رئيس المنظمة العالمية لحقوق الانسان ADFA: الاعتراف بالإبادة يوقف تكرار المجازر
رئيس المنظمة العالمية لحقوق الانسان ADFA: الاعتراف بالإبادة يوقف تكرار المجازر
جريدة الجمهورية
Monday, 26-Apr-2021 08:17
من بين الأحداث المؤلمة التي طبعت التاريخ البشري، المجازر التي لحقت ولا تزال في العديد من المكونات البشرية، عرقية كانت أم إتنية ام دينية ام طبقية أم سياسية وغيرها. ومن هذه المجازر، تلك التي طالت الأرمن في فترة الحرب العالمية الأولى، إضافة إلى الآشوريين والسريان والكلدان.
 

عادة ما يشكّل اضطهاد مجموعة أو شعب، ردّة فعل عكسية، فنرى هذه المجموعات أو الشعوب تتّحد مع ذاتها لتتحوّل وحدة صلبة متراصة تنظيمياً ومجتمعياً وعسكرياً وسياسياً دفاعاً عن وجودها وكيانها الحرّ. ومن هذه الشعوب، الأرمن والسريان. فهذان الشعبان تعرّضا لأبشع أنواع التعذيب وأسوأ وسائل الاضطهاد والقتل، على يد العثمانيين في العام 1915. إلا أن قضيتهما بقيت حيّة تضرب جذورها في قدس أقداس التاريخ.

 

وفي ذكرى «سيفو» و24 نيسان، التاريخ الذي سيق فيه أكثر من 2000 مثقف إلى الذبح، كان مناسبة يمكن وصفها أيضاً بأنها تاريخية، مع اعتراف البلد الأقوى والأعظم في العالم، وهي الولايات المتحدة، بأنّ المجازر هي فعل إبادة. وهو أمر سيُسجّل للتاريخ.

 

مؤسس ورئيس المنظمة العالمية لحقوق الانسان «ADFA نوري كينو، اعتبر في حديث خاص لـ«الجمهورية» أن «خطوة الرئيس الأميركي جو بايدن الاعتراف بالمجازر الأرمنية كإبادة سيكون لها تأثير كبير». ويقول: «مئات الملايين من الناس حول العالم قرأوا عن الإبادة الجماعية في الأيام الأخيرة. مقالات في الصحف، تقارير، برامج تلفزيونية وإذاعية، ومختلف وسائل الاعلام تناولت هذه الفظائع التاريخية المروعة. وبالتالي، لا شك ان الجرائم التي ارتكبت هي جرائم ضد الانسانية تستوفي كل الشروط التي تضعها الأمم المتحدة لتصنيفها كإبادة».

 

وعن وجود تردد وصعوبة لديه للاعتراف بالابادة على رغم مرور مئات السنين على وقوعها، يوضح السيد كينو وهو صحافي استقصائي سويدي من أصول مشرقية نال العديد من الجوائز: «سيبدو الأمر مبتذلاً، إني أؤمن بالحقيقة والعدالة»، وأعتقد جازماً بضرورة إجراء إعادة تأهيل لضحايا الإبادة، والذي أنا جزء منها. فلا يوجد أي شخص من الأرمن أو الآشوريين، أو السريان أو الكلدانيين حياتهم غير متأثرة بالإبادة الجماعية لعام 1915. لقد ورثنا الصدمة».

 

ويضيف: «قبل بضع سنوات فقط، شهدنا إبادة جماعية جديدة للسكان الأصليين في العراق وسوريا، ضد الأيزيديين وضد المسيحيين»، مشيرا الى أن «الحروب في كلا البلدين قد أثّرت على جميع المواطنين، بغضّ النظر عن العرق أو الدين، لكن نتيجتها أنه كان يمكن أن تؤدي إلى القضاء على الأقليات. واليوم، نشهد بدايات لإبادات جماعية جديدة، على سبيل المثال، في الصين ضد الأويغور وفي ميانمار ضد الروهينغا».

 

ويشير السيد كينو إلى أنّ «اعتراف الرئيس بايدن والحكومة الأميركية بالابادة سيعني صرف المزيد من الأموال على أبحاث تتعلق بالجرائم ضد الانسانية، إذ يجب على المرء أن يكون قادراً على رؤية الاشارات ووضع حدّ للقمع قبل فوات الأوان». ويقول: «وهذا أمر شخصي بالنسبة لي، فعائلة جدتي قد ذبحت، لكن اللافت أن جدتي استطاعت أن تنجو من البئر الذي تم رميهم فيها».

 

ويتابع: «عندما بدأت أبحاثي عن الابادة «سيفو»، كما يسميها السريان، كنت أميل إلى الظن على أنها لم تحدث، بل هي مجرد اشاعات وأخبار كاذبة، إلى حين ظهر العكس. فالاثباتات كانت دامغة، بعدما التقيت بنفسي عدداً من الناجين من المذابح».

