أشارت مصادر متابعة للملف المالي في لبنان لـ"فوربس الشرق الأوسط" إلى أنّ صندوق النقد الدولي كان تبنّى خطّة حكومة حسّان دياب واعتبرها أكثر منطقية من خطة جمعية المصارف، في وقت كانت المفاوضات بين مختلف الجهات المحليّة قائمة على إجراء بعض التعديلات على خطّة الحكومة من دون التنازل عن أرقام الخسائر التي تمّ تقديرها من خلال لازارد، وعلى هذا الأساس كان هناك إصرار دولي أيضًا على السير في التدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان الذي تمّ توقيع اتفاق لانطلاقه مع شركة "ألفاريز أند مارسال" لمعرفة الأرقام الحقيقية لخسائر مصرف لبنان وحجم الأموال التي تمّ تهريبها الى الخارج، رغم بعض التحفظّات حول امكانيّة السير بهذا التدقيق حتّى النهاية بسبب عقبة السريّة المصرفية.
وأظهرت وثيقة صادرة عن بعثة لبنان لدى الاتحاد الأوروبي، حصلت "فوربس الشرق الأوسط" على نسخة منها، تحت عنوان: أجواء المفوضيّة الأوروبيّة حول خطّة الإصلاحات الماليّة والاقتصاديّة المرتقبة في لبنان، أنّ أجواء مسؤولي ملف لبنان في مكتب سياسة الجوار الأوروبي ومفاوضات التوسّع في المفوضيّة الأوروبيّة وفي مديريّة الشؤون الاقتصاديّة والماليّة في المفوضيّة تؤكّد على ضرورة تنفيذ خطّة الإصلاح المالي التي أقرّتها حكومة حسان دياب المستقيلة في نيسان الماضي، و"أنّه من المهم جدا أن تقوم الحكومة الجديدة بتنفيذ هذه الخطّة والمضي قدما بها".
وتتابع البرقية أنّ هذه الخطّة شكّلت مرتكزا إيجابيا للمفاوضات مع صندوق النقد الدولي .. خصوصا لجهة ضرورة إدارة الشق المالي لرؤوس الأموال بما يتناسب مع مصلحة الشعب وصغار المودعين.. و"الفكرة الأساسيّة أنّ المرحلة القادمة يجب أن تكون مرحلة تنفيذ وليس صياغة خطّة اصلاحيّة جديدة لانّ الجميع بات يعلم ما الذي يجب تنفيذه في لبنان من إصلاحات، وعليه الوقت هو للتنفيذ وليس للمماطلة".
ونقلت البرقية عن مسؤول مكتب لبنان في مديرية الشؤون الاقتصادية والماليّة في المفوضيّة الأوروبيّة قوله: إنّ خطة الحكومة المستقيلة متكاملة Comprehensive وقد شكّلت آنذاك أساسا للمفاوضات مع صندوق النقد الدولي الذي اعتبر أنّ هذه الخطّة جيّدة بطريقة إجماليّة وتشكّل بالفعل أساسا يمكن البناء عليه".
وتطرّقت البرقية الصادرة من البعثة اللبنانية في بروكسل الى كلام مكتب مفوضيّة سياسة الجوار الذي تساءل عما إذا كانت تصاريح الطبقة السياسيّة اللبنانيّة مؤخرا بعد انفجار مرفأ بيروت، وعلى ضوء المبادرة الفرنسية، تندرج ضمن إطار Lip Service أو ما سمته البرقية "كلاما فارغا من أيّ رغبة وإرادة حقيقيّة لتنفيذ التغيير المطلوب من الشعب وتنفيذ جدّي ومنتظم للإصلاحات".
ونقلت البرقية عن المتحدّث الأوروبي وصفه حجج السياسيين اللبنانيين بعبارة Wishy-Washy أي أقوالا لا تعكس أفكارا ومبادئ واضحة، أقلّه حيال تنفيذ الإصلاحات وتمكين الدولة والشعب، والمطلوب من الحكومة الجديدة أفكارا واضحة ومسارا شفافا وقيما عالية والأهم إرادة واضحة لتنفيذ ما هو مطلوب داخليا.
وشدّد المسؤول الأوروبي بحسب البرقية على انّ المفوضيّة الأوروبية لن تحكم على الحكومة الجديدة مسبقا، إلاّ أنّها تراقب عن كثب مدى جديّة المسار الذي ستقوم باختياره من خلال طبيعة وأولويات الإصلاحات التي من المتوقّع أن تقوم بتنفيذها. كما سترصد بصورة دقيقة المساعدات المالية الأوروبيّة كافة على ضوء هذه الإصلاحات. والهدف بالنسبة للمفوضيّة هو تحسين حياة الشعب اللبناني وليس مساعدة الطبقة السياسيّة.
وختمت البرقية أنّ نظرة المسؤولين في المفوضيّة تعتبر أهداف رجال السياسة في لبنان هي "تقاسم قالب الحلوى، وأنّ الطريقة الوحيدة لتغيير هذه الحالة هي من خلال الشعب الذي يجسّد القوّة الدافعة" كما يحصل حاليا في بيلاروسيا.