مانشيت: الانقسام السياسي يدفع الى الاستثمار الانــتخابي... والدولار يرتفع بهلوانياً
مانشيت: الانقسام السياسي يدفع الى الاستثمار الانــتخابي... والدولار يرتفع بهلوانياً
Wednesday, 05-Jan-2022 06:05

لم يكن اليوم الرابع من السنة الجديدة أمس أفضل ممّا سبقه، اذ بدت البلاد ماضية الى مزيد من الانقسام السياسي على وقع انتظار المفاوضات الجارية في شأن الازمات الاقليمية وبدء بعض الافرقاء السياسيين بالاستثمار السياسي في اي موقف داخلي تحضيراً للاستحقاقات النيابية المقررة في ايار المقبل، من مثل موجة الاعتراض على المواقف التي اعلنها الامين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله من المملكة العربية السعودية التي جاءت ردا على وصف المملكة «الحزب» بالارهابي ودعوتها القوى السياسية الى انهاء «هيمنته» على الدولة. ويرى المراقبون ان هذه الاجواء الانقسامية السائدة على مستوى اهل السلطة او على مستوى القوى السياسية المتناحرة ستزيد من تفاقم الازمة الاقتصادية والمالية اكثر فأكثر بدليل عودة الدولار الاميركي الى ارتفاعه حيث بلغ عتبة الـ30 الف ليرة، وكذلك ستحول دون تمكّن الحكومة من تحقيق أي انجاز ملموس في اطار خطة التعافي وغيرها، بحيث لا يعلو اي صوت سوى صوت الانتخابات فقط. في الوقت الذي سجل عداد الاصابات بفيروس كورونا امس رقما قياسيا بلغ 5087 اصابة جديدة و19 حالة وفاة.

 

على وقع التطورات المتلاحقة تراجع الكلام عن استمرار السعي الى حل لقضية المحقق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار بما يفسح في المجال لعودة مجلس الوزراءالى الانعقاد، اذ اكد مصدر سياسي رفيع لـ«الجمهورية» ان «لا حل ولا جلسة ولا من يحزنون وقد بات الاهتمام في مكان آخر، وما التوتر المستجد بين رئيس الحكومة نجيب ميقاتي و«حزب الله» سوى سبب اضافي لتعميق الازمة على رغم من ان «حزب الله» ابلغ الى المعنيين انه لا يتجه الى تعقيد الامور. وابدى المصدر خشيته من الانعكاس المباشر للخلافات السياسية على الحكومة حيث اصبح من الصعب تجنيبها ما يحصل، مؤكدا ان الجهود الحالية التي يبذلها البعض تَنصبّ في اتجاه تأمين الاجواء المناسبة لاطلاق عجلة الانتخابات خصوصاً ان مؤشرات تصعيد خطيرة بدأت تطل برأسها وتتزامن مع تخطي الدولار عتبة الثلاثين الف ليرة رغم تعاميم مصرف لبنان المركزي.

في هذه الأجواء الملبدة وعلى وقع المواقف التي حفلت بها الايام القليلة المنصرمة يزور رئيس الحكومة نجيب ميقاتي رئيس الجمهورية العماد ميشال عون للتشاور معه في التطورات الجارية على اكثر من مستوى.

وقالت مصادر مطلعة لـ«الجمهورية» ان جدول اعمال اللقاء بين الرجلين سيكون حافلا بالقضايا المتشعبة والخطيرة المطروحة على اكثر من مستوى، فهو الاول بينهما هذه السنة ويأتي في سياق مرحلة حافلة بالمواقف المتناقضة بينهما خصوصاً ازاء مجموعة الملفات المعقدة ليس أقلها الخلاف حول ما يمكن وما يجب القيام به لإحياء جلسات مجلس الوزراء، فلكلّ منهما رأيه وموقفه ولم يظهر ان هناك ما يجمع بينهما سوى موقفهما الموحد الذي عبرت عنه بيانات صدرت عنهما في الساعات القليلة الماضية عندما التقيا على رفض مضمون مواقف الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله من العلاقات اللبنانية مع دول الخليج العربي بعد الهجوم العنيف على المملكة العربية السعودية بحيث انهما اضطرا الى التبرؤ من مضمون هذه المواقف بعد تقييم سلبي لشكلها وتوقيتها.

