مانشيت "الجمهورية": إشتباك بين المُكلَّف والمُكلِّفين على جــنس الحكومة... و"التيار" سيقاطعها
مانشيت "الجمهورية": إشتباك بين المُكلَّف والمُكلِّفين على جــنس الحكومة... و"التيار" سيقاطعها
جريدة الجمهورية
Monday, 13-Jan-2020 06:25

يستمر الاستحقاق الحكومي دائراً في دوامة التعقيد المتأتية من المواقف المتناقضة بين المعنيين، والتي تدلّ الى وجود اشتباك جدّي حول طبيعة الحكومة العتيدة بين الرئيس المكلّف حسان دياب وبين الفريق الذي كلّفه تأليف هذه الحكومة. فيما يُنتظر ان يكون هذا الاسبوع ساخناً لما سيشهده من اضطرابات، وربما اشتباكات، على جبهات التأليف الحكومي والوضع الاقتصادي والمالي، الذي يمضي الى مزيد من الانهيار، والحراك الشعبي الذي يستعد لجولات جديدة في غياب المعالجات التي يُفترض ان تباشرها حكومة جديدة، لأنّ حكومة تصريف الاعمال تبدو مستقيلة من مهماتها التصريفية.

ينطلق الاسبوع على جمود واضح في مسار التأليف، من دون ان يطرأ اي جديد على مواقف الاطراف المتباينة حتى الآن حول شكل الحكومة، بين فريق يريدها تكنوقراط كلياً، وفريق يصرّ على تشكيل حكومة تكنوسياسية.

 

وقالت مصادر معنية بملف التأليف لـ«الجمهورية»، انّ «الامور ما زالت جامدة عند مربّع السلبية الذي وصلت اليه الاسبوع الماضي، ولم تسجل نهاية الاسبوع اي اتصالات بين القوى المعنية»، مرجّحة ان تُستأنف هذه الحركة خلال الايام القليلة المقبلة، «ولكن حتى الآن يمكن القول انّ ملف التأليف ما زال يراوح في نقطة الصفر».

 

ووصفت المصادر نفسها حال ملف التأليف الحكومي راهناً، بأنّه «اشبه بلعبة تقاذف الكرة، بين الرئيس المكلّف حسان دياب، الذي يصرّ على حكومة تكنوقراط، وفق القواعد والمعايير التي اعلن عنها في بيانه الاخير، أي لا وجود لسياسيين او حزبيين فيها، كما لا وجود لوزراء من حكومة تصريف الاعمال، وبين فريق التكليف ويتصدّره رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي حدّد خياره النهائي بعدم المشاركة بحكومة تكنوقراط، او حكومة تفتقد المعايير التي كانت متّبعة، وتتضمن إخلالاً بالتوازنات أو اكثريات لأطراف معينة داخل الحكومة، بما يجعل هذه الحكومة رهينة لها، وتعمل وفق مشيئتها.

 

وفيما تصرّ اوساط الرئيس المكلّف على مضيّه في المسار الذي رسمه لنفسه لدى تكليفه تشكيل حكومة تعكس صورته «التكنوقراطية»، وانّ المجال الزمني مفتوح امامه لبلوغ هذه الغاية، لأنّ التكليف ليس محدداً ودستورياً، بمهلة زمنية، اكّدت مصادر فريق التكليف لـ«الجمهورية» إستحالة تشكيل حكومة «تكنوقراط»، لأنّ الظروف الداخلية والاقليمية تحتّم الوصول الى حكومة بحجمها، محصّنة باختصاصيين وسياسيين، وأنّ الكرة اليوم في ملعب الرئيس المكلّف. واستغربت المصادر «إصرار بعض الاطراف السياسية على السعي للحصول الى اكثر من الثلث المعطّل داخل الحكومة»، متسائلة: «ما هي الحكمة من المطالبة بهذا الامر ضمن حكومة يشكلّها فريق واحد».

