أرزة سامقة سقطت
أرزة سامقة سقطت
المطران جورج صليبا
Tuesday, 02-Feb-2021 06:19

أرزة سامقة من لبنان سقطت، بل شجرة كثيرة العطاء توقفت عن العطاء. هل عاصفة الريح أقوى من صمود هذه الأرزة المميزة التي عاشت حياةً كلها عطاء وثمرات يانعة بسخاء تشمل القريبين والبعيدين؟

 

هذه الشجرة وارفة الظلال يتآوى تحت أفنانها طيور السماء والنباتات التائقة الى الطمأنينة والاستقرار بل الملهوفون الذين وجدوا فيها ضالتهم غالباً، وهي تمدهم بالخيرات والبركات اليانعة وما أكثرهم.

 

هل يصدّق السامع أو القارئ انّ ميشال المرّ هذه القامة السامية قد سقطت وانضمّت الى الغائبين الخالدين بشيخوخة صالحة وهادئة؟!! غاب دولة الرئيس ميشال المرّ، وهو الذي تليق له الحياة مهما امتدت ايامها.

 

تسعون عاماً من الجهاد والخدمة والعطاء بلا حدود ، تغيب اليوم بشخصك أيها الغائب الحاضر، شخصية مميزة ومشرقة ابداً يفقدها لبنان دولةً ومواطنين ومحبين وعارفين، وما أكثرهم.

تُرى أعدلٌ هو أن يفاجئنا رقادك ولبنان في حاجة ماسة الى حكماء امثالك ليدبّروا أمر السفينة وهي تمخر عباب هذا البحر الهائج والمضطرب في مسيرة لبنان وهو بمسيس الحاجة الى أمثالك؟

 

ابا الياس الشاعر يقول:

فما كان موت قيس موت امرئٍ لكنه بنيان قومٍ تصدّعا

فقد تصدع البنيان، وكأنّ قول الفادي رافقك وانت تعاني سكرات المرض، نفسي حزينة حتى الموت.

نحن مؤمنون بثقل الموت ونسلّم به، لكن موت الصالحين خسارة لا تعوّض. نبكيك اليوم بألم مع اننا أبناء القيامة، ونؤمن بقول مار بولس رسول الأمم: «لا تحزنوا على الراقدين فقد انتقلوا من الموت الى الحياة».

القلم يعجز عن التعبير بما يخامر نفوسنا ويدغدغ مشاعرنا وعواطفنا الصادقة تجاهك، نَم قرير العين فإن الرسالة التي حملتها في حياتك الطيبة باقية في القلوب، والذين أحبوك وأحببتهم يحفظون الود لك، والشاعر يقول:

فلتبقَ ذكراك في القلوب ما ناح الحمام وغرّدت على ايكة ورقاء

وحتى نلتقي في السماء أستودعك عناية يسوع الحبيب.

نحبّك جداً

theme::common.loader_icon