مشكلتنا.. مع البروستات!
مشكلتنا.. مع البروستات!
جوزف طوق
Tuesday, 24-Nov-2020 06:08

يا زعيم، صرلك فترة عم تقطّش بالسياسة... كلما أراك في التلفزيون وأسمعك، أتذكّر مباشرة جارنا التسعيني الله يرحمه ولا يرحمك، عندما كان يشغل بال أولاده لكثرة ما كان يتأخّر كلما اضطر إلى دخول التواليت بسبب التقطيش الذي فرضته عليه السنين.

 

المصاب بالتهاب البروستات، كما نعلم جميعاً، يبدأ بمواجهة صعوبة في التبوّل ومشكلات في الخصوبة، وهذا لا يمكننا سوى أن ندعو له من قلبنا بالشفاء العاجل، وهو أمر مستجاب، لأنّ قدرة الطب مهولة ومشيئة ربّنا كبيرة.

 

ولكن أنت يا زعيم، من أين ندعو لك بالشفاء لبروستاتك العجيب، فالالتهاب ضرب لسانك وحصر الوسخ في مثانة دماغك. تتكلّم بالتقطيش، فتنقّط على مسامعنا طهارة وتواضعاً ووطنية، وعندما تسلك أمورك تطوف على الدنيا طائفية وتحريضاً وكذباً وسرقات، فنتّسخ من نواياك ونموت جوعاً من قلّة أفعالك وإنجازاتك.

 

يا زعيم، نحن نعلم أنّه ليس في مخّك دماغ، والدليل أنّ رائحة الأمونيا تفوح من قراراتك التي باتت نتائجها الصفراء واضحة على الأرض.

 

إنسَ الأرزة والعنفوان والكرامة، وانسَ هتافات التأليه من بعض الأغبياء، فالعنوان الوحيد والكبير للدولة اليوم هو التضخّم ولا شيء غيره.

 

أنت لست خرّيج جامعة هارفرد ولا حتى مجازاً من جامعة السوربون، فأنت في أبعد تقدير خرّيج متراس في الحرب الأهلية أو تمرجلت بعد أن كنت صبي غرف مخابرات أو صالونات سفارات أو مكاتب سرقات، ومع هذا كلّه لا زلت قادراً على قراءة بعض الأرقام والحقائق، حتى لو كنت لا تريد الاعتراف بها.

 

آخر إنجازاتك، تسجيل رقم 365 في المئة، ليحتلّ لبنان المرتبة الثانية عالمياً من بعد فنزويلا بنسبة التضخّم. والظاهر أنّ تحقيق هذا الرقم العالمي الجديد قد شغلك قليلاً عن خوض معارك مكافحة الفساد ومحاسبة السارقين. نحن نتفهّمك طبعاً، لأنّ تمريغ إسم هذا البلد بالوحل ووضعه في مراكز التعتير الأولى عالمياً ليس بالمهمّة الصغيرة، وهو بالتأكيد يستوجب منك إنهماكاً كبيراً بالتخبيص وسوء الإدارة.

 

40 في المئة وأكثر هو نسبة البطالة في لبنان، بحسب آخر الإحصاءات العالمية، ما يعني أننا ننافس أفشل دول العالم أيضاً على هذا المضمار المتعرّج. وبإذن الله، نحن كلّنا ثقة، أنّ حكمتك ستوصلنا إلى المركز الأول عالمياً خلال بضعة أشهر، وستتضخّم البطالة إلى مستويات غير مسبوقة. وهذا القطيع، لا يهمّ إن كان منتجاً أو مكتفياً أو قادراً على تأمين ضروريات عائلته، طالما أنّه نشيط في الهتاف والسير على العمياني خلفك إلى الهاوية. ومن يحتاج إلى عمل في هذه الظروف طالما أنّ «عمايلك» تكفي الأمة برمّتها؟

 

سعر الليرة متضخّم إلى حدّ البدانة المفرطة، فأصبحت همّتها بطيئة وحركتها ثقيلة، تتدحرج في جيوب اللبنانيين من 7500 إلى 8500، وباتت قيمتها من قيمة المحرمة. وبلا مجهود منك، تضخّمت مستويات الفقر تلقائياً، حتى بات نصف الشعب اللبناني يتأمّل خطّ الفقر ويحلم بالصعود إليه يوماً.

 

تضخّمت أعداد اللاجئين والنازحين بشكل مخيف، ففاق عددهم المليونين، وباتوا يشكّلون عبئاً على الاقتصاد والبنى التحتية والاكتظاظ السكّاني، وأنت تستعطي المال على إسمهم، وتسرق المساعدات بإسمهم، وتبرم الصفقات بإسمهم، وتحجز الكراسي النيابية والوزارية بإسمهم... ولا تخاف في هذه المعادلة سوى على إسمك الذي أصبح مهزلة في عناوين الصحف العالمية.

 

حتى الأمن في بلدنا تضخّم... تضخّم وتضخّم وتضخّم، حتى شهد إنفجاراً لم تشهد مثله الكرة الأرضية والبشرية سوى إثنين أو ثلاثة. وما هذا الإبداع يا زعيم، فحتى في الإنفجارات والكوارث قادر أن تكون دائماً في الطليعة... يا لك من زعيم!

 

وعن أعداد المهاجرين اللبنانيين تضخّم ولا حرج. مئات الآلاف يتضرّعون امام أبواب السفارات، من أجل معجزة فيزا تنتشلهم من جحيمك يا زعيم. حتى احلامهم لم يوضبوها في شنط ملابسهم، لأنّه لم يبق منها سوى الكوابيس التي تحوّلها حقيقة مع كلّ شخطة قلم.

 

حتى السرقات يا زعيم تضخّمت إلى مستوى لا يقبله عقل، فحتى جنى عمر الكادحين والموظفين والمعترين سرقته وهرّبته إلى خارج لبنان.

 

الكهرباء بمشاكلها تضخّمت، والمياه، والخدمات، والضمان الاجتماعي، وأسعار السلع تضخّمت... وحتى الميليشيات المسلّحة تضخّمت.

 

تضخّمك خنقنا يا زعيم، وكما يقول الطبيب «لا بدّ أن نستأصله»!

theme::common.loader_icon