق الساخن الذي يتداوله العالم في الآونة الأخيرة، وبمعنى آخر هو شغلنا الشاغل. لا أعتقد أن أحدًا لم يسمع عن الموقع الذي بإمكانه الإجابة عن أسئلتنا المعقدة والذي لم يستطع «غوغل» الرد عليها. أكتب موضوعك وهو سيكمل عنك المقال بطريقة احترافية أو هذا ما يقال!
هل فعلاً هو احترافي؟ ان كان كذلك فيمكنه أخذ مكان الانسان بكل سهولة، ولكن هذا المقال المكتوب بأصابع وهمية لن يشبه أبدًا أنامل كاتبٍ قد جَعّدها الزمن وألّقتها الخبرة. فصحيح أن تشات جبتي يمكنه فهم الجمل العميقة ولكن لا ننسى أنه يجلب معلوماته من بيانات متوفرة على الانترنت. من ناحية أخرى نلاحظ أنّ مقالاته جامدة، كأنه يقوم بصَف الكلمات فقط اعتمادًا على قاعدة أساسية، وبطريقة ما هذا الأمر يُشبه تمامًا مادة الرياضيات التي يكرهها بعضنا لأنها تملك «قاعدة ثابتة لا تتغير».
وحقيقةً كَبشر، نحن نحب التغير وكل ما هو فريد لأننا لا نشبه بعضنا. بالتالي قراءة مقالات مكتوبة على يد جماد لن يكتب الّا جماد هو أمر لا يحبّذه الناس. فهل ما يميّز الكاتب هو موضوعه فقط؟ وهنا عزيزي القارئ سأسألك، لم تفضّل كاتباً عن آخر؟ أو ممثلاً عن آخر؟ أو حتى مغنياً عن آخر؟ بالضبط «الأسلوب». أحيانًا قد لا تقرأ اسم كاتب المقال الا أنك ستتعرف الى هويته المنحوتة داخل أسلوبه في تناول الموضوع وحِكاية جمله. نحن نبحث عن التميّز حتى فيما نقرأه.
ولأننا بَشر سننقّب عن المشاعر هنا وهناك، نكون مغناطيسًا لما يشبهنا. وهذا أمر لا يعطيه ايّانا الذكاء الاصطناعي. بل وأكثر ما يُشكل خطرًا هو أن الخبراء لم يقتنوا «عاطفة» لما صنعوه.
الذكاء الاصطناعي لن يدوّن لك عناوين الموت والحرب في طليعة الجريدة كما يفعل البشر لأنّ انسانيتهم أنذرت حسهم العاطفي بأهمية هذا الخبر. سيخبرك أن تدوّنه لكنه لن يفعل!
الذكاء الاصطناعي لن يكتب عنك خبرتك التي تكتسبها من أخطائك كي تخطّ مسيرتك الخاصة على الصخر لا الرمل. سيُنجيك من خطأ وليس من أخطاء.
الذكاء الاصطناعي لن يفهمك أو يُترجم أحاسيسك التي نقلتها له بطريقة «إنسانية» لأنه ليس «حيًا» وغير الأحياء لا مشاعر لهم. سيخبرك أن تتوجّه لجهة مختصة فهو نفسه يعلم عدم مقدرته على مساعدتك.
قد يكون عونًا في دراستك، عملك أو حتى لتسيير جزء من حياتك اليومية وبالفعل لهذا صُنعت التكنولوجيا والتطور، بهدف مساعدة الانسان. الّا انها ليست موجودة لأخذ وظائفنا أو حتى كي تُدخل عقولنا بسبات وركود.
بعضنا قد يستعمله بطريقة توهِمنا بذلك، ولكننا كبشر لن ننتمي الّا للعشوائية فالتنظيم الجامد والخط المستقيم تمامًا لا يغرينا. إن لم نترك أثر الرصاص الممحي على الورق بفِعل أخطائنا أو أثر «طعج» الصفحات داخل كتاب جديد لأننا لم ننتبه، لن نكون قد عشنا حياتنا البشرية كما يجب.
الذكاء الاصطناعي لم يبدأ بـ»شات جبتي» ولن ينتهي به...

theme::common.loader_icon