«العربية ٢٤/٢٤» في معرض بيروت للكتاب
«العربية ٢٤/٢٤» في معرض بيروت للكتاب
منير الحافي
Saturday, 10-Dec-2022 06:25

أشارك القرّاء الأعزاء محاضرتي بعنوان: «العربية ٢٤/٢٤» في ندوة أقامها النادي الثقافي العربي في ٧ كانون الأول الحالي، ضمن فعاليات معرض بيروت للكتاب العربي والدولي المقام حالياً في واجهة بيروت البحرية. شارك في الندوة الزميل يحي جابر متحدثاً عن العربية في المسرح، والزميل هادي زكاك متحدثاً عن السينما الوثائقية. وأدار الجلسة البرفسور الفخري في جامعة القديس يوسف د. هنري عويس، وحضرتها رئيسة النادي الثقافي العربي السيدة سلوى السنيورة بعاصيري ومهتمون.

 

عندما قررت اليونيسكو في العام ٢٠١٢ أن تعتمد ١٨ كانون الأول من كل سنة يوماً عالمياً للغة العربية، فعلت ذلك بغرض «إذكاء الوعي بتاريخ اللغة وثقافتها وتطورها».

 

الأمم المتحدة أرادت أن تدعم تعدد اللغات وتعدد الثقافات، فعمدت إلى الاحتفال بيوم خاص للغة العربية مثلها مثل اللغات الرسمية السِت للمنظمة الدولية.

 

يعلم المسؤولون في الأمم المتحدة أهمية اللغة العربية بالنسبة إلى الشعب العربي الذي يزيد عن ٤٠٠ مليون شخص، فضلاً عن المسلمين من غير العرب في كل العالم الذين يؤدون صلواتهم ويقرأون كتابهم - القرآن الكريم - باللغة العربية.

 

أهمية قومية وثقافية ودينية تكتسبها اللغة العربية. لكن الاهتمام بلغة الضاد لا يقتصر على المسلمين بل يتعدّاه إلى المسيحيين الذين ساهموا في الحفاظ على اللغة العربية عندما تعرضت للضعف وأحياناً للإضعاف خلال الحكم العثماني ووجود الفرنسيين في لبنان، فبرزت مجموعة من المتنوّرين المسيحيين ساهموا بالكتابة بالعربية وأنشدوا الشعر بلغتهم العربية الأصيلة. كما عمدت جامعات عريقة على تدريس العربية وآدابها مثل الجامعة اليسوعية والجامعة الأميركية في بيروت وكلية بيروت الجامعية. وكما المؤسسات المسيحية كانت جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية تحمل نبراس العربية. وفي هذا كله مساهمة مسيحية - إسلامية لبنانية في الإبقاء على اللغة العربية الفصحى حية في المعاهد الأكاديمية.

 

أحببتُ أن أذكّر بدور الرواد اللبنانيين لأقول إن العربية لم تمُت أبداً ولم تضعُف، منذ نشأتها وصولاً إلى يومنا هذا. والإعلام الذي هو مرآة لمجتمعه، واحدٌ من الميادين التي بقيت فيه العربية «ملكة» على عرشها. ونقصد بالعربية هنا: الفصحى. فاستخدام اللغة الأصلية «٢٤ على ٢٤» يطغى في الإعلام المكتوب والمرئي والمسموع في لبنان كما في العالم العربي. أما وسائل التواصل الاجتماعي، وهو نوع مهم جداً في الإعلام الجديد، فله ظروفه و«إعلاميّوه» الذين هم في الغالب أشخاص غير محترفين ولكنهم استطاعوا أن ينشئوا منصات نشطة، ولها متابعوها بالملايين أحياناً. ورغم موضة كتابة العربية بالأحرف اللاتينية، فإن العربية أقوى.

 

لماذا العربية؟

 

أولاً - لغتنا العربية سهلة: إن مفردات لغتنا العربية بمجملها سهلة وليست صعبة. وهناك فرق كبير بين الوصول إلى بناء جمل عربية فصيحة وصحيحة، وبين التفتيش عن المفردات في القواميس القديمة. السهولة تجعل الكاتب أو الإعلامي يلجأ إليها، بدل «الهروب» إلى العامية واستسهالِها.

 

ثانياً - لغتنا العربية جميلة: العربية لغة مفرداتها جميلة وقوامها رشيق. عندما يختار الإعلامي كلماته الفصحى لبناء نص أو للحديث مع ضيفه أو جمهوره فإنه برأيي يستمتع بهذه الكلمات. فإذا كان الإعلامي مستمتعاً فإنه ينقل هذا الشعور إلى قارئيه أو مشاهديه أو مستمعيه.

 

ثالثاً - لغتنا العربية جامعة: عندما يتحدث الإعلام بالفصحى فإنه يعمّم على أي مُشاهِد أو مستمع أو قارئ خارج إطار بلده أو منطقته. فلنتخيل عندما يتحدث اللبناني بالعامية كيف سيفهمه المشاهد في اليمن أو الجزائر، والعكس صحيح.

 

رابعاً - لغتنا العربية أنيقة: عند استخدامنا كإعلاميين للّغة الأنيقة فإننا «نزين إعلامنا» بمضمون أنيق مثلما نتأنّق في ملابسنا كي يشاهدنا الجمهور أو كما نجعل الستوديو الخاص ببرامجنا وأخبارنا، مرتباً ونظيفاً ولائقاً.

 

خامساً - لغتنا العربية قادرة على التجدد الدائم ومواكبة العصر: أنا من دعاة الاعتماد على العربية المبسطة. وكذلك فإن مواكبة العصر مطلوبة في استخدام اللغة. «السندويش» صارت لفظاً معرّباً وكذلك «التلفزيون» و«الفايسبوك» و«تويتر» كما «البرلمان» وغيرها. طوبى للمجددين في اللغة الذين أدخلوا إلى لغتنا العربية مفردات جديدة للاستخدام اليومي.

 

في إعلامنا اليومي، لا شك أننا نستخدم كلمات عامية فيختلط «الرسمي» بالعاميّ. دخول العامية على الفصحى يأتي قصداً وأحياناً من دون قصد. في كلتا الحالتين، فإنّ العامية تأتي مكمّلة للفصحى بحسب السياق. ولا أرى شخصياً أي تأثير سلبي لاستخدام العامية على اللغة العربية الفصحى. فالأساس في الإعلام سيبقى الفصحى. ولكل الأسباب الآنفة الذكر وغيرها، ستبقى العربية ولن تموت.

theme::common.loader_icon