مانشيت: التعبئة العامة: إلتزام جزئي .. وإخبار من وزني على إقفال المصارف
مانشيت: التعبئة العامة: إلتزام جزئي .. وإخبار من وزني على إقفال المصارف
Tuesday, 17-Mar-2020 05:43

أملت الضرورة الوبائية على الحكومة، إعلان التعبئة العامة الصحيّة، للحدّ من انتشار فيروس «كورونا» في الأرجاء اللبنانية. واليوم الاول لسريان مفعول هذا الإجراء الحكومي، لم يعكس الالتزام المطلوب على المستوى الشعبي، حيث سُجلّت خروقات في بعض المناطق، فرضت تدخّل البلديات والأجهزة الامنية لمنعها. فيما أثار قرار جمعية المصارف بإقفال أبواب المصارف، إعتراضاً واسعاً من وزير المال غازي وزني، الذي اعتبر أنّه بمثابة إخبار إلى النيابة العامة، وكذلك أثار القرار قلقاً كبيراً لدى المواطنين.

 

بالتأكيد، إنّ مهمة الدولة لا تنتهي مع إعلان التعبئة العامة، ولا تقتصر على دعوة اللبنانيين الى الالتزام بمنازلهم، خصوصاً أنّه واجب عليهم، كما لا تقتصر فقط على زيادة سرعة الانترنت وما الى ذلك من إجراءات سطحية أو شكلية، بل إنّ مهمتها مضاعفة، توجب عليها المبادرة الى التحرّك على ثلاثة خطوط متوازية في آن معاً:

الأول، إتخاذ الإجراءات الكفيلة بوقف مسلسل ضخ الشائعات والأخبار المفبركة، الذي عمّم في البلد اجواء سوداوية جعلت الذعر من الوباء الخبيث اقلّ على الناس من تأثير الوباء نفسه.

الثاني، السعي الحثيث الى توفير الإمكانات الصحية والوقائية لمواجهة هذا الفيروس، حتى ولو اضطرت الى أن تقرع كل الابواب الخارجية.

الثالث، اتخاذ الإجراءات الكفيلة بتوفير المواد الحياتية للمواطنين خلال فترة التعبئة العامة، وهو الحدّ الادنى المطلوب بالتوازي مع التشدّد في منع اي محاولة من التجار للاحتكار او للتلاعب بالأسعار ورفعها، تحت طائلة اتخاذ الإجراءات العقابية الصارمة بحق المتلاعبين، علماً انّ اسعار السلع، وجراء تهافت المواطنين عليها قد ارتفعت في الايام الاخيرة بشكل جنوني.

 

مرجع مسؤول

هذا ما اكّد عليه مرجع مسؤول بقوله لـ«الجمهورية»: «مع دعمنا الكامل لقرار الحكومة، وتقديرنا للاستنفار الصحي المُعلن لضمان الحدّ من انتشاره، الّا انّ الغجراءات المُتخذة ينبغي الاّ تنتهي بمنع التجمعات في الأماكن العامة والخاصة، كالملاهي والمقاهي والحدائق العامة ومراكز التسوق والمطاعم وأماكن الترفيه وغيرها، بل تستدعي أيضاً، الحدّ منها في الأماكن المُستثناة، وقبل ذلك التشدّد في مراقبة اسعار السلع، لئلا يلجأ بعض التجار الى تحقيق ارباح على حساب حياة الناس ومعاناتهم».

 

مرجع أمني

بالتوازي، مع تأكيد الموقف الرسمي، ولاسيما على مستوى الرئاسات الثلاث، على وجوب التشدّد في تطبيق الإجراءات التي اتخذتها الحكومة، قال مرجع امني كبير لـ»الجمهورية»: «انّ الإجراءات التي قرّرتها الحكومة ومجلس الدفاع الأعلى ستُطبق بحذافيرها، وأُعطيت التوجيهات اللازمة للقوى الامنية والعسكرية ضمن الإطار المحدّد لها. والاولوية بالنسبة الى القوى الامنية على اختلافها هي حفظ الامن العام وسلامة المواطنين في كل المناطق اللبنانية، وثمة تعليمات صارمة قد أُعطيت للقوى الامنية والعسكرية بمنع حصول اي إخلال بالأمن، والتشدّد مع المخلّين».

