اليوم، إصطحب والد «هادي» إبنه الصغير إلى إحدى المعالم الموجودة في المدينة الكبيرة. كان «هادي» متحمساً لإكتشاف المعمل الكبير والعمال الذين يعملون فيه. عند وصوله إلى المكان المقصود، بدأت أسئلة «هادي» تمطر على والده: «لماذا؟ «كيف؟» و»ما هذا؟».
وقد لاحظ «هادي» بأنّ جميع العمال هم بالغون كأبيه. ولكن خلال الزيارة، لاحظ «هادي» بأنّ هناك طفلاً يعمل هناك:
-ما إسمك وما عمرك؟
سأل «هادي» الطفل الذي جاوبه وهو يكمل عمله:
-إسمي «عمر» وعمري 13 سنة. أنا هنا منذ حوالى السنة. وأنا أعمل لمساعدة أهلي.
فطرح صديقنا الصغير سؤالاً آخر:
- ولمَ لست في المدرسة؟ ألا تحبها؟
إبتسم الطفل وقال:
- كنت أحب المدرسة، ولكن الآن حياتي تغيّرت. فأنا أعمل كل يوم من الساعة السابعة والنصف صباحاً حتى الخامسة والنصف. العمل صعب ولكنني بحاجة له. فالحياة صعبة ويجب أن أساعد اهلي.
سمع والد «هادي» الحديث الذي دار بين الطفلين، وخلال رجوعهما إلى البيت، قال الأب لإبنه:
- هناك يا «هادي» الكثير من الأطفال الذين يعملون لمساعدة اهلهم. فالأحوال الاقتصادية الصعبة هي التي تدفع الكثير من الأطفال للتوجّه إلى سوق العمل.
فردّ «هادي» على والده متمرّداً:
- ولكن هذا ليس عدلاً يا أبي! يحق لكل طفل الذهاب إلى المدرسة. ولا يمكن لطفل أن يعمل قبل أن يصبح شخصاً بالغاً.
هزّ الأب برأسه موافقاً على كلام إبنه ثم قال له:
- كلامك صحيح يا بني. ولكن للأسف ليس كل ما نتمناه يتحقق. ولكن يمكننا أن نغيّر الواقع!
- وكيف ذلك يا أبي؟
سأل مجدداً «هادي» ونظر الى والده منتظراً جواباً:
- يمكننا أن نساعد «عمر» كي يرجع إلى المدرسة من خلال المؤسسات التي تساعد في هذا الإطار. وإذا هو لا يريد الرجوع إلى المدرسة، يمكننا أن نوجّهه إلى مدارس مختصة لكي تعلمه المهن وتساعده علمياً قبل الإنخراط في العمل.
ففكر «هادي» بكلام أبيه ثم أضاف:
- كما يمكننا أن نطلب من المسؤول عن عمل «عمر» في المعمل الكبير أن يساعده مادياً ومعنوياً لتخطّي مشاكله وللتقدّم في علمه وعمله.
إبتسم الوالد لإبنه «هادي» الذي يعرف أنّ كل طفل يحق له أن يذهب إلى المدرسة، وأن يعيش طفولته بشكل كامل وسوي، ليكون شخصاً فعّالاً في مجتمعه.