وقالت هذه المصادر ان المناقشات الحادة التي شهدتها الايام القليلة الماضية، والتي تمحورت حول مجموعة العناوين التي أشار إليها رئيس الجمهورية في رسالته الاخيرة الى اللبنانيين، رفعت من منسوب التوتر على الساحة الداخلية ما بات يستوجب اتخاذ موقف منها على مستوى رئيسي الجمهورية والحكومة فهما من المعنيين بهذه العناوين مباشرة في وقت لا زال خلافهما قائماً حول معظمها، كما بالنسبة الى قضايا اخرى تتصل بالتحضيرات الجارية للمفاوضات المقبلة مع صندوق النقد الدولي والتدقيق الجنائي والى ما هنالك من قضايا ما زالت موضوع بحث وجدل ولم يحصل توافق نهائي حولها.

وفي حال تناول البحث موضوع فتح دورة استثنائية لمجلس النواب قالت مصادر بعبدا لـ«الجمهورية» ان كل ما يحكى حول هذه الخطوة لا أساس له من الصحة، فلم يفاتح أحد رئيس الجمهورية في موضوع هذه الدورة حتى هذه اللحظة واّن ما نقل عن لسانه لجهة رفضه توقيع مرسوم فتحها ليس صحيحاً فعند طرح الموضوع يمكن اتخاذ أي موقف.

وتعليقاً على الحديث عن عريضة نيابية تطلب فتح الدورة التشريعية والتي باشر بعض الكتل المعارضة لعون توقيعها، قالت المصادر لـ«الجمهورية»: «ننتظر ترجمة هذا الحديث الذي اطلعنا عليه في الصحف ليبنى عليه ما ينبغي من قرارات».

وعن الدعوة الى طاولة الحوار الوطني التي يمكن عون ان يوجهها قالت المصادر «ان رئيس الجمهورية ما زال يستقصي المواقف منها وقد يكون توجيه الدعوة اليها لا زال مبكرا قبل ضمان نتائجها. فعناوينها وطنية كبرى لا يمكن تفسيرها بأنها لتعويم فلان او علّان، علماً ان الدعوة الى طاولة حوار هذه المرة هي لدوافع إنقاذية وليست سياسية، وعلى هذه الأسس يجب النظر إليها عند البحث في الاستراتيجية الدفاعية وخطة التعافي ومصير اعمال مجلس الوزراء واللامركزية الادارية على مسافة أشهر من نهاية ولاية رئيس الجمهورية ولا يمكن تفسيرها لغايات شخصية كما يحاول البعض ان يصورها».

وكان اللافت امس الازمة التي نشأت بين ميقاتي و«حزب الله» على خلفية موقفه المعارض لحملة السيد نصرالله في خطابه امس الاول على السعودية رداً على وصفها «حزب الله» بأنه «إرهابي»، وفي هذا الاطار علّق عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب حسن فضل الله على موقف ميقاتي قائلاً: «كنَّا ننتظر من دولة الرئيس أن يُعلي من شأن الانتماء الوطني وينتفض لكرامة وطنه في وجه الاساءات المتكرِّرة من المملكة العربية السعودية ضد الشعب اللبناني، وآخرها تصريحات ملكها ضد شريحة واسعة من اللبنانيين باتهامها بالإرهاب، بما يشكّله ذلك من إساءة كبرى لمقدسات هؤلاء اللبنانيين وفي طليعتها دماء شهدائهم وتضحيات مقاوميهم في وجه العدو الصهيوني». واضاف: «على رغم كل التنازلات التي قدمها الرئيس ميقاتي بما فيها: استقالة وزير الاعلام، إطلاق المواقف والتصريحات التي تُخالف حتى ادعاء النأي بالنفس، والمحاولات الدؤوبة التي بذلها هو ووزير خارجيته منذ توليهما المسؤولية، فإنه لم يحظ بمجرد اتصال من سفير المملكة في بيروت خلافاً لكل الأعراف الدبلوماسية والأصول وأدب العلاقة والتخاطب». واعتبر انّ «أكثر ما يُسيء إلى لبنان ودوره ونديَّة علاقاته الخارجية هو تَخلّي بعض مسؤوليه عن واجبهم الوطني في الدفاع عن دولتهم ومصالح شعبهم، وعدم الاقلاع عن مهاتراتهم، وتسجيل المواقف في حساب ممالك لن ترضى عنهم مهما قدموا من تنازلات وهدروا من ماء وجههم».