 

المصارف تقرّر الإقفال

إلى ذلك، وفي تطور لافت، وعلى الرغم من أنّ المصارف مستثناة من إعلان الحكومة التعبئة العامة، فقد بادرت في الساعات الماضية الى خطوة مريبة تثير أكثر من علامة إستفهام حول أبعادها، تجلّت في إعلان إقفال المصارف إعتباراً من اليوم وحتى 29 آذار الجاري.

 

وزني يُحيل قرار المصارف الى النيابة العامة

وعبّر وزير المال الدكتور غازي وزني عن إعتراضه على قرار المصارف، وقال في بيان له أمس، «إنّ قرار مجلس الوزراء المتعلِّق بدعوة المصارف الى فتح أبوابها خلال فترة التعبئة العامة، وتلبية حاجات المودعين الأساسية ولو بحدِّها الأدنى هو بمثابة إخبار الى النيابة العامة، وهي مدعوّة الى التحرّك سريعاً في ضوء قرار جمعية المصارف المتسرِّع بالإقفال من دون الإلتفات الى تسيير مصالح الناس ولو بالحد الأدنى، كما جاء في قرارات مجلس الوزراء».

ولاحقاً، ردّت جمعية المصارف بأنّ «قراراتها المُتّخذة اليوم جاءت منسجمة تماماً مع قرارات وتوجيهات مجلس الوزراء بإعلان التعبئة الوطنية العامة لمواجهة حال الطوارئ الصحيّة في البلاد، بحيث أنّ المصارف سوف تؤمّن من خلال إداراتها العامة ومراكزها الرئيسية الحدّ اللازم والمفروض لتيسير العمل ولتأمين الخدمات المصرفية الأساسية لعملائها، سواء لجهة عمليات السحب النقدي بواسطة أجهزة الصرّاف الآلي، أم لجهة تنفيذ العمليات التجارية الملحّة المتعلّقة بالأمن الغذائي والمستلزمات الطبية للمواطنين».

 

وزني لـ«الجمهورية»

وقال الوزير وزني لـ«الجمهورية»: «في وضع كالذي نمرّ به حالياً، يفترض بالمصارف أن تؤمِّن الحد الأدنى من الخدمات المالية للمواطنين، علماً أنّ خطوتها هذه تؤثر على الناس، وتلقي لديهم حالاً من عدم الإرتياح وعدم اليقين، بل ويزيد قلقهم من هذه الخطوة التي تذكِّر بالخطوة السابقة التي أقدمت عليها المصارف بالإقفال إبتداء من أول تشرين الثاني من العام الماضي».

وأكّد وزني، أنّ هذه الخطوة غير مقبولة على الإطلاق، والتي من شأنها أن تزيد قلق المودعين على ودائعهم، وخصوصاً أنّ المصارف تُكرِّر اليوم دورها السلبي الذي قامت به في تشرين الثاني الماضي. لذلك المطلوب هو العودة عن هذه الخطوة فوراً وبلا أي إبطاء بالنظر الى السلبيات الكبيرة التي تترتب عليها.

 

«بلومبرغ»

وبالتوازي، كشفت «بلومبرغ» أنّه يجري درس اقتراح بالسماح لأصحاب الحسابات بالدولار في البنوك بسحب الأموال بالليرة بسعر 2000 ليرة لكل دولار، مقارنة بسعر الصرف الرسمي منذ عقود البالغ 1507.5. وذكرت المعلومات إنّ الخطة تهدف إلى تأكيد السيطرة على سعر السوق السوداء الذي لا يزال فوق 2500.

ونوقش هذا الإجراء خلال اجتماع بين المصرفيّين والمدّعي العام الأسبوع الماضي، بعدما وافق الجانبان على مجموعة من القرارات لتخفيف القيود المصرفية، بحسب شخصين مطلعين على الأمر. ويتطلّب الإتفاق صدور تعميم من البنك المركزي ليصبح ساري المفعول.

 

109 إصابات

في جديد الوباء لبنانياً، استمر عدد المصابين بفيروس «كورونا» في لبنان في منحاه التصاعدي، حيث اعلنت وزارة الصحة امس عن ارتفاع عدد الحالات المثبتة الى 109 حالات، فيما أُعلن في الوقت نفسه عن حالتي شفاء.

