مانشيت- دياب يتّهم أوركسترا» بالتحريض.. و«حزب الله»: لا لصندوق النقد
مانشيت- دياب يتّهم أوركسترا» بالتحريض.. و«حزب الله»: لا لصندوق النقد
جريدة الجمهورية
Wednesday, 26-Feb-2020 06:02

في انتظار إصدار صندوق النقد الدولي تقريره متضمّناً إجاباته على المشورة التي طلبها لبنان منه، تستمرّ الأزمة الإقتصادية والمالية جاثمة على صدور اللبنانيين الذين ينتظرون بصيص أمل للخروج ممّا باتوا فيه من ضيق معيشيّ يتخوّفون من تفاقمه في قابل الأسابيع والأشهر في حال لم تنجح الحكومة في توفير المعالجات اللازمة له. وقد جاء فيروس «كورونا» ليزيد إلى همومهم قلقاً وأخطاراً تهدد صحتهم، ما استدعى استنفاراً طبيّاً وإدارياً وأمنياً على كلّ المستويات وفي كل المنافذ الحدودية لمنع انتشار هذا الوباء على الأراضي اللبنانية، حيث لم تسجّل إلّا إصابة وحيدة فيه، فيما اتّخذت كلّ الاحتياطات لمعالجة أي حالات جديدة في حال ظهورها.

فيما أكدت مصادر مطلعة لـ«الجمهورية» ما نشر أمس حول تقديم وفد صندوق النقد الدولي تَصوّره النهائي بعد غد الجمعة او السبت المقبل على أبعد تقدير، عُلِم انّ مَن بقوا من أعضاء الوفد في بيروت أرجأوا سفرهم امس ومَدّدوا إقامتهم في بيروت لأيام، الى حين صدور التقرير النهائي. ولم تكشف المصادر عن الغاية من هذه الخطوة او برنامج هؤلاء في الأيام المقبلة.

 

الجدولة والهيكلة

وملاقاة لِما يمكن صندوق النقد ان يقترحه لمعالجة الازمة الاقتصادية والمالية في ضوء ما سمعه وفده من المسؤولين المعنيين، حسمت الحكومة موضوع اعتماد مستشارين دوليين في القانون والشؤون المالية، من أجل بدء مفاوضات في شأن جدولة الدين العام وهيكلته، واختارت كلّاً من شركة إدارة الأصول «لازارد» (Lazard) كمستشار مالي ومكتب المحاماة «كليري غوتليب ستين آند هاملتون» (Cleary Gottlieb Steen & Hamilton) كمستشار قانوني.

 

وفي السياق، تساءل مصدر متابع عن الخيارات التي لا تزال متاحة امام الحكومة اللبنانية، قبل ايام من حلول موعد استحقاق يوروبوند في آذار. كما أنّ فوائد هذا الإصدار تستحق في خلال هذا الاسبوع، وتداعيات عدم الدفع من دون الاتفاق مع المُقرضين هي مثل تداعيات الامتناع عن دفع أصل القرض.

 

وأوضح المصدر نفسه لـ«الجمهورية»، انّ التداعيات تشمل عزل لبنان مالياً عن الاسواق العالمية كليّاً، بالإضافة الى خفض تصنيفه فوراً الى درجة التخلّف (Default). وبالتالي، إعتبر المصدر انّ الحكومة تأخّرت في حسم خياراتها، وما تفعله اليوم لجهة اختيار الاستشاريين وبدء التفاوض كان ينبغي ان يحصل قبل شهرين على الاقل، لتحاشي التداعيات الخطيرة المتوقعة.

 

وقد شرحت وزيرة العدل ماري كلود نجم، خلال جلسة مجلس الوزراء أمس، انّ اختيار هاتين الشركتين «أتى بعد عمل دؤوب دام 3 أيام من قبل اللجنة الوزارية المختصّة، شَمل التفاوض والتدقيق وملائمة القدرة على القيام بما هو مطلوب لبنانيّاً وسمعتهما عالمياً».

 

وعلمت «الجمهورية» انّ إجمالي الكلفة المادية للتعاقد مع هذين الاستشاريين لا يتعدى الـ3 ملايين دولار، وهو مبلغ قابل للخفض في مفاوضات اضافية تجريها اللجنة معهما لتحديد الكلفة النهائية لبدء العمل فوراً صباح اليوم.

 

بصيص نور

وفي عتمة الوضعين المالي والاقتصادي، برز أمس بصيص نور، تمثّل في وصول سفينة الحفر Tungsten Explorer إلى المنطقة الاقتصاديّة الخالصة في لبنان للقيام بأعمال الحفر لأوّل بئر استكشافيّة في البلوك الرقم 4 الواقع قبالة الشاطئ اللبنانيّ على بعد نحو 30 كلم من بيروت.

