فاصوليا عَ عضام الزعيم!
فاصوليا عَ عضام الزعيم!
اخبار مباشرة
جوزف طوق
Thursday, 06-Feb-2020 06:11

الظاهر إنو التمسحة ضاربة بالسياسيين والمشرّعين والمسؤولين، لدرجة انّهم بمستوى وطنيتهم الحالية وخططهم الإصلاحية والإنقاذية لا يصلحون للاستخدام العام، سوى في أن يكونوا كومة جزادين وقشاطات وصرامي، شرط أن لا تصمّمها دار أزياء عالمية، وإنما أي جزّار بلدي محلّي يكون يفهم منطقهم في الحكم والقيادة والإدارة.

 

وصل صريخ الناس من الجوع والفقر إلى سابع السماوات، وأقلق الملائكة في عروشها، ولم يهتزّ بدن مسؤول حالي وسابق لوجع الناس.

 

تماسيح، يعدون بإصلاحات وخطط إنقاذية وهندسات مالية، ويحاضرون بالعفّة والنزاهة، ويحلفون بإسم حقوق الناس ومصالحها وودائعها، ويمرّغون الشاشات والصفحات والمنابر بأوساخ كذبهم ونفاقهم... وماذا يحصل؟

 

تهرّب المصارف وكبار المودعين أموالهم إلى خارج لبنان، ليضمنوا مستقبلاً زاهراً لسرقاتهم، ويبقى الشعب المعتّر رهينة لخوف خسارة ملاليم إدخّرها طوال سنين الشقاء والتعب، ولا يستطيع ضمان ثمن دواء يستعطيه من على شباك مصرف مطلّ على الأكاذيب.

 

الرئيس والرئيس والرئيس، والنائب والوزير والمدير، يتقاضون مرتباتهم كاملة ومعها مستحقاتهم وحبّة مسك... وهم أنفسهم ينجّدون كراسيهم ويلمّعون أرجلها الأربع ويزيدون زجاج سياراتهم سواداً وسلاح مرافقيهم رصاصاً وحصص أزلامهم نصاحة...

 

والشعب يا الله أصبح فقيراً... الشعب إنخفض مدخوله إلى النصف، وإرتفع مصروفه النصف. يتقاضى مرتّبه بالتقسيط المريح ويدفعه بالحساب المريع، يذهب إلى الصيدلية يبكي أمام سعر علبة حليب لأطفاله او كيس حفاضات، يتوجع من أسعار الأدوية أكثر من آلام مرضه... يعضّ على جرحه ويشتري بيد ترتجف حتى لا يرى طفله جائعاً أو إبنته محرورة.

 

الشعب يا الله مكبّل... الشعب يقتصد في مشاويره لتوفير ثمن البنزين أو حتى لتفادي الحِفر على الطرقات، التي ستجبره على زيارة الميكانيكي لإصلاح أعطال يفرضها الإهمال. الشعب لم يعد يجد وسيلة للتدفئة، فالمازوت مقطوع والغاز منهوب والكهرباء فواتيرها تضخّمت، خصوصاً بأيدي أصحاب المولّدات الذين ضاعفوا رسومهم ومعها فواتيرهم. الشعب لم يعد يملك الجرأة على استخدام التليفون خوفاً من مفاجأة في فاتورة تصيبه بالجلطة.

 

الشعب يا الله جوعان... الشعب استفاق في يوم واكتشف أنّ حتى اللحم والدجاج والسمك مصابة بعدوى الدولار، كما لو أنّ مزارع لبنان وبحره إنقطعت من الحيوانات وأصبحت كلها تُستورد من الخارج لتُذبح في مسالخ الصرّافين. وأصابيع البوبو يا خيار أصبحت أسعارها للكبار، والحبوب إن وُجدت أسعارها تصيب الجيب بالتخمة قبل المعدة.

 

وهذا الشعب الجوعان، سيأتي يوم ولن يكترث لإتيكيت الثورة ولا لأخلاقها... هذا الشعب الجوعان سيأكل فاصوليا ع عضام الزعيم، وع عضام حزبه وسياساته ووعوده وأكاذيبه ونفاقه...

 

ولا شكّ في أنّ الجوع سيصيب أزلام الزعيم ومناصري الأحزاب المتزمّتين بعدوى الثورة، وصوت معدتهم سيوقظ الغضب فيهم، وخرير مصارينهم سيجّرهم إلى الشوارع والساحات، وسيقودهم إلى أبواب القصور ومكاتب الفساد... وعندها لن يبقى أخضر يخبر يابساً، ولن يبقى حجر يواسي حجراً، ولن يبقى حزب يحمي طائفة.

 

إذا لم تستفق الحكومة الجديدة من كوما مسؤولياتها، فلا ضير في أن ترش الملح على ملفاتها والبهار على وزاراتها تحضيراً للشعب الهاجم على نهشها بعظمها.

theme::common.loader_icon