مانشيت- بداية السنة مأزومة قضائياً وتشريعياً.. وسلــمان للقيادات: أوقفوا هيمنة "الحزب" على مفاصل الدولة
مانشيت- بداية السنة مأزومة قضائياً وتشريعياً.. وسلــمان للقيادات: أوقفوا هيمنة "الحزب" على مفاصل الدولة
Friday, 31-Dec-2021 05:49

يودّع لبنان اليوم سنة 2021 بكل ما حملته من سابقتها من ازمات وبقيت بلا حلول ليستقبل غداً سنة جديدة تنوء بهذه التركة الثقيلة مضافاً اليها الازمات الاضافية المتراكمة على امل ان تشهد السنة الطالعة بدء المعالجات الموعودة لكل هذه الازمات، والتي كان آخرها الازمة الديبلوماسية التي نشأت بين لبنان والمملكة العربية السعودية وبعض دول الخليج العربي وخفّف من وطأتها تواصل الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان هاتفياً مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي اثناء لقائهما الاخير في جدة. وعلى رغم انّ هذا التواصل لم يستتبعه بعد اي خطوات عملية لإعادة تطبيع العلاقات بين بيروت والرياض، فقد برز امس موقف لافت لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في خطابه لدى افتتاح أعمال السنة الثانية من الدورة الثامنة لمجلس الشورى السعودي حيث قال: «انّ المملكة العربية السعودية تقف الى جانب الشعب اللبناني الشقيق، وتحث جميع القيادات اللبنانية على تغليب مصالح شعبها والعمل على تحقيق ما يتطلع اليه الشعب اللبناني الشقيق من امن واستقرار ورخاء وايقاف هيمنة «حزب الله» على مفاصل الدولة».

إنتهت سنة 2021 من دون ان ترتسم نهاية لواحدة من الازمات المتراكمة والتي ستجر نفسها الى السنة الجديدة 2022 بلا افق، وتبدأ من ازمة عدم انعقاد مجلس الوزراء ولا تنتهي بالاهتراء المستفحل في مفاصل الدولة والارتفاع الجنوني للدولار وتعثر خطط الاصلاح والانقاذ. اما مطلع السنة الجديدة فيخيّم عليه التطور القضائي برفع الحصانة عن النواب المدعى عليهم في قضية انفجار مرفأ بيروت وذلك في ضوء انتهاء العقد التشريعي الثاني العادي لمجلس النواب اليوم وعدم توقيع مرسوم فتح دورة تشريعية استثنائية للمجلس حتى الآن، ما يعني أن النواب الذين صدرت بحقهم مذكرات توقيف سيعتبرون ملاحقين امام القضاء.

 

وفي هذا السياق برزت العريضة النيابية التي رفعها عدد من النواب الى الامانة العامة للمجلس النيابي من اجل توزيعها على النواب لتوقيعها، وهي تطلب من رئيس الجمهورية اصدار مرسوم بفتح دورة استثنائية للمجلس تجاوباً مع طلب تكتل «لبنان القوي» من رئيس مجلس النواب نبيه بري الدعوة الى جلسة نيابية عامة لمساءلة للحكومة، وكذلك للبت بالقوانين الملحة والمهمة التي وردت في كلمة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الاخيرة الى اللبنانيين.

 

وفيما بقيت مفاعيل قرار «الثنائي الشيعي» عدم الرد على كلمة رئيس الجمهورية سارية المفعول، علمت «الجمهورية» ان هذا القرار سيخرق «على القطعة».

 

ورداً على بيان رئاسة الجمهورية أمس حول التفسيرات والتبريرات التي اعطيت لكلمته، وبالتحديد بما خص اللامركزية الادارية والمالية، قالت مصادر مطلعة على موقف الثنائي لـ«الجمهورية» ان «هذا التوضيح لم يقنع احداً لأن المركزية الادارية تختلف عن المركزية المالية وبالتالي لم يحصل في تاريخ لبنان ان تحدث رئيس جمهورية ملتزم بإتفاق الطائف باللامركزية المالية».

 

الى ذلك قالت مصادر واسعة الاطلاع لـ«الجمهورية» ان الترددات التي تركتها رسالة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرد الذي تلقّاه عليها من ميقاتي لن تتوقف في المدى المنظور، وستبقى تتفاعل في الكواليس السياسية التي تجمع مسؤولي «التيار الوطني الحر» بمسؤولين في «حزب الله» وما بينهما الإتصالات الجارية مع حركة «أمل» التي تقع في موقع «حليف الحليف» في السر والعلن. وكلّ ذلك يجري بنحو مكثف لمواكبة المرحلة والتخفيف من التشنجات المنتظرة ان لم تعالج القضايا العالقة ويفك أسر الحكومة وتعيد العلاقات بين السطات المعنية بشؤون البلاد والعباد.

