جوزف ستالين ونهاية الحرب العالمية الثانية: القرارات الحاسمة
جوزف ستالين ونهاية الحرب العالمية الثانية: القرارات الحاسمة
د. إيلي جرجي الياس

كاتب، باحث استراتيجيّ وأستاذ جامعيّ

Friday, 19-Aug-2022 12:58

حاسمة ستكون قرارات وتوجّهات الزعيم السوفياتيّ جوزف ستالين، في الأشهر و الأيّام الأخيرة من الحرب العالمية الثانية: لا عودة أبداً إلى الوراء، لا مفاوضات مباشرة أو غير مباشرة مع ورثة النازيين، تفاهم ضمن الحد الأدنى مع الأميركيين والحلفاء الغربيين في سبيل اقتسام العالم، دعم المنظومة الشيوعية العالمية بقوة، إطلاق الحرب الباردة لتحفيز الاتّحاد السوفياتي قيادة وجيشاً وشعباً، تعزيز وتمتين الاقتصاد السوفياتيّ...

 

لن يتساهل الفوجد جوزف ستالين، حتى في صورة استسلام النازيين مع نهاية الحرب العالمية الثانية، فلن يكون استسلام النازيين علنياً وناجزاً إلا بحضور سوفياتيّ رفيع المستوى إلى جانب الغربيين...

 

"7 أيار 1945: إستسلم الألمان في رامس، من دون تغطية إعلامية إكراماً للرئيس السوفياتيّ جوزف ستالين. 9 أيار 1945: إستسلم الألمان في برلين بحضور كبار قادة الحلفاء..." د. إيلي جرجي الياس، الدولة النازية في أميركا الجنوبية مفاجأت هائلة في الأشهر الأخيرة للحرب العالمية الثانية، دار سائر المشرق، 2020، ص 51.

 

وحسب مخطّطات وأوامر الرفيق ستالين، فلا مجال البتة للتساهل أو التفاهم مع حكومة فلينزبورغ بقيادة الأميرال كارل دونيتز والمستشار المهندس ألبرت شبير، وريثة الفوهرر أدولف هتلر، وقد ضغط ستالين إلى الحدّ الأقصى حتى جعل حياتها تقتصر على عشرين يوماً تقريباً...

 

"وبقي مصير حكومة فلينزبورغ عالقاً لأيام معدودة! بين إرادة السوفيات الحاسمة بالقضاء عليها، ورغبة رئيس الحكومة البريطانية وينستون تشرشل ببقائها، وإرادة الجنرال الأميركي أيزنهاور بحلّها نهائياً! خصوصاً أنّ هذه الحكومة تتورّط في معاداة السوفيات علناً عبر إرسال العلماء والأطبّاء الألمان إلى الغرب. في 22 أيار 1945، استدعي الأميرال كارل دونيتز، وفريق عمله إلى سفينة باتريا مقرّ هيئة المراقبة الحليفة، وتكفّل الأميركيون باعتقالهم!" د. إيلي جرجي الياس، الدولة النازية في أميركا الجنوبية مفاجأت هائلة في الأشهر الأخيرة للحرب العالمية الثانية، دار سائر المشرق، 2020، ص 57.

 

وسيحرص ستالين أن يقدّم نفسه، ليس فقط بمظهر المنتصر الأكبر وقاهر النازيين ومحرّر الاتّحاد السوفياتي فحسب، بل أيضاً وبشكل رئيسيّ وأساسيّ، كمخلّص أوروبا والعالم من نير واستبداد النازية...

 

"انتصار رهيب ستدفع ثمنه ألمانيا، ومهما بلغ انتقام الحلفاء الغربيين فيبدو نقطة في بحر انتقام ستالين، فليفعل ما يفعل ستالين من دون حساب، فقد تمتّع ستالين بصورة مخلّص أنقذ العالم من شرّ رهيب... يا لسخريات القدر! ديكتاتور مستبد وظالم يدمّر أوروبا والعالم، وديكتاتور آخر لا يقلّ عنه استبداداً يوصف بالمخلّص الذي أنقذ العالم؟!" د. إيلي جرجي الياس، أدولف هتلر وإيفا براون من برلين إلى الأرجنتين حبّ أقوى من الحرب، دار سائر المشرق، 2019، ص 76، 77.

 

إنّ نهاية الحرب العالمية الثانية حدّدت انبثاق زمن الرئيس السوفياتيّ الفوجد جوزف ستالين بامتياز... ستالين، الذي لن يهدأ ولن يستكين، لتأمين المصالح السوفياتية كاملة وشاملة... فلتكن إذاً نهاية الحرب العالمية الثانية مع الألمان، بداية الحرب الباردة مع الأميركيين...

theme::common.loader_icon