 

ويقول: «أنا، أو كل من يعمل بجدّ لمساعدة الناجين من الاضطهاد، يجب ان يدرك أنّ الاعتراف بالابادة سيؤدي عاجلا أم آجلا إلى وقف الجرائم ضد الإنسانية. كما انه يسلط الضوء على ضحايا الإبادة الجماعية اليوم. وفي هذا السياق، يمكن مناقشة المساعدات التي يمكن ان تقدم لهم. ويؤكد انّ العديد من ضحايا الإبادة الجماعية لعام 2014 هم من نسل واحد لضحايا مذابح عام 1915».

 

ورداً على سؤال عن محاولته العمل مع الاتحاد الأوروبي للاعتراف بالإبادة الجماعية، وما اذا كان القرار الأميركي سيشجّع الأوروبيين على اتخاذ موقف مماثل، يقول: «بالتأكيد، إنّ القرار الأميركي سيشجع الحكومات في أوروبا على فعل الشيء نفسه، وكذلك الاتحاد الأوروبي».

 

ويلفت إلى أنه «لا ينبغي لأحد أن ينسى أنّ كل قرار تاريخي يُتخذ على هذا المستوى سيُدرّس في الكتب المدرسية. فالإبادة الجماعية لعام 1915 على سبيل المثال، بدأت تظهر في الكتب المدرسية في الولايات المتحدة والسويد. ويقول: «التاريخ مهم. الكلمات مهمة. الشروط الصحيحة مهمة. إذا كنّا نعني حقاً أننا نرفض تكرار ذلك مرة أخرى».

 

ورداً على سؤال عن سبب الحديث عن الإبادة الجماعية للأرمن ونشرها بشكل منتظم في حين أنّ السريان والآشوريين وغيرهم ممن ذبحوا، لم يتم إبراز محنتهم وقضيتهم والدفاع عنها على هذا النحو؟ يقول السيد كينو: «الأرمن هم أكثر عدداً، ولديهم بلدهم الخاص وقد نظموا أنفسهم بشكل سريع وعملوا على جمع الأدلة على الإبادة الجماعية. لقد قاموا بعمل هائل في واشنطن».

 

ويتابع: «بدأنا العمل مع الكونغرس الأميركي في العام 2014، وعملنا على إظهار الصلة بين الإبادة الجماعية لعام 1915 وتلك التي حدثت في العام 2014، وأثبتنا أنّ الضحايا ينتمون إلى حد كبير إلى المجموعات العرقية نفسها. لقد تعاونّا في هذا الأمر مع المنظمة الأميركية الأرمنية ANCA (اللجنة الوطنية الأرمنية الأميركية) دفاعا عن المسيحيين، والمنظمات اليونانية الموجودة في الولايات المتحدة، إضافة إلى منظمتنا الخاصة ADFA. كما ساهم كثيرون آخرون في ذلك، من سياسيين وصانعي أفلام وكتاب ومشاهير آخرين»... ويوضح أنه ليس الوحيد كرئيس منظمة حقوقية عالمية ساهم في إصدار القرار الأميركي، بل هناك العديد ممّن ساعده في بلدان مختلفة».

 

وإذ أوضح انها تسمّى بالإبادة الجماعية للأرمن لأنها كانت تستهدف الأرمن في البداية، قال: ونسمّيها «سيفو» نسبة الى السيوف التي تم بواستطها قطع رؤوس النساء والاطفال والعجزة».

 

ولفت إلى ان القرار الذي أقرّه الكونغرس الأميركي في العام 2019، والذي ساهمنا فيه، تم ذكر جميع المجموعات العرقية. ويجب ألا ننسى اليونانيين أيضاً».

 

ويشير إلى ان «معظم المسيحيين في تركيا ولبنان وسوريا والعراق هم من السكان الأصليين ويسمّون أنفسهم بالآشوريين والآراميين والكلدان والسريان وكذلك الموارنة والملكيين، وهو أمر مثير للجدل. هي أسماء مختلفة للعرق المشترك المتجذر في ممالك بلاد ما بين النهرين التي ازدهرت بين نهري دجلة والفرات قبل المسيح بآلاف السنين. هم يفخرون بكونهم من نسل مهد الحضارة الحديثة وكذلك في مشاركتهم اللغة الآرامية لغة يسوع الأم، وهم من متحدثيها. ينتمون إلى طوائف كنسية مختلفة. والشعب الأرمني قريب منهم جغرافياً وعانى نفس الإبادة الجماعية».

 

ورأى الصحافي الاوروبي المتابع لقضايا حقوق الانسان كينو ان «لبنان وسوريا بحاجة إلى المساعدة. وفي ما خَص لبنان، المطلوب عقد مؤتمر دولي أو مؤتمر مانحين لإنقاذ ما تبقى من العملة اللبنانية. أما في ما خص سوريا، فهي برأيه بحاجة لمؤتمر حول العقوبات، لرفعها او تغييرها، فالناس يتضورون جوعاً بسببها. وإنّ هذين الأمرين نعمل عليهما حالياً. وكشف أيضاً أنه يقوم بإجراء تحقيقين جديدين لا علاقة لهما بالشرق الأوسط.

theme::common.loader_icon