 

اسبوعان دقيقان

ولفت في هذا السياق، إعلان وزير الصحة حمد حسن «انّ هذين الاسبوعين هما الأكثر دقّة، فعنوان المرحلة ضبط الانتشار المحدود ورصد عدم تحوّله الى مرحلة الانتشار الاوسع».

وإذ امل «ان يشكّل الطقس مساعداً لتخفيف الإجراءات»، اشار، «انّ لدى الحكومة خططاً تسير بوتيرة مضبوطة، وعلى قدر ما يكون التعاون بين مختلف مكونات المجتمع لتطبيق الإجراءات المُتخذة، يتمّ الحد من انتشار الوباء، فلا يصل لبنان الى مكان لا يستطيع احد ضبطه». وقال: «اننا نواجه الأزمة باللحم الحي، ولولا تفهّم المجتمع وتحسّسه بالمسؤولية، لكنا اصبحنا في مكان آخر».

 

السراي

الى ذلك، اكّدت مصادر السراي الحكومي لـ»الجمهورية»، انّ الحكومة وبالتوازي مع اعلان التعبئة العامة، وبرغم الإمكانات المتواضعة، تحضّر نفسها لأسوأ الاحتمالات.

واعربت المصادر عن اسفها لمحاولات الاستثمار على حياة الناس، التي تقوم بها بعض القوى السياسية، من خلال الهجوم غير المفهوم على الحكومة والإجراءات التي تتخذها في مواجهة فيروس «كورونا».

وقالت المصادر لـ»الجمهورية»: «ثمة مبالغات وافتراءات منظّمة تُشن على الحكومة، في الوقت الذي تفترض فيه خطورة ما يتعرّض له البلد، ان تضع كل القوى السياسية كل امكاناتها في خدمة هذه المعركة المصيرية التي يخوضها البلد، وإنجاح الإجراءات الحكومية لرد هذا الخطر عن اللبنانيين، بدل اصرار البعض على الحرتقة التي ترخي اضراراً ومساً بحياة الناس، وزيادة العبء عليهم، وهذا امر معيب».

ولفتت المصادر رداً على سؤال، الى انّ الحكومة مدركة لدورها والمطلوب منها في هذه المرحلة، وهي تدرك انّ مواجهة «كورونا» تتطلب توفّر امكانيات كبرى، لا تمتلكها الدولة اللبنانية، علماً انّ لبنان طلب مساعدات من العديد من الدول، ولكنه حتى الآن لم يتلق بعد اي مساعدات، ما يعني انّ لبنان يخوض المعركة ضد «كورونا» وحيداً حتى الآن، وبإمكاناته الذاتية والمتواضعة.

وأضافت المصادر، انّ الحكومة، ومن اللحظات الاولى لظهور هذا الوباء، بذلت أقصى طاقتها في مواجهته، وعلى نحو يفوق بكثير ما قامت به دول كبرى تمتلك إمكانات هائلة في مواجهة الوباء، ودول كبرى ورغم امكاناتها الكبيرة اعلنت الاستسلام امام هذا الفيروس، وأعلنت انّها لم تعد تتمكن من احتوائه والحد من سرعة انتشاره. والحكومة ماضية في هذه المواجهة، وهي في اعلانها التعبئة العامة اعتمدت اعلى درجات الاستنفار، والامر البديهي هو ان تتضافر جهود الجميع معها للتعاون في إنقاذ البلد، لا ان تنصب امام الحكومة جبهات سياسية همّها الوحيد قطع الطريق والمزايدة والتشويش.

وعن سبب عدم اعلان الحكومة حالة الطوارئ، قالت المصادر: «مع الاسف، حوّلت بعض القوى هذه المسألة الى مهزلة، اذ بادر البعض الى الهجوم على الحكومة واتهامها بالتقصير وعدم المبادرة الى اعلان حالة الطوارئ، وهذا اتهام باطل. وهنا نقول لهؤلاء، غن كان هدفكم تصويب المسار، وإن كنتم تحرصون على سلامة الناس، تفضلّوا وقدّموا لنا حلولكم ونحن على استعداد ان نمضي بها، لكن ان تُمعنوا فقط بالاتهام السياسي، فالناس شبعت من الاستثمار عليها، ومحاولات تسجيل النقاط الشعبوية على حسابها. ثم انّ هناك سؤالاً لهؤلاء: هل انّ اياً من هؤلاء المزايدين كلّف نفسه الإطلاع على قانون الدفاع، او قراءة الدستور؟ ربما لو انّ احداً منهم اطّلع على الدستور، لكان أولاً وفّر على نفسه الإحراج، وتيقّن انّه لا يجيز للحكومة اعلان حالة الطوارئ في ظروف كالتي نعيشها».

