هبوط دراماتيكي لـ«مؤشر جمعية تجار بيروت - فرنسَبنك»
هبوط دراماتيكي لـ«مؤشر جمعية تجار بيروت - فرنسَبنك»
Friday, 02-Dec-2022 05:38

أكّد «مؤشر جمعية تجار بيروت - فرنسَبنك لتجارة التجزئة» للفصل الثالث من سنة 2022، أنّ «حوالى 4 مليارات دولار تدفقت إلى البلاد خلال موسم الصيف، إنما تأثيرها على الأسواق التجارية كان ضئيلاً جداً».

جاء في المؤشر، انّ «موسم الاصطياف كان ناجحاً هذه السنة، إن لجهة عدد المغتربين الذين قدموا الى لبنان خلال هذه الفترة، أو حتى لجهة الزوّار والسياح الأجانب. وتشير التقديرات الى أنّه تمّ إنفاق ما يقارب الـ 4 مليار دولار خلال الموسم.

 

لا شك في أنّ ذلك ساهم بشكل فعّال في وقف تدهور الليرة اللبنانية مقابل الدولار خلال هذه الفترة، إنما المؤسف كان، أنّ القدر الأكبر من هذه المبالغ تمّ صرفها في القطاعات السياحية الترفيهية وبالأنشطة المتعلقة بها مباشرة، في حين أنّ القطاعات الأخرى، ولا سيما التجارية منها - والتي كانت تتوقع شيئاً من الانتعاش، لم يطلها سوى القليل جداً من تلك الأموال التي دخلت في معظمها، إما الى الخزائن في المنازل أو خرجت مجدّداً من البلاد، بدل أن تودع في المصارف وأن تساهم في إعادة تحريك العجلة الإقتصادية ولو بنسبة ضئيلة.

 

وقد ساهم كل ذلك في مزيد من الانكماش في الأسواق، وقد ترجمت أرقام أعمال القسم الأكبر من قطاعات تجارة التجزئة هذا الواقع المرير.

 

وكما في الفصل السابق، فقد ظلت العوامل الإقليمية والدولية (ولا سيما الحرب بين روسيا وأوكرانيا) تساهم في مواصلة ارتفاع معدّل التضخم، إنما العوامل المحلية (ولا سيما الجهود المبذولة لإنجاح موسم صيف هذه السنة من قبل وزارة الإقتصاد والتجارة ووزارة السياحة وأيضاً من قبل التجار) ساهمت في الحدّ نسبياً من وتيرة الارتفاع.

 

وقد بلغ المؤشر، ما بين الفصل الثالث لسنة 2021 والفصل الثالث لسنة 2022، نسبة +162.47% (بالمقارنة مع نسبة +210.08 في الفصل السابق له)، فيما كان يُسجّل +25.23% ما بين الفصلين الثاني والثالث.

 

ولو نظرنا إلى معدّلات نسب التضخّم في كل قطاع على حدة، نلحظ من أبرزها نسب ارتفاع التضخم في بعض القطاعات لدى المقارنة ما بين الفصل الثالث لسنة 2021 والفصل الثالث لسنة 2022:

 

282.56% في قطاع الصحة، 262.45% في قطاع النقل، 231.62% في قطاع الاتصالات، 214.28% في قطاع المطاعم والفنادق، 208.07% في قطاع المواد الغذائية والمشروبات غيرالروحية، 162.90% في قطاع الألبسة والأحذية، 151.15% في قطاع الاستجمام والتسلية والثقافة، 150.65% في قطاع الأثاث والتجهيزات المنزلية، 145.47% في قطاع المشروبات الروحية والتبغ، 36.50% في قطاع التعليم.

 

وهنا نلاحظ، أنّ النسب لا تزال مرتفعة جداً، لا سيما في قطاعي الصحة والنقل، كما نلاحظ القفزة التى تمّ تسجيلها في قطاع الإتصالات (من جرّاء التعديلات التى تمّ تطبيقها في التسعير).

 

أما بين الفصل الثاني والفصل الثالث لسنة 2022، فقد ارتفعت المعدلات على الشكل التالي:

 

215.10% في قطاع الاتصالات، 78.76% في قطاع الصحة، 38.97 % في قطاع المطاعم والفنادق، 31.27% في قطاع المشروبات الروحية والتبغ، 27.85% في قطاع الإستجمام والتسلية والثقافة، 26.56% في قطاع المواد الغذائية والمشروبات غيرالروحية، 23.74% في قطاع النقل، 23.46% في قطاع الأثاث والتجهيزات المنزلية، 11.94% في قطاع الألبسة والأحذية.

 

الملفت خلال هذا الفصل كان الارتفاع الملحوظ في الأسعار في قطاع الاتصالات بالطبع، كما في قطاع الصحة والمطاعم والفنادق، وأيضاً المشروبات الروحية بنسبة أقل.

