على ذِمّة مَحْضر العُشّاق
على ذِمّة مَحْضر العُشّاق
عبد الغني طليس
Thursday, 02-Dec-2021 06:27

أَبلَغتُ قلبي بأنّي مُشبَعٌ أسَفا
لرفْضِها.. أنّ عُودي باسْمِها عزَفا
حسِبتُها تُدركُ المعنى: لِمَا ولمَن
يقالُ شِعرٌ مليءٌ.. بالرؤى اخْتَلَفا
لكنْ تَيقّنتُ أنّي واهمٌ… وعلى
بعضِ النساءِ يمُرُّ الشِّعرُ مُنحَرفا !
ظنَنتُ بالشِّعرِ أسْتَفتي نضارَتها
وأسْتَفِزُّ بها الأفكارَ والشّغفَا
كتبتُ قوْلَ خَيالي عن مفاتِنِها
ذاكَ الخَيَالُ المُغَنّي مِنْ صميمِ صَفا
ورغمَ ذاكَ ارْتَمتْ في حِضنِ رهْبَتِها
كي لا تُحسَّ جديداً.. لامِساً بِخَفا
أحلى عليها بقاءٌ خلف صورتِها
مِنْ أنْ تُنَفّضَ عنها الهمّ والعَسَفا
مرتاحةٌ لمَسيرٍ لا يُكلّفُها
إلّا اسْتِعادةَ تَكرارٍ سَهَا وغَفا
ومنْ تجرّأ أنْ يُومِي لها بِيدٍ،
بألَفِ شكلٍ ولونٍ فاقعٍ، كُسِفا
لَمْلِم جراحكَ يا هذا الفتى فلَقَد
ناديتَ مَن أخذَت مِنْ حِجْرها كَنَفا
وعزّزَتْهُ بأحجارٍ تشِي حَذَراً
وكرّسَتْهُ بأبعادٍ.. تُقيمُ جَفَا
أخاطبُ الجسَدَ الرَّمّاحَ ترمقُني
بلامبالاةِ عينٍ.. جَهْلُها وُصِفا
أُشِيْدُ بالوجهِ يزهو كالصلاةِ فلا
تُعيرُ ذِهْناً ولا وقتاً ولا كَلَفا
أُبْدي لسُمْرَتِها مَيْلاً، فتَصْدِمُني
«لو كنتُ شقراءَ أحلى» أسْتَعيذُ: كَفى
وتدّعي أنّ صوتَ العقلِ يمنعُها
منَ القَبولِ برأيٍ.. كالزمانِ عَفَا
.. دَعْ عنكَ ما أنتَ تروي مِنْ روائعِها
ما دامَ ميزانُها عن نفسهِ اعتَرَفا
لا ترفضُ امرأةٌ ورْداً يكلّلُها
إلّا إذا القهرُ في إحساسها قَصَفا
والإنصياعُ لنَقْرِ القهرِ في جسَدٍ
صِنوُ احتلال لمَا في الروحِ قد نَزَفا..
كأنّها مِنْ نساءٍ ضِعْنَ عن عَمَدٍ
عُمراً، وسَيلُ غبارٍ حولَهُنّ طَفا
يا ليتَ شِعري.. أنا ما كنتُ أحسَبُني
أقولُ لامرأةٍ ثُوري.. أرى أنَفَا
أقولُ قُدّامَكِ الأشجارُ لاهيةٌ
وذي الينابيعُ.. قومي وارقُصي رَهَفا
فتنثني بِنْتَ يأسٍ قاتلٍ عَبَثَاً
كَريحِ بنتِ شَمالٍ.. قَرْصُها زحَفا
فأهْجُرْ طريقاً تؤدي نحوَها، وأعِدْ
للقلبِ ما منهُ في إهمالِها خُطِفا
وارجِعْ سريعاً إلى حيثُ النّساءُ لها
طبيعةُ النهرِ.. فَكَّ القيدَ وانصَرَفا..
وَدُلَّ قلبكَ أنْ تَهْدَا مَراكبُهُ
من بَعدِ أنْ يَدْهَمَ الأمواجَ والصَّدَفا
فمَنْ تَعلّمَ أنْ يُعطي بلا هدَفٍ
لا كالذي واضعٌ في جَيبِهِ هَدَفا
حتى الجبالُ تَوَدُّ الإنزياحَ إذا
ما عايَنَتْ مَشهَداً أحلى، لها هَتَفا
وأنتَ يا ذا الفتى.. خلّيكَ مِلءَ غدٍ
فالدهرُ في مَحْضَرِ العُشّاقِ.. قد وَقَفا

theme::common.loader_icon