منعطف البشرية الكبير.. إختراع الكتابة!
منعطف البشرية الكبير.. إختراع الكتابة!
جريدة الجمهورية
Saturday, 22-Aug-2020 09:52
كان اختراع الكتابة منذ نحو 5 آلاف عام نقلة هائلة في تاريخ وواقع البشر، وبدأ التدوين بالرموز والصور، قبل أن تتطور الأبجدية الصوتية لكلام يدوّن الأفكار والمشاعر والعلوم والفنون.

يعتبر الأديب والشاعر الأردني أمجد ناصر، أنّ الإنسانية لم يكن لها أن تتحقق من دون كلمات وكتابة. فمغادرة الإنسان عجمته ليست في اكتشافه النطق، بل بتدوين هذا النطق وتحويله إلى تعبير.

 

من اخترع الكتابة؟

 

معرفة هوية من اكتشف الكتابة بالضبط تُعتبر أمراً لا يستطيع البشر فعله اليوم، لكن ذلك لا يمنع بأنّه لدينا فكرة تقريبية إلى حدٍ ما، وذلك بفضل الدراسات التي أُجريت حول أصل الكتابة في بلاد ما بين النهرين منذ أكثر من 5 آلاف عام. وفي الواقع، يرتبط اختراع الكتابة بالتجارة وبتنظيم المجتمع، أي بميلاد الحضارة.

 

وتمّ تنظيم المجتمعات الأولى حول الطبقات الكهنوتية، وأُجبر الكهنة على الاحتفاظ بسجل لما تمّ تخزينه وشراؤه وبيعه، والذي كان حتى ذلك الحين يُحفظ عن ظهر قلب.

 

أصل الكتابة

 

ويرى معظم الخبراء، أنّ أصل الكتابة وبداياتها يعودان إلى بلاد ما بين النهرين في الألواح القديمة الموجودة في المدن السومرية على ضفاف نهري دجلة والفرات.

 

وتنتمي أقدم هذه الألواح إلى أوروك، وهي مدينة رائدة في الحياة الحضرية والكتابة والإدارة العامة، ويبلغ عدد سكانها حوالى 40 ألف نسمة.

 

وبالإضافة إلى ذلك، يصعب تحديد تاريخ هذه اللوائح، على الرغم من أنّها تنتمي إلى فترة ما بين 3400 و3200 قبل الميلاد.

 

تطور الكتابة

 

استفاد الأكاديون (في بلاد الرافدين) أولاً، والحيثيون (عاشوا في الأناضول وشمال بلاد الشام) في ما بعد، من النظام المقطعي السومري، وأضافوه إلى كتاباتهم المسمارية. وتُعتبر هاتان اللغتان رائدتين، كل منهما بطريقتها الخاصة.

 

ومن ناحية أخرى، تُعتبر اللغة الأكادية أول لغة سامية معروفة ورثها الآشوريون والعبرانيون، فضلاً عن الفينيقيين والآراميين والعرب والإثيوبيين. ونشأت أول أبجدية معروفة من اللغات السامية سنة 1300 قبل الميلاد، وتحديداً في مملكة أوغاريت الواقعة بين سوريا وفلسطين، أو كما تُسمّى أرض كنعان، وعُثر على العديد من الألواح المكتوبة بنحو 8 لغات مختلفة، إحداها هي من أصل سامي ولها أبجدية تتكوّن من 30 حرفاً.

 

بالمقابل، من المحتمل أن تكون الأبجدية قد ولدت في مصر على يد عمال من أصول سامية، بدءاً من الكتابة الهيروغليفية حوالى 800 قبل الميلاد، وعادت إلى أرض كنعان حوالى 1400 قبل الميلاد، ومن هنا جاءت الأبجدية الأوغاريتية حوالى عام 1300 قبل الميلاد.

 

من ناحية أخرى، في شرق آسيا، طور الصينيون نظام الكتابة الخاص بهم خلال حقبة أسرة شانغ. ويعتقد بعض الخبراء أنّ أولى علامات الكتابة في الصين يمكن أن تكون عام 6 آلاف قبل الميلاد، لكن الأدلة الأولى المؤكّدة تعود إلى 1600 قبل الميلاد بالتزامن مع حكم أسرة شانغ.

 

ظهور الأرقام

 

تعود الأرقام الأولى المعترف بها إلى بعض الألواح الطينية المكتشفة في موقعي سوسة وأوروك (في إيران الحالية) منذ 5 آلاف عام.

 

وبالتأكيد، بدأ الإنسان في العدّ قبل ذلك بكثير، من خلال تكديس الحجارة أو وضع علامات على الحائط منذ ما لا يقل عن 30 ألف عام، لكن التعليقات التوضيحية المبكرة والقديمة كانت تنتظر اختراع الكتابة.

 

وفي البداية، تمّ استخدام الأرقام فقط للعدّ، وأضيفت العلامات حتى العاشر، العدد الذي تمّ تخصيص له علامة مختلفة.

theme::common.loader_icon