برلمانات جمهورية لبنان
برلمانات جمهورية لبنان
جوزف الهاشم
Friday, 16-Dec-2022 08:11

البرلمان عندنا - يا بارك اللـه - مجموعةٌ من البرلمانات، وعندنا البرلمانات تنتخب للجمهورية رئيساً... 

 

كـلُّ برلمانٍ مستنفرٌ خلف متراس، ولكلِّ تكتُّلٍ برلمان، ولكلِّ برلمان رئيس... 

 

ويستمرّ انتخاب التعطيل بذريعةِ الحـقّ الديمقراطي والحـق الدستوري، وكأنما الديمقراطية جـلاّدٌ والشعب ضحيّة، وكأنما الدستور كُتِبَ لتعطيل الدستور، «وكأنّهم أَئـمَّةُ الكتاب وليس الكتابُ إمامهم»، على ما يقول الإمام عليّ. 

 

جلسةٌ بعد جلسة وفرارٌ من الحوار، وأخيراً ماذا بعد..؟  

 

وماذا ينتظرون ومَـنْ ينتظرون ليقول للكسيح: إحمل سريرك وامشِ، حتى لا يظـلّ فراغ الرؤوس سبباً في الفراغ الرئاسي. 

 

في ظـلّ تعدُّد البرلمانات المتعارضة، لم يعـد في الإمكان تكرار رواية: ميشال عـون أو لا أحـد، وفـق معادلة جديدة: سليمان فرنجية أوْ لا أحـد، مقابل: ميشال معوّض أوْ لا أحد.. فيصبح الرئيس لا أحـد، وكأنّ لبنان لا أحـد، ولا أحـد في لبنان. 

 

ووفـق التراتبيّة الهرمية الدستورية، يكون المجلس النيابي أيضاً لا أحـد، ويصبح لا أحـد في المجلس النيابي يستحقّ أن يقبض «معاشه» ومخصّصاته الشهرية. 

 

عندما أرسل الوزير كميل شمعون كتاباً إلى جامعة الدول العربية يجـرّد فيه حكومة رياض الصلح من الشرعية، وفي 14 تشرين الثاني 1949 قال رياض الصلح في مجلس النواب : أنا لا أفهم كيف أنّ معاليه يطعن بشرعية المجلس والحكومة ثـمّ يأتي ويقبض معاشه كلّ شهر (1). 

 

السؤال: هل أنّ مشكلة انتخاب الرئاسات وتأليف الحكومات، وانهيار المؤسسات، هل هي أزمـة نظام...؟ أو أزمـة حكم، وأزمـة قضيّة إسمُها «الحكميّة الدستورية» التي تختلط فيها النصوص مع التطبيق فتصبح النصوص في حاجة إلى نصوص لحماية مضمونها...؟ 

 

المصيبة الكبرى عندنا: أنّ الذين تولّـوا الحكم بعد الرعيل الإستقلالي الأول، لم يدركوا سـرَّ دقّـةِ الترابط المتوازن في هذا المثّلث المرهف: النظام والصيغة والكيان، فكلّ خللٍ سياسي أوْ دستوري يعكس أزمـة نظام، وكل أزمـة نظام تعكس أزمـة صيغة، وكلّ أزمـة صيغة تعكس أزمـة كيان.. فيصبح الإرتداد إلى الطائفية والمذهبية ملجأً وقائياً للإنحراف الوطني. 

 

الدولة عندنا، أصبحت خليطاً مشوّهاً بين دولة مدنية تستمدّ أحكامها من الدستور ودولة تيوقراطية تستمد أحكامها من الدين. 

 

والأحزاب عندنا خليط مشوّه تتصادم فيه الوطنية مع المذهبية حتى لم نعـد نفـرّق بين الحزب والكنيسة والمسجد، وبين زعماء الأحزاب والإكليروس المسيحي – المسلم. 

 

وزعماء السياسة عندنا يعتبرون الدولة شريكاً مضارباً يعطّلون حركتها ويستبيحون مؤسساتها لتكريس نفوذهم الشخصي واكتساب الجماعات بالخدمات المشبوهة على حساب الدولة والقانون. 

 

هذا أدّى إلى أزمـة قيادة وزعامة على الصعيد الوطني فتراكمت معها الأزمات الوطنية والسياسية والدستورية على السواء. 

 

ولم يعدْ من الصعب التقدير ما إذا كان الحـلّ بتغيير النظام، والنظام بـريء، أوْ بتغيير الحكام، والحكام متّهمون. 

theme::common.loader_icon