الطعن أمام الدستوري سيُرَد حُكماً
الطعن أمام الدستوري سيُرَد حُكماً
سعيد مالك

محام وخبير دستوري

Thursday, 21-Oct-2021 08:14

علّق المجلس النيابي في جلسته المنعقدة بتاريخ التاسع عشر من الشهر الجاري، المادة /112/ وسواها من قانون الإنتخابات الرقم 44 / 2017، المتعلّقة بتخصيص المغتربين بـ6 مقاعد...

 

لوّح رئيس تكتّل «لبنان القوي» النائب جبران باسيل أن التكتّل سيلجأ إلى المجلس الدستوري للطعن بهذا التعليق، لمخالفته مبدأ الأمان التشريعي sécurité juridique والحقوق المكتسبة Droits acquis، مُعتبراً أنّ حرمان المغتربين من حق انتخاب 6 نوّاب لهم، كما هو منصوص عليه في قانون الإنتخابات الرقم 44 / 2017 يُعتبر خرقاً للمبدأ الدستوري والمومَأ إليه أعلاه.

 

وبالعودة إلى الدستور ونصوصه وفقهه واجتهاده، يتبيّن جليّاً أن المجلس الدستوري اللبناني عالج هذه المسألة (مسألة الأمان التشريعي والحقوق المكتسبة) في قراره الرقم 6 / 2014 تاريخ 6/8/2014، وخلص إلى التأكيد أن مبدأ الأمان التشريعي لا يعني ثبات أوضاع قائمة، إنما أقرّ بإمكانية تطويرها بتشريعات متدرّجة زمنيا، في شكل يُساهم في الإنتقال إلى وضع تشريعي أكثر إنصافا وانسجاما مع القواعد القانونية العامة.

 

وخلص القرار أيضا إلى أن مبدأ الأمان التشريعي لا يُنشئ حقّاً مُكتسباً، إذا كان مستندا إلى قانون مخالف أصلاً لأحكام الدستور.

 

فالسؤال المطروح: هل أن الطعن بهذا التعليق أمام المجلس الدستوري، والمَنْوي تقديمه من قبل تكتُّل «لبنان القوي»، سيُبطِل التعليق لمخالفته الدستور، ولمخالفته مبدأ الأمان التشريعي والحقوق المكتسبة ؟

• من الثابت أن تعليق المواد المتعلّقة بتخصيص مقاعد مستقلّة للمنتشرين لا يعني تعليق حقّ المغتربين في الإقتراع على الإطلاق.

 

فحقّ المنتشرين في الإقتراع ثابت، ولا مَسّ مُطلقا بحقّهم. ولم يُصَرْ إلى التعرُّض لحقوقهم بهذا الخصوص، لا من قريب أم بعيد على الإطلاق.

 

وبالتالي، سيُرّد الطعن لهذه الجهة.

• إن المادة /112/ وسواها من قانون الإنتخابات الرقم 44/2017، والمتعلّقة بتخصيص مقاعد مستقلّة للمُنتشرين، هي مواد مخالفة أصلاً للدستور، وتحديدًا للمادة /24/ منه، والتي تنُصّ على أن توزيع المقاعد النيابية (وإلى أن يضع مجلس النوّاب قانون انتخابات خارج القيد الطائفي) يجب أن توزّع بالتساوي بين المسيحيين والمسلمين ونسبياً بين الطوائف وبين المناطق.

 

والمقصود بالمناطق أي ضمن القطر والحدود اللبنانية. وبالتالي، إحداث دائرة إنتخابية للإغتراب خارج الحدود، مخالف للدستور. ولَوْ طُعن بالقانون في حينها أمام المجلس الدستوري، لكانت قد أُبطِلَت هذه المواد حُكماً.

 

مما يُفيد، أن التعليق الراهن لهذه المواد يجب أن يُستتبع بإلغاء لهذه النصوص لمخالفتها الدستور وأحكامه.

 

وبالتالي، سيُرّد الطعن لهذه الجهة أيضاً.

• ومن جهة ثالثة، وحتى يمكن التذرُّع بمخالفة مبدأ الأمان التشريعي والحقوق المُكتسبة، يجب أن تكون الدائرة /16/، أي دائرة المنتشرين، قد فُعِّلت ووُضِعت قيد التنفيذ.

 

وبمعنى آخر، لو جرت الإنتخابات في دورة سابقة وخُصّصت فعليّاً وعملياً للمغتربين مقاعد مستقلّة، وجاء المشترع اليوم ليُعلّق هذا الحق أم ليُلغيه، يمكن عندها التذرُّع بالأمان التشريعي والحقوق المُكتسبة، أما مع غياب التطبيق العملي لهذا التخصيص، فلا يمكن التذرُّع إطلاقا بمبدأ الأمان التشريعي والحقوق المُكتسبة.

 

وبالتالي، سيُرّد الطعن لهذه الجهة كذلك.

 

مما يُفيد وفي الخُلاصة، أنّ ما توصّل إليه المجلس النيابي في جلسته الأخيرة، لجهة تعليق نفاذ المواد المتعلّقة بتخصيص المغتربين بمقاعد مُستقلّة، يعتبر انتصاراً لهذه الشريحة، وإنجازا مُدوّيا لتكتُّل

«الجمهورية القوية»، الذي تمكّن وبإصراره من انتزاع الحقوق للمُنتشرين.

 

أمّا التلويح بالطعن بهذا التعديل فلن يستقيم، بل سيُردّ من دون أدنى شكّ.

 

وتبقى الرسالة إلى المغتربين وأبناء الانتشار، في الإقبال بشدّة للمشاركة في الإستحقاق الإنتخابي، فَصَوتكم يمكن أن يُغيّر المعادلة، أما استنكافكم فسيزيد الأمور سوءا وتردّيا.

لبنانكم يُناديكم، فلبّوا النّداء.

theme::common.loader_icon