صدر كتاب جديد للدكتور فيليب سالم هو: «فلسفة التمرّد والثورة» عن «دار سائر المشرق» (178 صفحة من القطع الكبير)، يتناول فيه أحداث انتفاضة تشرين 2019، ودعواته المتكرّرة للثورة التي يراها ضروريّة، وإنّ إعادة استنهاضها أمر لا بدّ منه.
تقول مي الريحاني في مقدمة الكتاب: «فيليب سالم رجل لا يهدأ. مفكر ثائر. طبيب يقهر المرض ويعالج «أمراض» وطنه. يدعو لإصلاح النفوس والأوطان، يتمرّد على الواقع الصعب. يتألّم بسبب الواقع الاجتماعي المزري. يدعو لثورة دون عنف. يحمل زهرة ويمشي. يزرع الأمل كما زرع أجدادنا الأرز. يردّد «اذهبوا وازرعوا في الأرض». أعبدوا لبنان. «خذوا تراباً من ضيعكم. أرض لبنان هي أرضكم. تشتاق إليكم. تغفر لكم، وهي ثابتة في محبّتكم».
مسيرة فيليب سالم «الطالب المتمرّد» كما عُرِف خلال مراحل دراسته، هي دعوة مستمرّة للتمرّد على أسلوب التلقين في المدرسة والجامعة، وعلى التقاليد البالية. لأنّ التمرّد، برأي سالم، هو محاولة حقيقيّة للسير باتّجاه غدٍ زاهر ومستقبل أفضل. بل إنّ التمرّد هو، كما يقول جبران خليل جبران «سرّ الخلق والإبداع»!
يخشى الدكتور فيليب سالم تطورات الأوضاع في لبنان، ويتخوّف على مصير اللبنانيين، علمًا أنّه يؤكّد دومًا أن لا خوف على لبنان الوطن والرسالة. هو منذ العام 2011 يكتب بأنّ لبنان ذاهب إلى أزمة كبيرة سياسيًا واقتصاديًا وماليًا واجتماعيًا، ويدعو إلى ثورة لا تستخدم العنف... بل وردة مقابل فأس الجلادين!
يُعتبر فيليب سالم من دُعاة الثورة الأوائل... لكن «ثورته» بيضاء لا حمراء، كونه لا يؤمن بـ»ثورة النار وثورة السلاح، بل بثورة الفكر، ثورة العمل، ثورة الحضارة». يرى بأنّ «التغيير» تفرضه الثورات. ويدعو لقيام المجتمع المدني القادر وحده على إقامة تغيير حقيقي، لأنّ الطبقة السياسية ليس من مصلحتها قيام إصلاح أو تغيير أو تقدّم في لبنان لأنّها طبقة فاشلة وفاسدة...
فيليب سالم استشرف إنتفاضة لبنان، ورسم خطوات الثورة بمقالاته في صحف العالم بالعربية والإنكليزية، في صحف لبنان وكبريات الصحف في الخارج. ومقالاته مؤشر واضح إلى دعمه لاستمرار الثورة، حيث يدعو دومًا إلى أن تبقى جذوتها مشتعلة.
إستشرف فيليب سالم الثورة قبل اندلاعها، وواكب مسيرتها منذ 17 تشرين الأول 2019. وكانت مقالاته مدويّةً وهادفة ومواكبة لأقدس وأشرف «انتفاضة عرفها لبنان في تاريخه الحديث».
يقول سالم في إحدى مقالاته: «من زمان، ونحن ننتظر هذه الثورة. ومن زمان نحن نقول انّ الذين أخذوا لبنان إلى قعر الذلّ، لا يمكنهم أن يرفعوه إلى قمّة الكرامة. وكم قُلنا إنّ مسؤولية قيامة لبنان هي مسؤولية شعبه، مسؤولية المجتمع المدني فيه. إذ إنّ السلطة السياسية لا تريده أن يقوم من «موته»... تعالَ وأنظر كيف انشقّ اللبناني عن طائفته ومذهبه ومنطقته وزعيمه وتسلّق إلى لبنان».
يؤكّد: «كنا ندعو، أيها الثوار، إلى التمرّد دون عنف. فعلّمتمونا شيئًا أعظم. التمرّد الحضاري. وها قد أعطيتم العالم أروع نموذج للثورة الحضارية»...
يرفض فيليب سالم أن «يرضخ اللبنانيون للذلّ»، ويتأقلموا مع الواقع، ويلوذوا بالصمت. يريد أن يخرجوا من «القعر ومن الموت السريري». يريدهم أن يعودوا إلى «الحياة» الحقيقية. ويدعو إلى وحدة الثورة ووحدة الثوار «لأنّ الثورة وحدها تعيدنا وتعيد لبنان إلى الحياة».
ويحمّل الدكتور سالم «حزب الله» و»السلاح غير الشرعي» مسؤولية الانهيار القائم في البلاد. وإذا كان «حزب الله يمتلك قوة السلاح فإنّ اللبنانيين يمتلكون قوة الحق. ويمتلكون أيضًا الحقّ في الأرض». ومع اعتراف سالم بما يمثّل «حزب الله»، يؤكّد أنّه لا يريد التصادم مع الحزب ويدعوه إلى «مصالحة» مع لبنان وإنجاز تسوية تاريخية لسلاح الحزب وأدواته العسكرية.
يتوجّه فيليب سالم إلى طلاب الجامعات في لبنان، فيدعوهم إلى أن «يثوروا ويتمرّدوا»، محذّرًا من استخدام العنف. فالدول لا تُبنى بالعنف الذي يورّث أحقاداً، والأحقاد تفتك بصاحبها قبل أن تفتك بالآخرين.
سكنت القضيّة اللّبنانيّة عقل فيليب سالم وروحه، واحتلّت مساحة واسعة في حياته ورافقت خياله وتفكيره ونشاطه السياسي، وصبّ كل اهتمامه من أجل تحقيق هدف واحد هو خدمة لبنان وقضيته، إلى جانب رسالته الإنسانية والطبية لعلاج مرضى السرطان في كل بقعة من الدنيا.
من هنا أيضًا تأتي دعواته المتكرّرة إلى «الحياد الإيجابي» بشكل أساسي، لإنقاذ لبنان من مخاطر الانحياز المدمّر إلى جهات إقليمية أو دولية، أدّت إلى إيصال لبنان إلى القعر الذي يتخبّط فيه إقتصاديّاً وسياسيّاً واجتماعيّاً.
فيليب سالم هو «مُلْهِمُ الثورة» في لبنان، كما يردّد كثيرون. إنّه من أوائل الذين دعوا إلى التمرّد والثورة على الجمود والفساد والهيمنة. لقد ألهَمَ اللّبنانيّين بمواقفه الإصلاحيّة، مركّزاً على حقّهم في الصحّة والتقدّم والحريّة.
• تقام ندوة حول الكتاب في جامعة سيدة اللويزة- ذوق مصبح، الخميس في 21 تموز الجاري السادسة مساءً. يشارك فيها رئيس الجامعة الأب بشارة الخوري والنائب ملحم خلف والإعلامي أنور حرب وكوليت صليبا وفيليب سالم. ويديرها ماجد بو هدير.