لبنان العدل والسلام
لبنان العدل والسلام
د. شرف ابو شرف
Tuesday, 19-Apr-2022 07:06

«فلنأخذ من الشرق روحيته ومن الغرب علميته من دون أن نفنى في الأخذ أو نموت في العطاء»

                                                                                                             لويس أبو شرف•

​دولة لبنان الكبير، هذا الحُلم الذي هوى في عيد مئويته على أيدينا نحن، أهل الطوائف. لقد صنعنا "باجتماعنا الطوائفي وعيشنا المشترك" دولة الطوائف، وتحوّلت كل طائفة عندنا دولة داخل الدولة.

 

كيف العودة الى الدولة الحلم والعمران والازدهار والأمان؟

أولًا: بالعدالة لأنّها الخدمة الفضلى للمجتمع، وقد تحدث عن أهميتها تشرشل بقوله: "طالما العدالة في خير فبريطانيا في خير ولو تهدّمت بكاملها". عندما تتهدم العدالة يسقط الوطن والدولة.

إنّ العدل يحمي دولة القانون ويحصّنها من الانهيار، ويعيد الثقة بها، وتكون فيها الرئاسة للشريعة لا لإرادات البشر العشوائية.

اما العدالة في لبنان ففوضى وتخبّط. إنّها عدالة مقهورة على الرغم من وجود بعض القضاة الشجعان من أصحاب الضمائر والقناعات الراسخة. المطلوب استقلالية القضاء المطلقة، وقضاة مستقلون، وردع السلطة السياسية عن التدخّل فيه.

 

ثانياً: بالكفاية والأخلاق والتربية. يقول أحد الحكماء الصينيين:

"إذا أردت تدمير بلد من البلدان فابدأ بتدمير نظامه التربوي والقضائي وعمّم الفساد في ربوعه، وسترى بعد عقدين من الزمن بلدًا منهارًا يقوده الجهلة والسارقون".

إنّ النهج اللاأخلاقي والفساد يؤديان لا محالة إلى سقوط الدولة ورجالها. وثقافة الفساد عندنا تخطّت كل الحدود.

 

ثالثاً: بالعلم والتخطيط واستشراف المستقبل في جوٍّ من الحرية والديمقراطية. لا تقدّم نرتجيه خارج هذه المعادلة، والحضارة الغربية خير مثال على ذلك.

 

رابعاً: بالتعاون والتعاضد معًا لا بالاستئثار الغنائمي ما يولّد الفرقة فالظلم والضعف والزوال.

إنّ التضامن شرط للدخول في شراكة البناء، وهناء عيشنا مرتبط به. ولا أمن لنا خارجه. غياب التضامن في لبنان أنتج دمارًا على الوطن استقلالاً وسيادة، وعلى اللبنانيين عدالة وحرّية. إنّ الحوار بصدق وشفافية والإصغاء والتمييز والتحليل ليس فقط من متطلبات السينودوس التي تقترحها الكنيسة الكاثوليكية، بل ركائز أساسية في حياتنا الوطنية والنقابية.

يقتلنا القلق في هذا الجو القبائلي المستشري، ولا حياة لدولة لبنان الكبير ولنا إلّا من باب المواطنية… والإيمان الحقيقي بالله وبلبنان، الدواء الشافي لقيامتنا. إنّه يفتح أمامنا آفاق الأمل والرجاء.

 

نعم، الإيمان بلبنان من دون إشراك، وطن الحرّيات والانسان، يأخذ من الشرق روحيته ومن الغرب علميته، من دون أن يذوب في الأخذ أو يفنى في العطاء.

والإيمان بقيامة لبنان، السيّد الحرّ المستقل وبإنسانه المنتفض والمستقيم.

إننا نريد أن نحيا معاً، أحرارًا أسيادًا مستقلين، ولا أمل لنا وللبناننا في الحياة خارج هذه القواسم المشتركة.

 

صحيح أنّ لكل منا دينه وشرعه وشرحه، وحديث المجاملة لا ينفع. فالله الواحد الذي نعبد نختلف في صفاته، والعلاقة به ليست واحدة، ولا الانسان واحد. ومنهج النقد الأدبي والتاريخي مختلف. مع ذلك تبقى الحياة الروحية طاقة كبرى لنا. نتذوّق الرب في المشاركة في خيرات الارض والتطوّع للإنسان المحروم والذود عن حقوقه، والدفاع عن السلام. وعلى مقدار ما يشرق علينا الحب نهتدي كما يقول المطران جورج خضر. إذ ذاك ننجح في بناء مجتمع تسوده الشراكة والمشاركة والرسالة بعدل وسلام.

 

* ‏لويس أبو شرف، نائب، رئيس لجنة التربية الوطنية لسنوات عدة، وزير وخطيب مفوّه، إستشهد بشظية قذيفة على شرفة منزله في 15 نيسان 1989.

theme::common.loader_icon