 

وسيتمّ حفر البئر الاستكشافيّة على عمق 1500 متر من سطح البحر. كما تهدف إلى استكشاف مكامن تقع على عمق يتخطّى 2500 متر تحت قعر البحر. ويقدّر أن تستمرّ أعمال الحفر لمدّة شهريْن، وبعدها ستغادر سفينة الحفر لبنان.

 

وأكد رئيس هيئة إدارة قطاع البترول وليد نصر، أنّ «عملية الحفر ستستغرق بين 55 و60 يوماً. وسيُصار بعدها الى تحليل نتائج الحفر لمدة شهرين، ووفق النتيجة هناك احتمالان: إمّا بئر جافة أي لا غاز فيها ولا نفط، وإمّا كميات من هاتين المادتين، وعندها قد تحتاج شركة «توتال» الى حفر آبار إضافية للتمكن من تحديد الكميات ولمعرفة ما إذا كانت تجارية أم لا».

 

وأضاف: «إذا تبيّن توافر كميات تجارية، عندها سندخل في مرحلة التحضيرات والتخطيط لمرحلة الانتاج التي تستوجب حفر آبار اضافية وبناء البنى التحتية اللازمة لبدء عملية الاستخراج».

 

رسائل قوية

من جهة أخرى وللمرة الثانية تحوّل مجلس الوزراء أمس منبراً لتوجيه رسائل سياسية قوية تولّاها رئيس الحكومة حسان دياب ضد جهات سياسية وصفها بـ«الأوركسترا» التي تعمل ضد مصلحة البلد، وتحرّض على الحكومة لدى الدول الشقيقة لمنعها من مساعدة لبنان ماليّاً».

 

واذا كان دياب لم يُسمّ هذه الجهات وأبقاها مجهولة، فإنّ معظم المؤشرات دَلّت الى انه يقصد الرئيس سعد الحريري وبعض حلفائه.

 

وعلمت «الجمهورية» انه بعد مداخلة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في مستهل الجلسة، والتي بَشّر فيها بموعد الحفر للتنقيب عن النفط والغاز في البلوك الرقم 4 في البحر، أخرج دياب ورقة مكتوبة ومطبوعة وقرأها امام مجلس الوزراء بلا حِس أو خبر للوزراء الذين استمعوا إليه بدقة.

 

ثم اعطى الكلام لوزير الصحة حمد حسن ليشرح طويلاً الاجراءات التي تتخذها وزارة الصحة والادارات المعنية في شأن الوقاية من فيروس «كورونا». وعرض لتقارير حول المنتجعات التي يتم تحضيرها وتجهيزها من أندية كشفية ومدارس وغيرها لاستقبال الحالات المشكوك بأمرها للحجر عليها، والقيام بما يلزم مدة ١٤ يوماً. وقد تم تكليف وزير الداخلية محمد فهمي التواصل مع البلديات لتتبّع الحالات المعرضة، وخصوصاً ركاب الطائرة الايرانية، بناء على لوائح زوّدت بها البلديات من الامن العام والمحافظات بالاسماء والعناوين مدة ١٤ يوماً.

 

ثم تحدث وزير التربية طارق المجذوب عن الاجراءات المتخذة في المدارس وخصوصاً حملات التوعية، وقال: «لا داعي لاتخاذ قرار بالاقفال ولا داعي للقلق استناداً الى حالة واحدة، واذا كان قرار الاقفال سيتخذ في حالة واحدة فماذا تركنا اذا تم اكتشاف حالات اكثر؟». واضاف: «انّ تدابير أخرى ستتخذ في حال تطور الوضع، فلبنان ليس بلداً موبوءاً، بحسب منظمة الصحة العالمية». وطلب رئيس الحكومة من وزير المال تأمين كل الاعتمادات اللازمة لعمليات الاغاثة، وكل الاجراءات التي يترتب عليها نفقات.

 

جلسة لآلية التعيينات

وعند الأولى والنصف من بعد ظهر بعد غد الجمعة، سينعقد مجلس الوزراء في جلسة ثانية بجدول أعمال عادي إيذاناً ببدء عقد الجلسات المقررة مرتين كل اسبوع، الاولى تخصّص للبحث في ملف محدد مثلما جرى أمس في ملف «كورونا»، والثانية تخصص للقضايا الإجرائية وفق جدول اعمال متنوع، ومن بين ما ستتناوله الجلسة المقبلة الآلية الجديدة للتعيينات الإدراية، التي ستكون بعيدة عن المنطق الذي ساد في الحكومات السابقة.

