ماذا لو دخل "حزب الله" بدراجاته النارية إلى الجليل؟
ماذا لو دخل "حزب الله" بدراجاته النارية إلى الجليل؟
عماد مرمل
جريدة الجمهورية
Tuesday, 21-Apr-2020 13:20

يستمر السجال الأمني- الاستخباري بين "حزب الله" وتل أبيب، متخذا أشكالا مختلفة، ومتنقلا بين ساحة جغرافية واخرى، في ما يبدو انه تعويض عن حرب مؤجلة.

 

لم يتأخر "حزب الله" في الرد على الاستهداف الاسرائيلي لإحدى سياراته في منطقة جديدة يابوس السورية، على مقربة من الحدود مع لبنان، وبالنمط نفسه: ضربة مدروسة من دون دماء.

 

وهذه المرة، مرت رسالة الحزب الجوابية عبر الفجوات الواسعة التي احدثتها "أشباحه" في السياج الشائك عند الحدود الجنوبية، على قاعدة: "اذا كنتم تراقبونا وتفترضون انكم تعرفون ماذا نفعل، فنحن ايضا نراقبكم كظلكم ونعرف أين تكمن خاصرتكم الرخوة.."، كما تقول الاوساط القريبة من الحزب.

 

َوقد عكس رد فعل الاوساط الاعلامية الإسرائيلية الوقع الكبير للمفاجأة التي باغتت تل أبيب بعد قطع اسلاك السياج الحدودي في المنطقة الشمالية مع لبنان عند ثلاث نقاط: الأولى، محاذية لمستوطنة المطلة قبالة بلدة كفركلا وسهل بلدة الخيام. الثانية، قريبة من مستوطنة يفتاح الواقعة قبالة بلدتي عيترون وميس الجبل. والثالثة، قريبة من مستوطنة أفيفيم الزراعية قبالة بلدة مارون الراس.

 

ومع ان الرسالة- الرد لم تكن مذيلة بتوقيع رسمي وعلني من الحزب، الا انه كان واضحا ومحسوما انها تحمل بصماته وتكتيكاته، فيما انكب الجانب الاسرائيلي على تشريح محتواها وتفسير دلالاتها، فور تلقيه اياها عبر "البريد السريع" الحدودي، ولاسيما انها كشفت مكامن ضعف فادحة في منظومة الحماية لديه.

 

وتعتبر الاوساط القريبة من حزب الله ان عملية الشريط الشائك هي "عملية نظيفة ودقيقة، انطوت على مقدار من الابتكار والمباغتة، وحققت أهدافا عدة في وقت واحد، من دون أن تخرق جوهر قواعد الاشتباك".

 

واذا كان قصف طائرة مسيرة اسرائيلية جيب الشيروكي التابع لحزب الله والذي كان ركابه ينفذون مهمة ما في الجنوب السوري، يندرج في إطار "رسالة تكتيكية"، فإن الاوساط تلفت الى أن تمكن مجموعات الحزب في المقابل من الوصول إلى السياج الحدودي الشائك وتقطيع أسلاكه قبالة ثلاث مستوطنات اساسية، إنما يحمل دلالة استراتيجية أشد تأثيرا. 

 

وتشير الأوساط إلى ان تل أبيب قصفت هدفا لحزب الله في الاراضي السورية حيث الجبهة الرديفة، بينما أتى رده في الساحة الأصلية للصراع، وتحديدا عند الحدود الحيوية والمباشرة مع الكيان الاسرائيلي الذي شن حروبا عدة في السابق لحمايتها ومنع اختراقها، "فإذا بمجموعات الحزب تنجح في الوصول اليها واحداث خروق واسعة فيها، على الرغم من وجود أجهزة الرقابة المتطورة المزروعة على امتداد السياج، الأمر الذي يشكل خرقا استراتيجيا لمظلة الأمن الاسرائيلي".

 

َوالسيناريو الاخطر بالنسبة إلى قوات الاحتلال هو انه كان بمقدور افراد الحزب بعد تمزيق الاسلاك، وفق ما تؤكد الاوساط، الدخول بدراجاتهم النارية إلى الجليل، لو ان هناك قرارا بذلك، ما دفع البعض الى استحضار كلام سابق للسيد حسن نصرالله ورد فيه ان "مقاتلي الحزب باتوا يملكون الجهوزية المطلوبة لاقتحام الجليل في اي حرب مقبلة، اذا اقتضت الحاجة"، وكأن ما جرى ليس سوى عينة عما قد يحصل مستقبلا في حال التدحرج نحو حرب واسعة.

 

وبهذا المعنى، تلفت الاوساط المحيطة بالحزب الى أن من يستطيع التسلل الى السياج الشائك وتقطيعه في مواضع عدة وفي وقت واحد بحيث أصبحت الاراضي المحتلة مشرعة امامه، يمكنه التمدد إلى عمق المستوطنات متى يريد، وأن المسألة باتت مسألة قرار لا قدرات. 

 

وتلاحظ ان "واقعة السياج" كشفت هشاشة كل اجراءت المراقبة الإلكترونية، من معدات حديثة وكاميرات متطورة، لم تستطع" التقاط" أفراد الحزب الذين كانوا يعرفون فوق اي ارض يقفون وكيف يتحركون بطريقة لا تسمح بكشفهم، بحيث ان ملايين الدولارات التي انفقها الجيش الاسرائيلي على تحصين تدابيره الاحترازية تبخرت في ليلة واحدة.

 

وفوق ذلك كله، أظهرت "رسالة السياج"، وفق استنتاجات العارفين، ان الأنفاق التي دمرتها إسرائيل سابقا بعد اكتشافها، ليست الوسيلة الوحيدة للاختراق، بل هناك بدائل عنها فوق الأرض، بمعزل عن ملابسات تلك الأنفاق وقصتها الحقيقية.

 

َولكن، هناك من يتساءل: ألم يخسر الحزب إحدى أوراقه الميدانية في الوقت الضائع، كون الجيش الاسرائيلي سيلجأ بعد الحادثة الحدودية الى استخراج العبر وسد الثغر في منظومته الأمنية؟

 

تجيب الاوساط المحيطة بالحزب: كلما اخرج حزب الله ورقة من جعبته، فهذا مؤداه انه يخفي ما هو أقوى منها، ولذلك يجب على تل ابيب ان تقلق.

theme::common.loader_icon