مش هيك يا جمهورية
مش هيك يا جمهورية
محمد ظافر العرادة

أمين سر اتحاد الإعلام الإلكتروني الكويتي

Wednesday, 01-Dec-2021 05:49

لطالما كنت أرفض الأنظمة الجمهورية «الجماهيرية لا أكثر» والتي تبتدئ يومها بالهتافات العسكرية: «عاش الرئيس المبجّل.. عاش المناضل الأبدي»، وهي ليست سوى شعارات لا تسمن ولا تغني من جوع، على عكس الأنظمة الملكية أو الوراثية الدستورية والتي تضع حداً واتزاناً لجميع السلطات في كافة الصراعات، وما ان تبتدئ الأمور بالاختلال حتى يأتي قرار الدولة حاسماً من شخص يرضى به الجميع ومثال على ذلك بريطانيا العظمى، والتي ما زالت عظمى على رغم تقلّص مساحتها وآخرها في باربادوس والتي تحولت الى جمهورية وخلعت وقار التاج البريطاني، والغريب أنّ أغلب الأنظمة تتحول إلى أنظمة جمهورية بينما قلة قليلة تعود إلى النظام الملكي، ومثال على ذلك اسبانيا وكمبوديا.


موضوعنا الأساسي هو لماذا تحولت أغلب الأنظمة العربية إلى جمهوريات في منتصف القرن الماضي؟ آتيةً معها بسيول من الدماء التي ما زال الجميع يدفع ضريبتها، واستمرت أغلب هذه الأنظمة بلا ديمقراطيات على الرغم من أنها كانت تنادي بها، وأصبحت أكثر دكتاتورية وراديكالية من أي نظام ملكي في العالم؛ لأن الحكم القائم بها حكم عسكري، وعلى مسار هذه الزاوية إليكم في العراق مثالاً مهماً لا سيما أنّ العراق بلد عظيم متعدد المذاهب والأديان والأعراق، فعندما جاءها النظام الملكي كانت الحريات به أكثر بكثير من حقبة ما بعد 14 تموز 1958م؛ بل انّ الحقبة التي تلت ذلك هي حقبة استهداف وقتل «وجرجرة في الشوارع» على مرأى الجميع، فماذا استفاد العراق غير هتافات الضباط الأحرار الذين قيدوا حريات الأمة العراقية؟


وإليكم مثال لما يجري اليوم في ليبيا كذلك، وبلدان عربية أخرى، لذا لماذا العنصر العربي يسعى لمسار وعندما يتحقق يَنتكس هذا المسار باستبداد أكبر وأعظم؟ ماذا لو كان العراق اليوم ملكياً، وليبيا ملكية، وسورية ملكية، وغيرها من البلدان، وأيضاً اليمن ماذا لو كانت في نظام ملكي دستورية لا سيما أنّ اليمن تجمع مجموعة من القبائل، واليمن هي من أرست هذا النظام منذ القدم.


أشياء كثيرة تحتاج لإعادة التقييم، مع العلم بأنّ الملكية ليست استبدادية كما يصوّر عنها؛ بل هي أرأف وأحنّ على العرب، وأقرب لتصوراتهم وتطلعاتهم، ومن هذا المنطلق أدعو جميع العرب لإعادة تقييم أوضاعهم ورص صفوفهم، وألا يكونوا وقوداً بين الشرق والغرب، وهم الذين كانوا يقودون مشارق الأرض ومغاربها، والأيام دول وها نحن اليوم نعيش أسوأ الحقب العربية، وتستمر صراعاتنا الدينية والطائفية، ونحن أمة واحدة أحفاد تاريخ واحد، والتاريخ لا يرحم!

theme::common.loader_icon