"نظرة فاحصة" لرويترز.. "شيء واحد فقط هو الواضح"
"نظرة فاحصة" لرويترز.. "شيء واحد فقط هو الواضح"
Tuesday, 11-Aug-2020 23:32

في القصة الغامضة الخاصة بكيفية انتهاء المطاف بشحنة من نترات الأمونيوم شديدة الانفجار في مرفأ بيروت، شيء واحد فقط هو الواضح هو أن لا أحد تقدم قط وأعلن ملكيته لها.

 

وفي تقرير لوكالة "رويترز"، أشارت إلى أنه ثمة كثير من الأسئلة المفتوحة حول الانفجار الهائل الفتاك الذي عصف ببيروت، غير أنه يُفترض أن تكون قضية الملكية من بين أسهلها.

 

والتحديد الدقيق لهوية المالك، لا سيما لشحنة بمثل خطورة تلك التي حملتها السفينة "روسوس" التي ترفع علم مولدوفا إلى بيروت قبل نحو 7 أعوام، أمر جوهري في حركة الشحن البحري، كما أنه العنصر الأهم للتأمين على الشحنات وتسوية النزاعات التي كثيرا ما تنشب.

 

غير أن مقابلات وعمليات بحث عن وثائق أجرتها "رويترز" في عشر دول، سعيا لمعرفة المالك الأصلي لهذه الشحنة التي كانت تزن 2750 طنا كشفت بدلا من ذلك عن قصة معقدة تشمل وثائق مفقودة وأنشطة سرية وشبكة شركات صغيرة مغمورة تنتشر في أرجاء العالم.

 

وقال الوزير السابق غسان حاصباني: "بضاعة كانت منقولة من بلد إلى بلد آخر، وانتهى بها الأمر في بلد ثالث دون مالك للبضاعة. لماذا انتهى بها المطاف هنا؟"

 

ونفى كل من كانت لهم صلة بالشحنة الذين أجرت معهم "رويترز" مقابلات معرفتهم بالمالك الأصلي للشحنة أو امتنعوا عن الرد على السؤال. والرواية الرسمية لرحلة السفينة "روسوس" الأخيرة تتحدث عنها بوصفها سلسلة من الأحداث المشؤومة.

 

وتظهر السجلات الملاحية أن السفينة جرى تحميلها بنترات الأمونيوم في جورجيا في أيلول من عام 2013 وكان من المستهدف تسليمها إلى شركة لصناعة المتفجرات في موزامبيق. غير أن قبطان السفينة واثنين من أفراد الطاقم يقولان إن تعليمات صدرت إليهم قبل أن تغادر السفينة البحر المتوسط من رجل الأعمال الروسي إيغور غريشوشكين، الذي كانوا يعتبرونه المالك الفعلي للسفينة، بالتوقف على غير ما كان مقررا في بيروت وتحميل شحنة إضافية.

 

ووصلت "روسوس" إلى بيروت في تشرين الثاني لكنها لم تغادر قط، حيث علقت في نزاع قانوني بشأن رسوم غير مدفوعة للميناء وعيوب في السفينة. ولفتت روايات رسمية إلى ان دائنين اتهموا المالك القانوني للسفينة، المسجل كشركة مقرها بنما، بالتخلي عن السفينة وتم تفريغ الشحنة لاحقا ووضعها في مستودع على رصيف الميناء.

 

وقالت سلطات الجمارك إن السفينة الفارغة غرقت في نهاية الأمر حيث كانت راسية في 2018.

 

وخضعت التحركات الأخيرة للسفينة للتدقيق مجددا بعدما اشتعلت النار في نترات الأمونيوم في المستودع وانفجرت الأسبوع الماضي.

 

ومن بين الأسئلة التي ما زالت تنتظر إجابة: من الذي دفع ثمن نترات الأمونيوم؟ وهل حاول في أي وقت استرداد الشحنة عندما احتُجزت السفينة؟ وإذا كان لم يحاول، فلماذا؟

 

وقال مصدر في القطاع إن قيمة الشحنة، التي كانت معبأة في أجولة بيضاء كبيرة، كانت تبلغ حوالي 700 ألف دولار بأسعار عام 2013.

 

فبموجب الاتفاقيات البحرية الدولية وبعض القوانين المحلية، يجب أن تمتلك السفن التجارية تأمينا لتغطية حوادث مثل الأضرار البيئية وفقد الأرواح أو الإصابات الناجمة عن الغرق أو التسرب أو التصادم. ورغم ذلك فقد ذكر مصدران مطلعان أنه لم يكن هناك تأمين على سفينة "روسوس".

 

وقال قبطان السفينة الروسي بوريس بروكوشيف عبر الهاتف من منزله في سوتشي في روسيا، إنه رأى وثيقة تأمين لكنه لا يستطيع تأكيد صحتها.