وكانت مواقف السيد نصرالله قد تفاعلت في الاوساط الرسمية والسياسية، وأكد رئيس الجمهورية في تغريدة عبر تويتر «حرص لبنان على العلاقات العربية والدولية لا سيما مع دول الخليج وفي مقدمها السعودية»، لافتا إلى أن «هذا الحرص يجب ان يكون متبادلاً لأنه من مصلحة لبنان ودول الخليج على حد سواء».

 

الحريري وجنبلاط

وخرج الرئيس سعد الحريري عن صمته ليدلي بدلوه مُجارياً كلّاً من عون وميقاتي في رفضهما مواقف نصرالله فغرد عبر «تويتر» كاتباً: «إلى السيد حسن نصرالله: إصرارك على استعداء السعودية وقيادتها ضربٌ متواصل من ضروب المغامرة بلبنان ودوره ومصالح ابنائه. السعودية لا تهدد دولة لبنان بالعاملين فيها والمقيمين بين اهلها منذ عشرات السنين».

وأضاف: «السعودية ومعها كل دول الخليج العربي احتضنت اللبنانيين ووفرت لهم فرص العمل ومقومات العيش الكريم. مَن يهدد اللبنانيين في معيشتهم واستقرارهم وتقدمهم، هو الذي يريد دولة لبنان رهينة دولة ايران وامتداداتها في سوريا والعراق واليمن ولبنان». وختم: «أعلم أنك لن تتراجع عن اساليب الاستفزاز والشتم لدول الخليج العربي، لكن الكل يعلم ان التاريخ لن يرحم حزباً يبيع عروبته واستقرار وطنه ومصالح اهله لقاء حفنة من الشراكة في حروب المنطقة».

وبدوره، غرّد رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط عبر «تويتر»، كاتباً: «هل تقف حرب اليمن في إعتبار اللبنانيين العاملين والقاطنين في المملكة منذ عقود رهائن وهل تحل الامور بالتهجم الشخصي على الاسرة المالكة؟». وسأل: «ماذا تريد ايران من لبنان ومن المنطقة؟».

 

«لبنان القوي»

وفي المواقف اعلن تكتل «لبنان القوي» خلال اجتماعه الدوري في مقره العام أمس «الإستعداد الكامل لتلبية طاولة الحوار التي دعا إليها رئيس الجمهورية لمناقشة ثلاثية اللامركزية الإدارية والمالية والإستراتيجية الدفاعية وخطة التعافي المالي». وإذ اعتبر أن «المؤسسات الدستورية وجدت لتعمل، وفي طليعتها مجلس النواب ومجلس الوزراء»، اكد «ضرورة تفعيل عمل هذه المؤسسات بكل الوسائل الدستورية الممكنة».

وفي حين استغرب «حملة التشويه والافتراء التي يشنّها البعض على اللامركزية الإدارية والتي تم الاتفاق عليها في وثيقة الوفاق الوطني»، رأى أنّ «الحملة الخبيثة ضد اللامركزية هدفها الإبقاء على النظام السياسي الريعي القائم على غياب الشفافية والتسلط على المال العام والتحكم بإدارته وتوزيعه مغانم ومحاصصات، وهو نظام أثبت فشله وأوصَل البلاد الى الإنهيار».

 

الدولار يكسر المحظور

مالياً، كسر الدولار المحظور مرة أخرى أمس وحقق رقما قياسيا جديدا ودراماتيكيا بعدما وصل أمس الى سقف الـ30 الف ليرة، فيما القوى السياسية منشغلة بسجالاتها ونزاعاتها التي لم تعد تهم المواطن في شيء.

وقمة المأساة ان الدولار يواصل ارتفاعه البهلواني من دون إعطاء «ضحاياه» اي «مظلات» تعينهم على هبوط آمن او أقله محدود الخسائر، إذ لا البطاقة التمويلية أصبحت جاهزة، ولا الحد الأدنى للأجور ارتفع ولا الأسواق الفالتة تخضع للرقابة والضبط لحماية المستهلك من جشع بعض التجار، ولا الودائع المصرفية المحتجزة تحررت ولا الحكومة قادرة على الاجتماع، بحيث صار اللبناني المتروك يواجه يومياته باللحم الحي، في حين أنّ المسؤولين عنه وأمامه يخوضون معارك كسر عظم حول أجندة منفصلة عن هموم الناس واهتماماتهم.