وقالت المصادر: «في اي حال، نحن على يقين انّ هؤلاء سيمضون بهذه الحرتقة التي اعتادوا عليها في كلّ المحطات الخطيرة التي مرّ بها لبنان، وهو امرٌ لن يؤثر على الحكومة ولن يجعلها تتباطأ في القيام بواجباتها تجاه الناس، ويجعلها تراهن اكثر على وعيهم، واستجابتهم للإجراءات المُتخذة لانقاذهم».

 

عون و بري

وفيما دعا رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الى التشدّد في تطبيق إجراءات التعبئة العامة، اكّد رئيس المجلس النيابي نبيه بري على أنّ دقة الوضع الناجم عن «كورونا» توجب عدم التهاون معه. والمطلوب دعم الإجراءات الحكومية المُتخذة لمكافحة هذا الفيروس، مشدّدا في الوقت نفسه على انّ التعاطي العام في مواجهة هذا الوباء يجب ان تكون بلغة صحية وعلمية وانسانية لا تميّز بين انسان وآخر».

 

الحريري

الى ذلك، قالت مصادر قريبة من الرئيس سعد الحريري لـ»الجمهورية»، انّه رغم انّ الإجراءات تأخّرت عشرة ايام، المهم الآن تضافر كل الجهود للحد من انتشار الوباء والتأكيد على الإقفال التام للأجواء والحدود البرية».

 

حمادة

وقال النائب مروان حمادة لـ»الجمهورية»: «انا ليس لديّ تحفظ على الإجراءات، بل لديّ تحفظ على التوقيت، تأخّروا لأسباب واضحة لها علاقة بالسياسة كان في الإمكان تجاوزها، لكنا ساعدنا انفسنا، ولكنا ايضاً ساعدنا غيرنا، اكانوا ايرانيين او ايطاليين او غيرهم».

اضاف: «الوقت الآن، هو للتفكير في كيفية حماية بلدنا وشعبنا وليس في اي امر آخر، مع التحلّي بأعلى درجات المسؤولية، وأي كلام خارج هذا الإطار، واي كلام غير مسؤول، يؤذي وربما يكون اخطر من الفيروس».

وأبدى حمادة «امتعاضه مما يجري في برامج «التوك شو»، وقال: «هناك فلتان يتفاقم منذ اكثر من سنتين تحت عنوان حرّية الاعلام، وبلغ حداً لا يُطاق على مواقع التواصل الاجتماعي. المهم هو ان نتصرّف بمسؤولية، ونتمكن من اخراج بلدنا من هذه الأزمة وهذا العزل».

 

«القوات»

الى ذلك، قالت مصادر «القوات اللبنانية» لـ»الجمهورية»: «انّ المشكلة الوحيدة في الإجراءات التي اتخذتها الحكومة تكمن في توقيتها، إذ كان يُفترض اتخاذ التدابير نفسها منذ تسجيل الإصابة الأولى، وذلك منعاً لتفشي الفيروس وانتشاره، بخاصة انّ البنية التحتية اللبنانية الاستشفائية ضعيفة مقارنة مع العالم المتطور، كما انّ لبنان يمرّ بأزمة مالية غير مسبوقة، وبالتالي إمكانيات المواجهة المطلوبة غير متوافرة، ولذلك كان يجب التحسُّب سريعاً بالاتكاء على ما يحصل في العالم والاستفادة من الخبرات الخارجية لإقفال الحدود ووقف تمدّد الوباء».

واستغربت المصادر، الحملة التي شُنّت على رئيس حزب «القوات» سمير جعجع على خلفية كلامه المُطالب بإقفال الحدود البرية والبحرية والجوية والإقفال التام في الداخل، فيما الإجراءات نفسها عادت واتخذتها الحكومة بعد 48 ساعة، ورفع السقف من جانب «القوات» سببه الحرص على صحة الناس وحمايتها في ظل شعور عام انّ الحكومة تتعامل مع الفيروس بشكل طبيعي لا استثنائي، وفي ظل خوف الناس وقلقها على أمنها الصحي.