 

وقال أنطونيو كونيا فاز المتحدث باسم الشركة الموزامبيقية التي طلبت شراء شحنة نترات الأمونيوم، فابريكا دي اسبوزيفوس موسامبيكي (شركة موزامبيق لصناعة المتفجرات) (إف.إي.إم)، إن الشركة لم تكن المالك للشحنة في ذلك الوقت لأنها اتفقت على الدفع عند التسليم.

 

وكانت الشركة المنتجة هي روستافي أزوت الجورجية لصناعة الأسمدة، والتي تمت تصفيتها بعد ذلك. وقال مالكها في ذلك الحين، رجل الأعمال رومان بيبيا، لرويترز إنه فقد السيطرة على مصنع روستافي لنترات الأمونيوم في عام 2016. وتظهر وثائق قضائية في المملكة المتحدة أن أحد الدائنين أجبر الشركة على بيع أصولها في مزاد في ذلك العام.

 

وتدير شركة أخرى المصنع حاليا، هي جيه.إس.سي روستافي أزوت التي قالت أيضا إنه لا يمكنها الكشف عن مالك الشحنة حسبما ذكر ليفان بورديلادزي النائب الأول لمدير المصنع حاليا.

 

وقالت شركة فابريكا دي اسبوزيفوس موسامبيكي (شركة موزامبيق لصناعة المتفجرات) (إف.إي.إم) إنها طلبت الشحنة عبر شركة تجارية، سافارو ليمتد، التي لها شركتين مسجلتين في لندن وأوكرانيا لكن موقعها الإلكتروني لا يعمل حاليا.

 

وقال مصدر على دراية بالأعمال الداخلية للأعمال التجارية لشركة سافارو إنها تبيع أسمدة من دول الاتحاد السوفيتي السابق لعملاء في أفريقيا.

 

وتوضح قاعدة بيانات الشركات الأوكرانية (يو كنترول) أن رجل الأعمال فلاديمير فيربونول مسجل كمدير لسافارو في أوكرانيا وهي مقر اقامته.

 

وقال مصدر أمني إن الشرطة القبرصية استجوبت غريشوشكين في منزله بقبرص الخميس الماضي فيما يتصل بالشحنة. وقال متحدث باسم الشرطة القبرصية إنه تم استجواب شخص لم يُكشف عن اسمه بناء على طلب من الشرطة الدولية في بيروت.

 

وقال القبطان بروكوشيف إن السفينة وصلت بيروت في تشرين الثاني 2013 وبها تسريب وحالتها العامة متهالكة. فقد كانت تعاني بالفعل من مشاكل.

 

وفي تموز 2013، أي قبل أربعة أشهر من رسوها في بيروت، احتجزت سلطات ميناء اشبيلية في إسبانيا السفينة لمدة 13 يوما بعد اكتشاف العديد من أوجه القصور التي كان بينها تعطل أبواب وتآكل في منطقة السطح وقصور في المحركات المساعدة حسبما ورد في بيانات الشحن. وأظهرت البيانات أن السفينة استأنفت الإبحار بعد أن أصدرت شركة التفتيش ماريتايم لويد لها (شهادة سلامة إنشاءات سفينة شحن)، وهي شهادة يفترض أن تتضمن مسحا للسفينة.

 

وقال تيموراز كافتارادزه المفتش في ماريتايم لويد إنه لا يمكنه أن يؤكد ما إذا كانت الشركة قدمت أم لا وثائق خاصة بالتفتيش للمسؤولين في ميناء اشبيلية. وأوضح أنه كان يعمل بالشركة عام 2013 لكن آخرين من طاقم العاملين والإدارة جرى تغييرهم منذ ذلك الحين.

 

وأكدت مجموعة مذكرة باريس للتفاهم حول رقابة دولة الميناء التي تضم 27 دولة بحرية وجرى احتجاز السفينة (روسوس) بموجب سلطتها، أن السفينة احتُجزت وجرى تفتيشها في اشبيلية.

 

وتسجل مولدوفا، المسجلة بها السفينة، أنها مملوكة لبريروود كورب ومقرها بنما، طبقا لشهادة ملكية السفينة التي اطلعت عليها رويترز.

 

وتفيد السجلات الدولية أن مستأجر السفينة كان شركة تيتو شيبنغ ليمتد ومقرها جزر مارشال وجرى حلها في 2014 وفقا لقاعدة بيانات السجل العالمي التي تقول إنها تقدم خدمات تسجيل الشحن البحري لجزر مارشال.

 

وقال إيغور زهاريا، مدير وكالة مولدوفا البحرية، إن غريشوشكين كان مدير شركة تيتو شيبنغ.

 

وبعث قبطان روسوس لرويترز عنوان البريد الإلكتروني الذي كان وأفراد الطاقم يستخدمونه لشركة تيتو شيبنغ لكن طلبات التعليق التي أُرسلت لذات العنوان الإلكتروني لم تتلق أي إجابة. وأوضح القبطان أنه يعتبر غريشوشكين وتيتو كيانا واحدا.

theme::common.loader_icon