هيروشيما بيروت: تداعيات صحية كارثية؟
هيروشيما بيروت: تداعيات صحية كارثية؟
ماريانا معضاد
د. عبد الرحمن البزري، اختصاصي صحة عامة وأمراض معدية
جريدة الجمهورية
Thursday, 06-Aug-2020 06:38
مفرقعات نارية، مستودعات لمادة نيترات الأمونيوم، احتكاك كهربائي، حريق، مستوعبات أسلحة... مهما كانت حقيقة الانفجار الذي دمّر العاصمة بيروت مساء الثلثاء، الحقيقة التي يبحث عنها اللبنانيون الناجون اليوم هي: هل ستلاحقهم الأضرار الصحية على المدى القصير، كما البعيد؟ أم أنّ الأسوأ قد انتهى؟

في حديث لـ«الجمهورية»، عرض د. عبد الرحمن البزري، اختصاصي صحة عامة وأمراض معدية، عضو في اللجنة الوطنية العلمية للأمراض الجرثومية في وزارة الصحة، ورئيس لجنة الإشهاد الوطني (التي تراقب عمل وزارة الصحة في مجال اللقاحات والترصّد الوبائي وغيرها)، ثلاث مشكلات أساسية أصابت القطاع الصحي في لبنان، جراء المأساة التي وقعت مساء 4 آب:

 

1- التلوّث الكيميائي

 

وصف د. البزري التلوث الناتج من الانفجار «بالخطِر، ولكنه ليس خطراً بالقدر الذي يُحكى عنه على وسائل التواصل الاجتماعي. فنيترات الأمونيوم أقل سمية في الهواء من صوديوم الأمونيوم أو غيره. بالتالي، احتمال انتقال السموم الهوائية ضئيل، فيما يكمن الخطر الحقيقي في ذوبان المواد البلاستيكية التي تشكّل حويصلات صغيرة مجهرية، تتطاير في الهواء نتيجة وزنها الخفيف، وتبقى في الهواء لوقت طويل. وكي لا نتنشقها، يجب ارتداء الكمامات كحاجز واقٍ، لا سيما عند الخروج من المنزل. أما في الداخل، فمن الأفضل إغلاق الشبابيك - إن تبقّى شبابيك لتُغلَق - فمن المستحسن نقل المرضى الذين يعانون من أمراض رئوية مزمنة، في حال سكنهم بالقرب من موقع الانفجار، إلى مكان أنظف. ولا داعي لإخلاء المدينة أو المنازل المحيطة بالمرفأ، بل فقط أخذ الحيطة، واستعمال منقي الهواء في الداخل، والتنظيف».

 

ونصح د. عبد الرحمن كل من يعود إلى المنطقة المتضررة لتفقد منزله أو لتقديم المساعدة، بارتداء القفازات والنظارات فضلاً عن الكمامات بالطبع.

 

هل المعلومات الأولية دقيقة؟

 

كل ذلك على خلفية معلومات مسبقة عن وجود مواد نيترات الأمونيوم تحديداً في موقع الانفجار، وذلك بحسب وزير الصحة والجهات المعنية، على أمل ألّا تكون هناك معلومات مخفية عن مواد أكثر ضرراً. فبحسب د. البزري، «لم يتمّ إجراء التحاليل والدراسات العلمية بعد حول مدى تلوث الهواء وطبيعة هذا التلوث». ولفت إلى ضرورة «إجراء تحاليل لعينات الهواء والماء لتقييم الأضرار البيئية والصحية بدقة، على المدى القريب كما البعيد، مع العلم أننا نراهن على قدرة مياه البحر على تخفيف كثافة المواد الملوثة في البحر. ولكن وفقاً للمعلومات والبيانات المتوفرة، ليس الخطر هائلاً».

 

2- ضربة أخرى لمستشفيات لبنان

 

مع أكثر من 4 آلاف إصابة خلال بضع ساعات، امتلأت أسرّة المستشفيات بسرعة هائلة، إلى أن اضطُرّ بعض الجرحى الى البحث عمّن يعالجهم على طريق جليل امتد من بيروت إلى صيدا... وأقرّ د. عبد الرحمن: أنّ «المستشفيات تعرّضت إلى ضغط هائل، حتى أنّ بعضها خرج عن الخدمة جراء الانفجار. نتيجة لذلك، تحمّلت المستشفيات الأخرى هذا الضغط، علماً أنّ الكثير منها أيضاً تضرّرت ولكن جزئياً، ما أدّى إلى خفض في قدرتها الاستيعابية. وقد شكّل الانفجار الضربة الأكبر على المستشفيات، بعد سلسلة من الضربات، من تفشي وباء كورونا، إلى الأزمة الاقتصادية والمالية، والنقص بالمواد الطبية، وبالطاقم الصحي نتيجة إصابة عدد منهم بالكورونا».

 

3- دمار مخزون الأدوية في الكرنتينا

 

كما تطرّق د. البزري الى مخزون أدوية كبير الحجم تابع لوزارة الصحة في مبنى في الكرنتينا، قائلاً: «دُمِّرَ المبنى تدميراً كاملاً... ولكن توجّه بعض الموظفين في وزارة الصحة إلى هذا المبنى يوم الثلثاء ليلاً، ورصدوا المواد التي تحتاج إلى تبريد (كالأنسولين واللقاحات)، وتمكنوا، وبالاتفاق مع الجيش اللبناني، من إمدادها بالكهرباء كي لا تتلف، فلم نفقد مخزون اللقاحات.

 

ولكن ما زلنا لا نعلم مصير بعض الأدوية الأخرى. ثمة تعاون جدّي بين وزارة الصحة ومنظمة الصحة العالمية لإنقاذ مخزون الأدوية ونقلها إلى مستودعات أخرى أصبحت متوفرة، مع التأكّد من سلامة فريق الإنقاذ خلال عملية خطرة كهذه. فهذه أدوية لأمراض مزمنة كالسرطان، يحتاج إليها الشعب اللبناني أمسّ الحاجة».

 

وقال د. البزري: «أدّى عدد الجرحى الهائل جراء الانفجار إلى نقص في دواء الكزاز - أي تصلّب مفصل الفك أو التيتانوس - لذا يجب الانتباه الى نظافة الجروح كي لا يتفشى هذا المرض مجدّداً في لبنان في ظل نقص الدواء».

theme::common.loader_icon