أماني مسعودي: في الكتابة جنون موقت
أماني مسعودي: في الكتابة جنون موقت
كه يلان محمد
Monday, 30-Nov-2020 06:13

كتابة الرواية تتطلبُ الدراية بأدواتها والإدراك لتطويع الثيمات، بما يخدم خطاب العمل السردي. ولم يعد الإسترسال في سرد القصة تقنية ناجحة لإستدراج المتلقي إلى الفضاءات المتخيلة، بل يحتاج الأمر إلى الوعي بالمساحة التي يشتغلُ عليها المبدع، وتنبسطُ عليها المادة السردية. كما أنَّ تحديد العناصر التي يتوقف عليها ترابط مفاصل الرواية، وينتظمُ من خلالها الخط السردي، لا بدَّ أن يأخذَ الأولوية في برنامج الكاتب.

حول خيار كتابة الرواية وما تناولته في روايتها الأولى «بيلادونا»، كان لنا حوار مع الكاتبة التونسية أماني مسعودي.

 

* أصبح حضور المرأة في المشهد الروائي لافتاً. هل يُعزى ذلك إلى ما يوفره فن الرواية من إطار أوسع للحرية؟

- في ما مضى لجأت بعض الكاتبات إلى الكتابة تحت أسماء مستعارة، خشية رفض العائلة والأقارب. ولكن أعتقد أننا تجاوزنا هذا الأمر منذ زمن. فتاريخ كتابة المرأة في مجال الرواية طويل وممتد. فقد انتقلت الرواية النسائية العربية عبر محطات كثيرة، أبرزها حقبة الستينيات ربما، والتي شهدت ظهور الكثير من الأسماء أو الأصوات المتمردة. انّ استطعنا القول، لعلّ أبرزها غادة السمان، نوال السعداوي، لطيفة الدليمي.. مروراً بالأجيال التالية من الروائيات اللواتي فتحن آفاقاً كثيرة مثل، رضوى عاشور، هدى بركات ..والمؤكّد أنّ هذا التدفق السردي يمثل فضاء أوسع وأكثر حرّية لتحقيق الذات.

 

* إعتقد بعض النقاد بأنّ المصدر الأساس لأعمال الروائيات هو الهموم النسوية. ما رأيك حول هذا الموضوع؟

 

- لا يقتصر مصدر أعمال الروائيات على الهموم النسوية فقط، بل الوعي بما يحدث من صراعات مجتمعية وفكرية وسياسية، فهم الذات البشرية واختلاجاتها وصراعاتها الداخلية، الشعور بالمسؤولية تجاه الوطن والهوية.

 

* المنفى والتغرّب والهوية هي ثيمات أساسية في روايتك الأولى، هل أردت تناول هذه المواضيع من مستوى جديد؟

- المنفى والتغرّب والهوية، تناولتها في روايتي الأولى «بيلادونا» من مستوى مختلف، وكان إهتمامي بالأسئلة الإفتراضية. ماذا سيحدث لو نفى المرء نفسه بنفسه؟ من يتحمّل مسؤولية ذلك؟ ماذا لو بحث المرء عن هوية جديدة، أم أنّ الهوية لا تعوّض أبداً؟ هل يفقد المرء هويته فعلاً أم أنّها تهيؤات وهلوسة يصورها له الألم؟

 

* ما هو الحدث الملهم لتجربتك الروائية الأولى؟

- لم يكن هناك حدث بعينه بل الكثير من الأحداث المتواترة، تفاقم ظاهرة العنف التي شهدتها تونس في الفترة الأخيرة في ظلّ الانفلات الأمني والتساهل في تطبيق قوانين ردع الجرائم والفوضى، هذا ما زجّ بي بين سطور الرواية، فوجدت نفسي أتدفق معها كسيل من الألم و الغضب والحسرة...

 

* كيف كانت علاقتك بفن الرواية قبل الشروع بمغامرة الكتابة؟

- قبل الشروع في مغامرة الكتابة كانت علاقتي بفن الرواية لا تتجاوز علاقة القارئ بالكتاب. ولعلي كنت أميل إلى الشعر أكثر، ولا يزال للشعر مكانته في قلبي، لكني أريد أن أقول الكثير، والشعر لا يكفي لنقول كل ما نريد، وحدها الرواية تتسع لي..

 

* هل تعتقدين أنّ الوعي بفن الرواية هو ما يؤسسُ للمشروع الروائي المتميز؟

- الرواية فن صعب مما لا شك فيه، مرهق بطريقة ممتعة وممتع بطريقة مرهقة. الدقّة في التفاصيل والغوص داخل الشخصية يصيبان الكاتب بالجنون المؤقت. ما لا يعلمه كثيرون أنّ بعض الشخصيات تلتصق بالكاتب وتلبسه لتسيطر عليه كلياً، فلا عجب لو رأيت كاتباً تعرفه جيداً كصديق أو قريب، وتلاحظ عليه بعض التغييرات النفسية والسلوكية أثناء وبعد الكتابة، هذا ما اسميته الجنون المؤقت، لكنه يتخلص منه بمرور الوقت.

theme::common.loader_icon