 

وبذلك، ومع كل الجهود التي بذلها التجار تجهيزاً للموسم، كما وفي ظلّ نسبة تضخّم مرتفعة جداً، لم تشهد معظم القطاعات سوى حركة خجولة كان تأثيرها إنكماشياً بإمتياز، فاستمرّت أرقام الأعمال بالتراجع، حتى في بعض القطاعات المعيشية الأساسية كالمواد الغذائية والدواء، وقد لامست نسبة التراجع الـ 100% مرّة أخرى.

 

وبالتفاصيل، بعد التدقيق في أرقام الأعمال الإسمية (Nominal) المجمّعة لقطاعات تجارة التجزئة ما بين الفصل الثالث من 2021 والفصل الثالث من 2022، يتبيّن أنّ هناك إرتفاعاً في هذه الأرقام بنسبة توازي 15.40% بعد استثناء قطاع المحروقات (للتذكير: إنّ هذا الإرتفاع يمثل نسبة الارتفاع في أرقام الأعمال الإسمية بالليرة اللبنانية قبل التثقيل).

 

إنما بعد عملية تثقيل تلك الأرقام بنسبة مؤشر غلاء المعيشة للفترة المعنية (+162.47%)، يتبيّن أنّ تلك الأرقام سجّلت بالفعل انخفاضاً، وذلك في كل قطاعات الأسواق التجارية، باستثناء قطاع الوقود، حيث سجـّـل حجم الكميات التي تمّ بيعها ارتفاعاً بنسبة 37.58% بمقارنة الفصل الثالث لهذه السنة مع الفصل الثالث من السنة الماضية.

 

وبذلك، تشير كل تلك الأرقام، إلى أنّ حالة الإنكماش مستمرّة وتتزايد فصلاً تلو الفصل وسنة بعد سنة، حتى خلال المواسم التى كان من المفترض أن ينتعش فيها الإستهلاك، ولو قليلاً.

 

غلاء المؤشر

 

من جهة ثانية، تسارعت أيضاً زيادة نسبة مؤشر غلاء المعيشة الفصلي بين الفصل الثاني والفصل الثالث لسنة 2022، حيث تمّ تسجـيل نسبة +25.23% ما بين هذين الفصلين (بالمقارنة مع نسبة +26.18% التى تمّ تسجيلها في الفصل السابق)، وكانت النتائج التى أعلنت عنها أكثرية القطاعات سلبية، ولو بتفاوت في النسب، حيث كان هنالك قطاعات شهدت تراجعاً شديداً (مثل قطاع السوبرماركت والسلع الصيدلانية والهواتف الخليوية والسلع البصرية على سبيل المثال)، في حين شهدت قطاعات أخرى زيادة في الطلب وارتفاعاً في المبيعات (مثال الأجهزة الطبية والأجهزة المنزلية الكهربائية إلخ).

 

تجدر الإشارة الى أنّ قطاع الوقود سجّل زيادة في الكميات المباعة خلال هذه الفترة، حيث تمّ تسجيل ارتفاع بنسبة 13.40% لهذه الفترة بالمقارنة مع الفصل الثاني (-14.84%).

 

عليه، جاءت النتائج المجمّعة لكافة قطاعات تجارة التجزئة لتسجّل - مقارنة بمبيعات الفصل الثاني لسنة 2022، مزيداً من التراجع في أرقام الأعمال الحقيقية المجمـّـعة خلال هذا الفصل، (نتيجة لمزيد من التراجع في القدرة الشرائية الفعلية لدى الأسر اللبنانية، علماً بأنّ مراجع رسمية أشارت الى أنّ 14% فقط من تلك الأسر تتقاضى كل أو جزءاً من أجرها، أو تردها حوالات من الخارج، بالدولار الفريش).

 

وقد بلغ التراجع الحقيقي (أي بعد التثقيل بنسبة التضخّم) للنشاط المجمّع نسبة – 19.60% بعد استثناء قطاع الوقود والمحروقات (بالمقارنة مع نسبة - 23.02% في الفصل السابق) علماً بأنّ قطاع الوقود والمحروقات قد سجـّـل هو الأخير أيضاً زيادة فصلية بنسبة + 13.40% من حيث الكميات كما أشرنا أعلاه، وذلك بالرغم من الارتفاع شبه المستمر في سعر صفيحة البنزين وطن المازوت.

 

في ضوء ما سبق، وبعد الإشارة الى أنّ المؤشر الأساس (100) الذي قد تمّ تبنـّـيه هو للفصل الرابع لسنة 2011، وأنّ تضخّم الأسعار خلال الفصل الثاالث من سنة 2022، وفقاً لإدارة الإحصاء المركزي، بلغ + 25.23%، نعلن عن أنّ «مؤشر جمعية تجار بيروت - فرنسَبنك لتجارة التجزئة» هو: 1.37 للفصل الثالث من سنة 2022 مقابل 1.52 في الفصل السابق له.

 

إذاً «مؤشر جمعية تجار بيروت - فرنسَبنك لتجارة التجزئة» للفصل الثالث من سنة 2022 إستمر في مساره التنازلي، وسجـّـل مزيداً من الهبوط الدراماتيكي.

theme::common.loader_icon