هل من الجيّد الوقوف أثناء الأكل؟
هل من الجيّد الوقوف أثناء الأكل؟
سينتيا عواد

ماستر في علوم الاعلام والاتصال. مسؤولة عن الملحق الأسبوعي والصفحة اليومية للصحة وغذاء.

Thursday, 18-Aug-2022 06:29

يحرص العديد من الأشخاص على الابتعاد قدر المُستطاع من نمط الحياة الذي يغزوه الخمول، خصوصاً أنّه يعزّز الإصابة بالبدانة، والسكّري، ومشكلات صحّية أخرى. ولتقليل ساعات الجلوس خلال اليوم، قد يميلون أيضاً إلى الوقوف أثناء تناول الطعام. ولكن ماذا يحدث للجسم عموماً والجهاز الهضمي خصوصاً عند القيام بذلك؟

من الشائع جداً شراء وجبة محمولة وتناولها أثناء التنقل. وفي حين أنّ ذلك قد يكون عملياً جداً ويُسهّل حياة الكثيرين، إلّا أنّ الأكل أثناء الوقوف لا يخلو من السلبيات.

 

قال اختصاصي أمراض الجهاز الهضمي الطبيب، بيتون بيروكيم، من «Gastroenterology Institute of Southern California» إنّه «بالنسبة إلى بعض الأشخاص، إنّ الوقوف أثناء الأكل قد يساعد في تهدئة أعراض ارتجاع المريء (Acid Reflux)، والذي يُعتبر من أكثر مشكلات الجهاز الهضمي شيوعاً. يحدث ارتجاع المريء عندما تؤدي زيادة الضغط في المعدة إلى تحفيز محتويات المعدة لترجع إلى المريء. يسبب ذلك بعض الأعراض مثل الشعور بالحرقة في الحلق أو منتصف الصدر، وطعم كريه في الفم، والتجشّؤ... ومن المعلوم أنّ احتمال التعرّض لارتجاع المريء يرتفع عند الاستلقاء بعد تناول الطعام، بما أنّ هذه الوضعية تسمح للطعام والحامض بالتدفق بسهولة مجدداً من المعدة إلى الحلق. وبالعكس، إنّ الوقوف يشكّل ضغطاً أقل على المعدة، ما يعني خفض مُعاناة ارتجاع المريء والحرقة».

 

لكن رغم ذلك، يمكن للوقوف أثناء الأكل أن تكون له تأثيرات ضارّة على الهضم، لعلّ أبرزها ما كشفه الدكتور بيروكيم:

 

الغازات والنفخة

من الناحية الفسيولوجية، إذا كان الشخص واقفاً أثناء تناول الطعام، يتجمّع الدم في رِجلَيه، الأمر الذي يخفّض تدفق الدم الكافي إلى الأمعاء، حيث يكون ضرورياً للهضم. ينتج من ذلك سوء هضم الكربوهيدرات، ما يؤدي إلى الغازات والنفخة. لا بل أكثر من ذلك، إنّ الوقوف أثناء الأكل، كما هو حال البوفيه، ينطوي عادةً على تناول الطعام بسرعة أكبر. غير أنّ ذلك يعزّز احتمال ابتلاع المزيد من الهواء، الأمر الذي يساهم بدوره في زيادة الغازات داخل المعدة.

 

الإفراط في الطعام

إنّ الأشخاص الذين يأكلون أثناء الوقوف يميلون إلى مضغ الطعام أسرع، ما ينتج منه أوقات وجبات أقصر بشكلٍ عام. تكمن المشكلة في أنّ ذلك قد يشجّع على الإفراط في الأكل لأسبابٍ عديدة. أولاً، إنّ الوقوف أثناء تناول الطعام تتبعه عادةً الحركة، الأمر الذي يعزّز الهضم بشكلٍ أسرع، وقد يجعل الشخص يشعر بجوعٍ أكثر في وقتٍ أبكر. أمّا ثانياً، فعند الأكل سريعاً وأثناء الوقوف، يصبح الإنسان أكثر عرضة لتشتُّت الانتباه. وعند عدم التركيز على الطعام والتلذّذ بكل قضمة، يزداد احتمال الشعور بشبعٍ أقل، الأمر الذي يدفع إلى مُعاودة تناول الطعام في غضون ساعة. أمّا في المقابل، كلما زاد الوقت الذي يحتاجه الشخص لمضغ الطعام، قلّ احتمال تناول وجبة دسمة.

 

باختصار، ووفق الدكتور بيروكيم، «ليس من الخطأ الوقوف أو الجلوس أثناء تناول الطعام، ولكنّ الأهمّ هو الأكل بوعي والانتباه جيداً إلى احتياجات الجسم. إستناداً إلى دراسة نُشرت عام 2017 في «Diabetes Spectrum»، إنّ إيلاء الأهمّية إلى الطعام المستهلك يؤدي غالباً إلى تناول كميات أقل، والاستمتاع أكثر بالوجبة، وتفضيل المأكولات المغذية».

theme::common.loader_icon