 

وقَللت هذه المصادر من اهمية المساعي الجارية لترتيب الأوضاع في ظل الإنقسامات الحادة بين اللبنانيين افقيا وعموديا، فالإنقسام الشعبي لم يعد ممكنا معالجته ما لم يُنه المسؤولون حال الإعتكاف والإنكار المتمادي التي يمارسونها بين بعضهم البعض وتجاه الاطراف والسلطات الاخرى المعنية بالملفات العالقة ولا سيما منها الامنية والقضائية. فالقطيعة القائمة الناجمة من انعدام الاتصالات بين قصر بعبدا وعين التينة ووجود رئيس الحكومة خارج لبنان تعوق كثيراً مما كان يمكن إنجازه في عطلة عيد رأس السنة، وهو ما عزّز الفرز الحاصل على اكثر من مستوى رئاسي او حكومي وسياسي وطائفي.

 

وقالت المصادر ان أخطر ما يمكن ان يؤدي اليه هذا الانقسام انه انعكسَ على مواقف الأحد المنتظرة لرئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل وفي اليوم التالي الاثنين للأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله في وقت تتكثّف الإتصالات السياسية لرصد المواقف المنتظرة من اليوم مخافة أن لا تنجح الإتصالات الجارية في كبح جماح قواعد الطرفين المستنفرة على اكثر من مستوى، وخصوصا في الدوائر الإنتخابية المختلطة التي شهدت تعاوناً غير مسبوق في انتخابات العام 2018 وخصوصا في الملفات الاساسية التي ركز عليها رئيس الجمهورية في رسالته، والتي فاجأت بعض المراجع السياسية ليس بسبب حجمها بل لجهة التثبت من انها لم تستدرج الثنائي الشيعي الى اي رد فعل كان منتظراً.

 

وعلى هذه الخلفيات قالت المصادر السياسية المطلعة لـ«الجمهورية» انّ صمت «حزب الله» تجاه مواقف رئيس الجمهورية لن يطول، فالمهلة باتت قصيرة وهي تمتد من صباح اليوم الى ظهر بعد غد الأحد ليأتي الجواب الشافي في مهلة أقصاها الاثنين المقبل.

 

وختمت المصادر السياسية مؤكدة لـ«الجمهورية» أنه «لا يجب إسقاط احتمال ان يكون ما جرى حتى الامس القريب مجرد توزيع ادوار من اجل الاحتفاظ بالتمثيل النيابي الذي حققه الطرفان في الانتخابات النيابية السابقة، فعلاقتهما تحسم مصير أكثر من 12 نائباً من تكتل «لبنان القوي» الذي كرّس توافقاً بين حليفي تفاهم مار مخايل، وهو امر لن يطول لإثباته او نفيه فالايام القليلة المقبلة ستُنهي هذا الجدل الذي ما زال قائما حول هذه الموضوع.

 

برنامج التعافي

الى ذلك التقى عون نائب رئيس الحكومة سعاده الشامي، الذي وضعه في اجواء الاجتماعات التي تعقد تحضيراً لإنجاز برنامج التعافي الاقتصادي، حيث شدد عون على ضرورة الاسراع في وضع الخطة تمهيداً لعرضها على خبراء صندوق النقد الدولي، وتحديد كل المعطيات الدقيقة التي يحتاجها الصندوق خلال مرحلة التفاوض اللاحقة.

 

وبعد اللقاء قال الشامي انه أطلع رئيس الجمهورية على آخر المستجدات في مجال التفاوض مع صندوق النقد الدولي «خصوصاً انني مكلّف متابعة هذا الملف. ووضعتُ رئيس الجمهورية في اجواء ما حصل خلال زيارة وفد الصندوق الى لبنان اوائل الشهر الحالي، حيث كانت هناك جولة من المناقشات والمحادثات المهمة في المواضيع المتعلقة بالسياسة المالية والقطاع المصرفي وسعر الصرف وغيرها». واوضح ان «هذه المفاوضات ستتعمق أكثر خلال زيارة ستقوم بها بعثة موسعة من صندوق النقد لبيروت خلال شهر كانون الثاني المقبل، ونحن نحضّر مختلف الملفات لتكون جاهزة لهذه المفاوضات على امل ان نصل الى اتفاق مع الصندوق بأسرع وقت ممكن».