وعلى وقع التدهور المستمر في سعر الصرف، تخوفت اوساط سياسية عبر «الجمهورية» من المفاعيل المحتملة لما يحصل، خصوصاً ان صعود الدولار، اذا استمر على هذا النحو، قد يعجّل في تعميم الفوضى وحصول الانفجار الاجتماعي الذي يجري التحذير منه منذ فترة، الأمر الذي من شأنه ان يضع إمكان إجراء الانتخابات على محك حقيقي. ونبّهت هذه الاوساط الى ان القدرة على التحمل والتكيف انتفت لدى شريحة واسعة من اللبنانيين، وبالتالي ليس معلوماً ما الذي يمكن أن يجري والى ماذا ستؤول اليه الاوضاع اذا استكمل الدولار رحلته نحو قمم إضافية.

 

فتح المدارس

ومن جهة ثانية يحضر ملف إمكان اعادة فتح المدارس على طاولة بعبدا في اللقاء الذي سيجمع اليوم رئيس الجمهورية مع وزير التربية القاضي عباس الحلبي الذي سينقل الى رئيس الجمهورية حصيلة المشاورات التي أجريت أمس في السرايا الحكومية، وخصوصا اللقاء الذي جمعه مع رئيس الحكومة ووزير الصحة فراس الابيض والآلية التي ستعتمد لإعادة فتح المدارس مع ضمان الحؤول دون ما هو متوقع من اجتياح جائحة كورونا للقطاع التربوي قبل ضمان النسبة المطلوبة من تلقيح الجهاز التعليمي والطلاب.

وحذر الأبيض امس من أن فتح المدارس سيؤدي حتماً إلى تسهيل انتشار فيروس كورونا. وكتب في تغريدات «تويترية»: «في اجتماع اليوم (أمس) في وزارة التربية والتعليم العالي، ليس السؤال المهم ما إذا كان ينبغي أن تظل المدارس مغلقة بسبب تسونامي أوميكرون. السؤال هو كيف تستأنف الدروس بأمان، للطلاب والمعلمين والإداريين والأسَر والمجتمع بشكل عام؟». واعتبر أنه «يجب على المدارس التأكد من اتّباع الجميع تدابير السلامة، وأهمها ارتداء الكمامة». وقال: «لم يكن سلوك الأهل والمجتمع في الأيام القليلة الماضية مثالاً جيداً. في الشتاء، سيكون من الصعب استخدام التهوئة الطبيعية للحفاظ على الهواء نظيفاً ومنع انتشار الفيروس».

 

كورونا

الى ذلك سجل عداد الاصابات بفيروس كورونا امس ارتفاعا كبيرا حيث بلغ عدد الاصابات حسب التقرير اليومي لوزارة الصحة العامّة 5087 إصابة جديدة (4864 محلية و223 وافدة) ليرتفع العدد الإجمالي للإصابات منذ تفشي الوباء في شباط 2020 الى 740814. كذلك سجل التقرير ارتفاعا في عدد الوفيات حيث بلغ 19 حالة جديدة، ليرتفع العدد الإجمالي للوفيات الى 9193. وأعلن معهد مستشفى جامعة مرسيليا للأمراض المعدية أمس عن رصد متحور جديد لفيروس كورونا في جنوب فرنسا، يحمل اسم «B.1640.2».

وبثت قناة «سكاي نيوز عربية» انه «تم تسجيل أول حالة إصابة مؤكدة بهذا المتحور لدى مسافر عاد من الكاميرون إلى فرنسا قبل نحو شهر».

واشارت قناة «العربية» الى إصابة 12 شخصاً بنوع غير معروف حتى الآن من سلالة فيروس كورونا، مشيرة إلى أنّ المصاب صفر هو كاميروني عائد من بلاده إلى مدينة مرسيليا جنوب فرنسا.

 

تحركات ليلية

وليلا، أفادت «الوكالة الوطنية للاعلام» أن عددا من الأشخاص قطعوا مستديرة بلدة ميروبا الكسروانية بالإطارات المشتعلة لبعض الوقت إحتجاجاً على تردي الأوضاع المعيشية وارتفاع سعر الدولار وغلاء صفيحة البنزين، لكنّ وحدات الجيش المنتشرة في المنطقة أعادت فتح المستديرة أمام حركة السير، قبل أن يقدم عدد آخر من المحتجّين على اقفال طريق يسوع الملك بالإطارات المشتعلة ومستوعبات النفايات للأسباب عينها.

theme::common.loader_icon