كباش سياسي: أيُ تدقيق جنائي تريد السلطة؟
كباش سياسي: أيُ تدقيق جنائي تريد السلطة؟
رنى سعرتي

اجازة في الاعمال الدولية والديبلوماسية واعلامية ومذيعة في مجال الصحافة الاقتصادية في الاعلام المرئي والمسموع والمكتوب

Tuesday, 17-Nov-2020 06:10

بين وصفها وزيرة «اللا عدل» من قِبل النائب ابراهيم كنعان، وردّ الوزيرة ماري كلود نجم بتسميته رئيس لجنة انهيار المال والموازنة»، عاد ملف التدقيق الجنائي ليغوص في «فيلم» التجاذبات السياسية التي لن «تقدّم أو تؤخّر» في عملية السير بالتدقيق وامكانية فضح ملفات الفساد التي بات وجودها مؤكّداً، بدليل العراقيل التي تضعها كل الاطراف السياسية والمالية، خوفاً من أن تطالها «شظايا» التدقيق».

فيما تعتبر وزيرة العدل انّ أي طرح او فكرة لاقتراح قانون لرفع السرية المصرفية عن حسابات مصرف لبنان لتمكين التدقيق الجنائي هو بمثابة التعطيل او العرقلة، يؤكّد النائب ابراهيم كنعان انّه تمّ اعداد اقتراح قانون بناء لطلب رئيس الجمهورية، يسمح بالولوج الى حسابات كل مؤسسات الدولة ووزاراتها واداراتها، وليس مصرف لبنان فقط.

 

فهل انّ السير بالتدقيق الجنائي يحتاج فعلياً الى تعديل قانون السرية المصرفية والمادة 151 من قانون النقد والتسليف، أم انّها مسرحية أخرى لشراء الوقت؟

 

في هذا الاطار، اعتبر عضو لجنة المال والموازنة النائب ياسين جابر، انّ الجدل القائم اليوم حول ضرورة او عدم ضرورة تعديل القوانين من اجل السير بالتدقيق الجنائي «هو لعب في الوقت الضائع»، موضحاً انّ لجنة المال ليست جهة قانونية لحسم الجدل القائم حول الحاجة الفعلية لتعديل القانونين من اجل السير بالتدقيق الجنائي ام لا، لافتاً لـ»الجمهورية»، الى انّ رئيس اللجنة، بناء على طلب رئيس الجمهورية أعدّ اقتراح قانون لتعديل قانون السرية المصرفية، في حين انّ وزيرة العدل تعتبر انّه لا لزوم للتعديل من اجل السير بالتدقيق الجنائي.

 

وسأل جابر: «كيف ستعالج وزيرة العدل هذا الموضوع إن لم تقدّم بديلاً للسير بالتدقيق الجنائي من دون تعديل القوانين، وفي ظلّ اصرار الجهة المعنيّة عدم تسليم المعلومات، لأنّ هذا الامر يتناقض مع قانون النقد والتسليف؟».

 

وقال: «يتم التركيز على التدقيق الجنائي في مصرف لبنان فقط، في حين انّ التدقيق مطلوب في كافة مؤسسات ووزارات الدولة. ورغم أنني من مناصري التدقيق الجنائي في كافة الملفات والحسابات وليس لدى البنك المركزي فقط، فإنّ حصر المعركة في موضوع واحد يجعل الامر تسوده الشبهات».

 

وبالنسبة لامكانية تعديل قانوني السرية المصرفية والنقد والتسليف، اوضح جابر، انّ موضوع السرية المصرفية لم يعد «مقدّساً» لأنّها أصبحت نوعا ماً مرفوعة، بحيث يمكن ان يُطلب من القضاء التدخّل لوجود مخالفات اساسية في مصرف لبنان، ويحق له بالتالي الطلب من هيئة التحقيق الخاصة الكشف عن حسابات معيّنة. كما يمكن لمجلس الوزراء ان يقرّر لدى تحويل القانون رفع السرية المصرفية عن حسابات مؤسسات وادارات الدولة.