 

وفي معلومات «الجمهورية» ان الشامي ابلغ الى عون ان اللجنة الوزارية المكلفة ملف المفاوضات مع صندوق النقد الدولي قد أنجزت امورا كثيرة، وأن الشق التقني وما تتطلبه عملية إطلاق المفاوضات باتت منجزة.

 

وقالت مصادر معنية بهذا الملف ان «موضوع توحيد الأرقام الخاصة بالخسائر التي لحقت بمصرف لبنان والقطاع المصرفي والمودعين لم ينته بعد، وان هذه الخسائر تحتاج الى قرارات كبرى لتوحيدها مع الحرص الدائم على حماية اموال المودعين، فهؤلاء هم الاكثر تضرراً من الوضع الاقتصادي والنكبة التي حلت باللبنانيين».

 

قراءة اقتصادية

الى ذلك، ومع انتهاء العام 2021، يمكن القول ان لبنان واجَه خلال هذه السنة معاناة مالية واقتصادية قاسية. ولعل المحطات الاساسية التي طبعت الوضع يمكن اختصارها بالنقاط التالية:

 

أولاً - انتهاء زمن الدعم، بحيث ارتفعت اسعار السلع بنسب مئوية هائلة، وتراجعت القدرة الشرائية للمواطنين الى مستويات غير مسبوقة.

ثانياً - هطلت التعاميم عن مصرف لبنان مثل زخات المطر. واحيانا كان يصدر التعميم ثم يليه تعميم آخر لتصحيح ما أفسده التعميم السابق. لكن أشهَر التعاميم التي حفظها المواطن، هي 151، (سعر السحب)، 154 (اعادة رسملة المصارف)، 158 (اعادة الودائع الصغيرة)، 161 (سحب الودائع والرواتب بالدولار الطازج).

ثالثا - استمرار ارتفاع اسعار صرف الدولار بالوتيرة نفسها تقريبا لما جرى في العام 2020، حيث بدأ العام 2021 بسعر دولار يقارب الـ8 آلاف ليرة وانتهى بسعر قريب من الـ28 الف ليرة.

رابعا - انهيار القطاع الصحي بسبب الأزمة المالية، حيث اصبح المواطن مكشوفا صحيا، اذ لم يعد الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي قادراً على تغطية التزاماته، وبات اللبناني عاجزا عن دخول المستشفى، الا اذا امتلك قدرات مالية ذاتية تسمح له بذلك.

 

هذه المحطات القاتمة التي شهدها العام 2021، هل ستستمر في العام 2022؟ وما هي القراءات التي يمكن استخلاصها من المؤشرات؟

يوضح خبير اقتصادي لـ«الجمهورية» ان لبنان سيكون امام مفترق طرق في هذا العام الذي يُفترض ان يشهد استحقاقين اساسيين يقرران مصيره. الاستحقاق الاول يرتبط باستكمال المحادثات مع صندوق النقد الدولي والوصول الى اتفاق على برنامج يموّله الصندوق للتعافي. والثاني يرتبط بالانتخابات النيابية، التي قد تُحدِث تغييراً ما في المشهد السياسي.

 

يضيف المصدر نفسه، ان البلد سيكون امام احتمالين متناقضين في العام الجديد. اذا جرت الانتخابات النيابية في موعدها، واذا تمّ التوصّل الى اتفاق مع صندوق النقد الدولي، فهذا يعني ان مسيرة التعافي بدأت، وسنكون في مرحلة صعود ولو بطيء من الحفرة في اتجاه النور. وهذا يعني أيضاً انّ سعر صرف الدولار، والمالية العامة للدولة، والوضع الاقتصادي برمّته سيكون في حال افضل من العام 2021. أما اذا حصل العكس، ولم تجر الانتخابات النيابية، وفشلت المفاوضات مع صندوق النقد في التوصّل الى اتفاق، فهذا سيقود البلد الى كارثة كبيرة والى ما يتوافق على تسميته الارتطام الكبير، حيث سيصبح سعر الدولار متفلتاً وبلا سقف، وسيكون الوضع الاجتماعي برمّته قابلا للانفجار، ولا احد سيضمن الى اين سيقود مثل هذا الوضع غير القابل للضبط.

 

كورونا

صحياً، سجل عداد الاصابات بفيروس كورونا ارتفاعا جديدا، حيث أعلنت وزارة الصحة العامّة في تقريرها اليومي حول مستجدات هذا الفيروس تسجيل 4537 إصابة جديدة (4333 محلية و204 وافدة) ليرتفع العدد الإجمالي للإصابات منذ تفشي الوباء في شباط 2020 الى 723640. كذلك سجل التقرير 15 حالة وفاة جديدة، ليصبح العدد الإجمالي للوفيات 9102.

theme::common.loader_icon