وأكّدت المصادر ألا شيء يعلو على صحة الناس، والحكومة مُطالبة اليوم بالسهر على تطبيق الإجراءات التي اتخذتها، واتخاذ كل ما يلزم من تدابير لحماية الناس والحؤول دون تمدّد الفيروس، وشدّدت على ضرورة إبقاء حالة الاستنفار بأقصى حدودها لغاية القضاء على هذا الوباء.

 

«امل»

وفي تعميم لها في ذكرى انطلاقها، اعتبرت حركة «امل» انّ «لبنان يواجه كغيره من بلدان العالم تحدّياً صحياً استثنائياً نتيجة انتشار فيروس «كورونا»، وهذا يفرض علينا كدولة وقوى مجتمع مدني وهيئات، اعلى درجات الاستنفار وتعميم ثقافة الالتزام بالتعاميم التي تُصدرها الأجهزة والوزارات المعنية، وتطبيق معايير الحجر المطلوبة، وتأمين كل المستلزمات الضرورية لحالة الطوارئ الصحية التي اعلنتها الحكومة للتخفيف عن كاهل الناس والمعرّضين لهذا الوباء. واعتبار هذا التحّدي فرصة لتوحيد جهود الجميع بعيداً من اي توظيف او استخدام سياسي للأزمة الحاصلة».

وتوجّهت «أمل» الى جميع هيئاتها وخاصة الصحية والخدماتية والكشفية والدفاع المدني، مؤكّدة على «البقاء في حالة الجهوزية القائمة وتوظيف كل امكاناتها في خدمة الناس».

واذ شدّدت على ضرورة البت سريعاً باستراتيجية اقتصادية وتصحيح مالي تمكّن لبنان من تجاوز محنته الاقتصادية والمالية وتسهم في تعزيز شبكة الأمان الاجتماعي فيه، اكّدت انّه «آن الاوان ان نتفق كلبنانيين بشكل نهائي على انّ لبنان الوطن الذي ارتضينا فيه اتفاق الطائف ضامناً من اجل الوصول الى الدولة المدنية التي تعزّز ثقة المواطن بها، والتي تنبذ الطائفية وتُخرجها من إطار المزايدات السياسية والشعبوية باتجاه مفهوم المواطنة التي تسهم في تعزيز الوعي الوطني والاجتماعي».

 

الهمّ الاقتصادي

في الجانب الآخر للأزمة، أبلغت اوساط قريبة من رئيس الحكومة حسان دياب، الى «الجمهورية» قولها، انّ الأزمة الناشئة جراء وباء «كورونا»، والتي استدعت تجنيد الحكومة كل جهدها في سبيل مواجهته، لن تصرف الحكومة عن مهمتها الاساس في مواجهة الأزمة الاقتصادية والمالية، بل هي ماضية بالزخم نفسه الذي انطلقت به لتوفير العلاجات المطلوبة، والتي يؤمل ان تتظهر ايجابياتها في المدى القريب.

 

مجلس الوزراء

وكشفت مصادر وزارية لـ»الجمهورية»، انّ العنوان الاقتصادي والمالي سيكون محور جلسة مجلس الوزراء التي ستُعقد (اليوم) في السراي الحكومي، حيث سيُطرح موضوع سندات الدين مع بدء السريان الفعلي لقرار تعليق دفع سندات «اليوروبوند»، اعتباراً من يوم امس، مشيرة الى انّ اصداء ايجابية بدأت تتسرّب عن المفاوضات التي تجري مع الدائنين، من شأنها ان تنعكس ايجاباً على توجّه الحكومة اللبنانية لهيكلة ديونها.

واشارت المصادر، انّ مشروع القانون المتعلّق بـ»الكابيتال كونترول» قد يكون مدرجاً في جدول اعمال جلسة مجلس الوزراء بعد غد الخميس، تمهيداً لإقراره في مجلس الوزراء وإحالته الى مجلس النواب لإقراره في اقرب وقت.