 

اما المادة 151 من قانون النقد والتسليف، والتي تحمّل كل من عمل او يعمل في مصرف لبنان مسؤولية افشاء أي معلومات تتعلّق بالعمل، اكّد جابر انّه يمكن تعديل هذه المادة بإضافة عبارة «باستثناء أمام القضاء»، بما يسمح عندها للموظفين بالإفصاح عن المعلومات المطلوبة. مشدّداً على انّه في حال وجود نيّة للسير بملف التدقيق الجنائي، فإنّ تعديل القانونين لن يكون عائقاً ويمكن اقراره بجلسة واحدة.

 

كنعان

وكان رئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان أكّد في تصريح امس، أنّ «التدقيق الجنائي محسوم بالنسبة الينا، ولكن السؤال المطروح هو وفق أي آلية؟».

 

اضاف :»بالنسبة لي، الموضوع واضح جداً. فالمسألة ليست طرح قضية التدقيق الجنائي وحسمها. فالتدقيق محسوم منذ العام 2010 لدينا، وقد بدأناه كتدقيق في كل مؤسسات الدولة واداراتها قبل عشر سنوات. وقد دخلنا الى ارقام وزارة المال، ومن خلالها على كل الحسابات. وقد راسلت شخصياً مصرف لبنان اكثر من 20 مرة للإطلاع على حسابات الهبات وسواها، وكنا في كل مرة نُواجه بالسرية المصرفية. ومن خلال عملنا، دخلنا الى كل حسابات الدولة، ولم نكلفها اي ليرة. وألزمنا وزارة المال بالتدقيق وان تعيد تكوين الحسابات المالية. واسأل من يعتبر انّ وزارة المال هي من قام بهذا العمل، اين كانت الوزارة منذ العام 1993 الى انّ استلمنا وزارة المال في العام 2010؟ ولماذا لم تقم بالتدقيق طوال تلك المرحلة، بينما كانت الحسابات تذهب الى ديوان المحاسبة، ويرفض الديوان الموافقة عليها».

 

وأكّد كنعان أنّ «الموضوع محسوم بالنسبة الينا، والتدقيق الجنائي اكثر من واجب. ولكن وفق اي وسيلة؟ فاذا كان التدقيق ممكناً بموجب العقد الموقّع مع «الفاريز»، فعظيم جداً. ولا نريد احسن من ذلك. ولكن، اذا لم تكن امكانية الدخول الى الحسابات متاحة، بماذا يضرّ تقديم اقتراح قانون يسمح بالتدقيق في ضوء الاعذار او الاسباب القانونية التي تستند الى قانون النقد والتسليف؟».

 

أضاف كنعان: «اذا كان العقد يسمح كان به، والمجلس النيابي لا يمكن ان يوقف العملية، ولا يريد ذلك اصلاً، ولا لجنة المال تدخّلت بالمسألة. فأنا وبناء على رغبة رئيس الجمهورية، الذي اتصل بي في 19 تشرين الاول طالباً تحضير اقتراح قانون في هذا المجال، وقد اجتمعت بالرئيس وعدد من المعنيين في القصر الجمهوري، وتداولنا بالاقتراح في «تكتل لبنان القوي»، وهو موقّع من قبلنا، وقد تريثنا بتقديمه، لإعطاء الفرصة للحكومة. لذا، فالسجال المفتعل لا اساس له، ولا احد يزايد علينا في موضوع التدقيق، فالاقتراح الذي اعددناه يسمح بالدخول الى حسابات كل مؤسسات الدولة ووزاراتها واداراتها، وليس مصرف لبنان فقط. الموضوع ليس شعبوياً ولا للبيع والشراء عند الناس، ولا للبطولات».

 

وهل من ضمانة لمرور القانون في المجلس النيابي ام هناك تخوف من تطيير التدقيق؟ قال كنعان: «اذا مشي التدقيق لا حاجة لاقتراح قانون. من هنا تريثنا. ولكن، اذا لم يتمكنوا من اجرائه بموجب العقد الموقّع مع «الفاريز»، على رغم ما يُحكى عن ثغرات قانونية فيه، فلا حاجة لاقتراح قانون عندها. ولكن في حال تعثره والوصول الى حائط مسدود، ما العمل عندها؟ ألا نقدم اقتراح قانون ونسعى الى وضع الجميع امام مسؤولياتهم ونخطو خطوة نحو الامام؟ وهل المبادرة التشريعية عندها تكون تعطيلية؟ لم ارّ منطقاً اعوج اكثر من هذا المنطق».

theme::common.loader_icon