 

«المستقبل»

وفي الموقف ردّت كتلة «المستقبل» النيابية أمس على كلام رئيس الحكومة حسّان دياب، في بيانها الصادر إثر اجتماعها الأسبوعي برئاسة النائب بهية الحريري في «بيت الوسط»، وأدرجت كلام دياب عن البدء بمعالجة تراكمات 30 سنة من السياسات الخاطئة «في إطار الحملات التي تستهدف الرئيس الشهيد رفيق الحريري والسياسات الحريرية التي انتشلت لبنان من حال الدمار الذي تسبّبت به الحرب، وسياسات المماطلة والتعطيل التي تناوَبت عليها حكومات وعهود وأحزاب لا تخفى عن اللبنانيين الشرفاء»، ورأت أنّه «كان حَريّاً برئاسة الحكومة أن تنأى بنفسها عن تلك الحملات المكشوفة الأهداف».

 

«حزب الله»

وأعلن نائب الأمين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم موقف «الحزب» من صندوق النقد الدولي، فقال خلال لقاء سياسي في مجمّع الإمام الرضا: «لا نقبل الخضوع لأدوات استكبارية في العلاج، أي لا نقبل الخضوع لصندوق النقد الدولي ليدير الأزمة»، مُعلناً أنه «لا مانع من تقديم الاستشارات، وهذا ما تفعله الحكومة اللبنانية، وفي إمكانها أن تضع خطة وتتّخذ إجراءات بنّاءة لبدء المعالجة النقدية والمالية ووضعها على طريق الحل». وأكد «أننا نحتاج الى خطة إصلاحية متكاملة، مالية واقتصادية واجتماعية، موقتة واستراتيجية لمعالجة الأزمة الاقتصادية المالية الإجتماعية الضاغطة، والتي هي نتيجة تراكم 30 عاماً».

 

حتي يلتقي لودريان

وفي أول اطلالة خارجية له يغادر وزير الخارجية ناصيف حتي غداً الخميس الى باريس، للقاء نظيره الفرنسي جان لوي لودريان الرابعة والنصف بعد ظهر بعد غد الجمعة في «الكي دورسيه». وعلمت «الجمهورية» انّ جدول أعمال اللقاء يتضمن سلسلة عناوين اساسية أبرزها:

- العلاقات اللبنانية ـ الفرنسية في ضوء المتغيّرات التي تلت تشكيل الحكومة الجديدة وما يمكن القيام به لتطويرها، ودور فرنسا والاتحاد الأوروبي في مواجهة ما يحتاجه لبنان لتجاوز الأزمة التي يمر بها.

- مصير مقررات «سيدر 1» في ضوء ما رافَق زيارة وفد صندوق النقد الدولي للبنان والربط القائم بين معظم المقترحات المتوقعة كمخرج للأزمة، والتي تتلاقى وجزء منها مع الآليات التي أقرّها مؤتمر «سيدر»، ولاسيما لجهة مراقبة عملية تنفيذ القروض الممنوحة للبنان وكذلك مراقبة طريقة صرفها.

- التطورات الجارية في المنطقة، والجديد على مستوى التحديات الإقتصادية التي يواجهها لبنان على أكثر من مستوى، وخصوصاً ملف النازحين السوريين وتأثيراته على وجوه الحياة اللبنانية المختلفة.

 

لقاء محتمل مع دوكان

وعلى هامش الزيارة، قالت مصادر دبلوماسية لـ«الجمهورية» انّ حتّي سيلتقي السفير بيار دوكان مبعوث الرئيس ايمانويل ماكرون المكلّف متابعة ملف «سيدر»، الذي أرجأ زيارة كانت مقررة له الى لبنان بعد اندلاع ثورة 17 تشرين الأول واستقالة حكومة الرئيس سعد الحريري في 29 منه، ولم يدفع تشكيل الحكومة الجديدة ولا مهمة وفد صندوق النقد الدولي الى تحديد موعد جديد لهذه الزيارة.

 

.. وفهمي الى تونس

وفي اول اطلالة له ايضاً خارج لبنان، يتوجّه وزير الداخلية والبلديات العميد محمد فهمي الى تونس نهاية الأسبوع الجاري للمشاركة في الاجتماع السنوي لمجلس وزراء الداخلية العرب الذي سيناقش بنوداً عدة مُدرجة على جدول أعماله، تهدف الى تعزيز سبل تبادل المعلومات بين الدول العربية والبَت بسلسلة من اقتراحات تتناول وجوه التعاون الأمني في ما بينها.

 

وقبل أن يغادر بيروت، أنهت وزارة الداخلية الترتيبات للقاءات سيعقدها فهمي على هامش أعمال المؤتمر مع نظيريه الاماراتي نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية الفريق سيف بن زايد بن سلطان آل نهيان، والمصري اللواء محمود توفيق، حيث ينتظر أن يبحث معهما في العلاقات بين البلدين، وما يربط لبنان بهما من تفاهمات ومساعدات أمنية تقررت في أوقات سابقة.

theme::common.loader_icon