د. نيكولا بعقليني: طبيب نسائي يداوي المرأة بيد .. وبالأخرى يرسمها!
د. نيكولا بعقليني: طبيب نسائي يداوي المرأة بيد .. وبالأخرى يرسمها!
منير الحافي
Thursday, 22-Dec-2022 06:44

الطبيب الفنان نيكولا بعقليني، مولود في العام 1963. كانت ولادته في جل الديب شمال بيروت، لكنه من بلدة ضهور الشوير في المتن، ولُقّبت عائلته في وقت لاحق بالـ«بعقليني».

أول عمل فني أنجزه نيكولا بعقليني كان في سنّ صغيرة، ومعنى ذلك أنّه «ولد فناناً». لكن للمفارقة لم يتذكر أنّه رسم صغيراً إلّا عندما كان في عامه الثالث والثلاثين عندما فتحت والدته الخزائن القديمة وقدّمت لابنها نيكولا لوحة صغيرة رسمها وهو في عامه السادس عندما كان في مدرسة الجمهور. «ذكّرتني أمي أنّه في ذلك الوقت رسمت صورة إعتمدتها المدرسة (بوست كارد) لعيد رأس السنة». كانت المدرسة تعتمد «أحلى رسمة» لتكون بطاقة معايدة للأهالي.

 

إذاً، لماذا اتجه لدراسة الطب لا الفن؟ يقول: «عندما اتخذت قراري بدراسة الطب لم يكن لي علم حتى بهذه الصورة. في العام 1981 كنت يافعاً بعمر 18 عاماً، والفن يومها لم يكن مألوفاً لديّ، وكان والدي قد توفي. لذلك كان عليّ أن أتخصص بمهنة أستطيع أن أعيش من مدخولها لاحقاً. لذلك اخترت الطب الذي أحببته».

 

أسأل الطبيب- الفنان، هل من ارتباط بين الطب والفن، فالعديد من الأطباء إما يرسمون أو يعزفون وإما هم مقتنو فنون؟ يجيب بعقليني، أنّه في هذه الأيام لا ارتباط مباشراً بين الطبيب والفنان، لكن في القرن السابع عشر كان مطلوباً من كل متقدّم لدراسة الطب في باريس مثلاً أن يكون رساماً أو نحاتاً أو موسيقياً أو شغوفاً بأي نوع من الفنون كي يُقبل في مدرسة الطب. اليوم اختلفت الظروف. يجب على دارسي الطب أن يكونوا على إلمام بالرياضيات أو الفيزياء أو الكيمياء. لكن في الزمن الماضي كان على الأطباء أن يعرفوا الفن، لأنّ الفن يومها كانت له صبغة «إنسانية» يجب أن يتصف بها الشخص كي يصير «حكيماً».

 

تتميز أعمال نيكولا بعقليني الفنان باستخدام الألوان المائية. كما هو معروف برسم المرأة على البحر! الماء هي أمر أساسي عنده في الفن. فهو من برج «الحوت»، ثم لا ننسى أنّه «لبناني مولود قرب البحر»! وهو بشخصيته يحب البحر ويذهب يومياً للسباحة فيه حتى في عزّ الشتاء! لكل هذه الأسباب يحب أن يرسم بالألوان المائية، وقد اعتاد على هذا الأمر حتى في أيام وجوده في فرنسا. هناك كان يرسم المناظر الطبيعية التي كان يشاهدها سواء في باريس أو في الشمال الفرنسي.

 

بعقليني درس الطب في العاصمة الفرنسية بين العامين 1981- 1989 ثم تخصّص في الطب النسائي بين 1990 و1995 في مدينة Amiens شمال فرنسا. هذا التواجد لحوالى 15 عاماً هناك، كان له تأثير فني كبير على «الشاب الذي يحب الفن، وعلى عودته إلى ممارسة الهواية التي أحبها منذ الصغر.. الرسم». فورة المعارض وزيارة المتاحف ورؤية الجمال أينما سار الإنسان في فرنسا، كانت تؤثر في الأحاسيس عند الفنان. وعندما يرى الفنان أشخاصاً يبدعون ، يدفعه هذا الأمر إلى المحاولة من جانبه لإنتاج فنه الخاص. وهذا ما حصل مع نيكولا. عاد إلى الرسم بسبب مشاهدته أشياء جميلة حوله. أعماله يومها لم تكن احترافية بل أولية. وكان يشارك في معارض جماعية مع عدة فنانين. أما في لبنان فقد اختلفت التجربة ونضجت. أقام الفنان بعقليني معرضين فرديين حتى الآن. أولهما جرى السنة الماضية والثاني هذه السنة، وانتهى أخيراً وعرض فيه عدداً من أعماله في نادي سبورتينغ في رأس بيروت. تميز المعرض بلوحات النساء اللواتي يرتدن البحر إضافة إلى مراكب ومناظر جميلة لبحر لبنان. كذلك شارك في معرضيْن مشتركين مع فنانين آخرين، واحد منهما كان معرضاً جماعياً مع خمسة فنانين، منهم كانت زوجته الفنانة المصورة فاديا أحمد.

 

يعتبر أنّ مبيعات الفن لإسم «نيكولا بعقليني» لا بأس بها. فنه مميز واسمه معروف في لبنان، وشهرته كطبيب تزيد من إقبال محبي فنه خصوصاً النساء. لكن في ظلّ الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يمر فيها لبنان، فإنّ «المبيع جيد جداً». الفنان الذي يعيش فقط على بيع لوحاته يمر بأيام صعبة، حتى وإن كان فناناً معروفاً. يعتبر بعقليني أنّ «حظه جيد» بأنّه يستطيع أن يبيع لوحاته، لكنه لا يعتمد على الفن في معيشته اليومية.

 

الطبيب نيكولا بعقليني يعد بالاستمرار بمداواة النساء وتوليدهنّ. وفي مرسمه، ينجز اللوحات المائية عن المرأة والبحر والشاطئ اللبناني الفريد.

theme::common.loader_icon