 

العقد العادي

يُشار في هذا السياق، الى انّ مجلس النواب يدخل اعتباراً من اليوم الثلثاء، في عقده العادي الاول الذي يستمر حتى آخر ايار المقبل، وبالتالي اصبح المجلس على جهوزية للانطلاق في العملية التشريعية، وهو على ما تؤكّد اوساط رئيس المجلس النيابي نبيه بري على استعداد لمواكبة الحكومة في مهمتها الإنقاذية للبلد، سواء على المستوى الاقتصادي او المالي او الاصلاحي، وهو في هذا الاطار ينتظر ما ستحيله اليه الحكومة من مشاريع قوانين تصبّ في هذه المهمة.

 

احتياطات مجلسية

وفيما اكّدت مصادر حكومية انّ اقرار مجلس الوزراء للمشروع المتعلق بـ»الكابيتال كونترول» لن يتأخّر، وسيُحال الى مجلس النواب في وقت قريب، قالت مصادر مجلسية لـ»الجمهورية»، انّ دوائر المجلس وبتوجيهات من الرئيس بري، تدرس كيفية انعقاد المجلس بهيئته العامة، لتشريع مجموعة القوانين الملحّة، وسط كل الاحتياطات والإجراءات الوقائية التي ينبغي اتخاذها لتأمين سلامة النواب.

وأجمعت المصادر الحكومية والنيابية، على انّ مشروع «الكابيتال كونترول» ملح، وكذلك الامر بالنسبة الى امور اخرى، مثل تعديل القانون 462 للتمكّن من تعيين الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء، حيث من المفترض ان يعمد مجلس الوزراء بعد ذلك الى تعيين مجلس ادارة جديد لمؤسسة كهرباء لبنان.

وقالت مصادر وزارية معنية بالشأن المالي لـ»الجمهورية»، انّ التوجّه هذه السنة لخفض عجز الكهرباء بمعدل 1500 مليار ليرة، اي ما يعادل نصف العجز الذي كان سارياً بـ 3 آلاف مليار ليرة.

 

التجربة المصرية

هنا يبرز موقف للرئيس بري يدعو فيه الى الاقتداء بالتجربة المصرية في معالجة موضوع الكهرباء، إذ في إمكان الحكومة ان تطلب حضور ممثلي الشركات العالمية الكبرى المختصة بمجال الكهرباء («سيمنز» وغيرها)، وان تدخل معهم في مفاوضات متواصلة الى حين التوصل معهم الى اتفاق على احسن الشروط، التي من شأنها ان تعيد إحياء قطاع الكهرباء، وتمكننا في الوقت نفسه من تأمين وفر كبير في عجز الموازنة الذي يسببه وضع الكهرباء المهترئ.

 

حقبة التعثّر

على صعيد آخر، دخل لبنان رسمياً حقبة التعثّر، وباتت إصدارات «اليوروبوند» التي تبلغ قيمتها حوالى 31 مليار دولار مستحقة للدفع. وفيما تترقّب الاوساط المالية مواقف الدائنين الأجانب لمعرفة موقفهم من التفاوض أو المقاضاة، يعتبر البعض انّ الأزمة المالية العالمية التي تسبّب بها فيروس «كورونا» قد تشكّل حبل نجاة موقت للبنان، لأنّ المستثمرين الأجانب غارقون في همومهم بسبب الخسارات الفادحة التي تسبّب بها انهيار البورصات العالمية.

 

وفي السياق، حذّر الخبير في الأسواق المالية دان قزي من خطر دخول دائنين جدد لشراء «اليوروبوند»، بعد أن يطرحها مصدّرو الـCDS في المزاد العلني. إذ قد يشكّل هؤلاء الربع المعطّل في وجه المفاوض اللبناني خصوصاً انّ الظروف الراهنة تُعدّ الأمثل لشراء السندات مع تراجع أسعارها.

 

وعمّا اذا أضحت ممتلكات الدولة مستباحة اعتباراً من اليوم وعرضة لوضع اليد عليها من قِبل الدائنين، قال قزي لـ»الجمهورية»: «انّ القنصليات والمراكز العسكرية مستثناة مما يمكن وضع اليد عليه من قِبل حاملي السندات، انما سيحاول هؤلاء وضع اليد ربما على الذهب احتياطي مصرف لبنان وشركة طيران الشرق الأوسط. لذا اعتباراً من اليوم بات هناك خطر من وضع اليد على هذه الممتلكات اذا تمّ رفع دعاوى في حقهم، لكن هذا لا يعني مطلقاً انّ الدائنين سيستولون عليها.»( ص 9).

theme::common.loader_icon