 

كذلك استغربت استبعاد «الحراك الشعبي» عن الحكومة ومحاولة بعض الاطراف مصادرة تمثيله، مشيرة في هذا المجال الى موقف رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية، الذي اصرّ في حال استبعاد الحراك نهائياً، على الحصول على حقيبتين وزاريتين وإلّا فإنّه سيكون خارج الحكومة.

 

دياب ينتظر اجوبة

 

وسط هذه المواقف عكست أجواء قصر بعبدا هدوءاً على جبهة التأليف الحكومي نهاية الأسبوع، ولم تسجل الساعات الفائتة اي جديد في انتظار ان تستعيد الإتصالات زخمها اليوم بعدما غاب الوسطاء عن المشهد.

 

وتحدثت مصادر الرئيس المكلّف عن جمود في الإتصالات منذ البيان الذي أصدره منتصف ليل الجمعة ـ السبت الماضي، ولم تشهد دارته في تلة الخياط اي لقاءات ملفتة، وذلك في انتظار أجوبة ينتظرها من رئيس الجمهورية حول مسودة التشكيلة الوزارية، التي كان سلّمه ايّاها في لقائهما الثلثاء الماضي، والتي ادخلا تعديلات عليها. لكن رئيس الجمهورية، وضمن صلاحياته الدستورية، استمهل دياب لدرسها ومن ثم ابلاغه موقفه النهائي، وهو ما لم يتبلّغه الأخير بعد.

 

وكشفت مصادر مطلعة لـ«الجمهورية»، انّ الإتصالات انقطعت نهائياً منذ يوم الثلثاء الماضي بين عون ودياب والوزير جبران باسيل، وكذلك مع عين التينة، خصوصاً انّ سلسلة المواقف الأخيرة التي اطلقها بري الاربعاء الماضي فرملت الجهود المبذولة على كل المستويات وتعطلّت لغة الكلام المؤدي الى استكمال المساعي لإقفال التركيبة بتسمية آخر الوزراء الإختصاصيين المرشحين لتأليف الحكومة، بعدما انحصرت المساعي بتسمية إثنين او ثلاثة وزراء وابرزها وزارة الطاقة.

 

وفي هذا الإطار، قالت أوساط قريبة من مطبخ التأليف، انّ الموقف المنتظر الذي يعلنه تكتل «لبنان القوي» بعد اجتماعه الأسبوعي غداً، سيبنى عليه كثيراً حيال مستقبل العلاقة بين دياب والتكتل.

 

وعلمت «الجمهورية» انّ الموقف الذي سيتخذه التكتل غداً سيكون من شقين: الاول، الاعلان عن انّه لن يتعاطى في الشأن الحكومي ولن يشارك في اي حكومة. والثاني توجيه انتقادات شديدة الى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في ضوء مواقفه الاخيرة، والطلب منه أن يكشف علناً عن حسابات الذين هرّبوا اموالهم الى الخارج.

 

بيت الوسط

 

على صعيد آخر، قلّلت مصادر «بيت الوسط» عبر «الجمهورية» من اهمية البناء على عودة رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري الى بيروت في الساعات المقبلة. وقالت، انّ عودته لا تعني إحياء لحكومة تصريف الأعمال، وانّ الورشة المطلوبة هي لتشكيل الحكومة الجديدة لكي تتحمّل مسؤولياتها في مواجهة التطورات على كل المستويات، واي حديث عن إحياء الحكومة المستقيلة لا يمكن الرهان عليه في مثل الظروف التي تعيشها البلاد.

 

«حزب الله»

 

الى ذلك، فوجئت الأوساط السياسية أمس بخلو خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، في ذكرى اسبوع اللواء قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس، من اي إشارة الى الملف الحكومي.

 

وقالت مصادر وزارية تواكب التأليف الحكومي لـ«الجمهورية»، انّ «مواقف «حزب الله» الأخيرة لا تشير الى أنّه على استعداد لأي مبادرة يمكن ان يقوم بها في ظل انشغاله بالملف الإقليمي في هذه المرحلة بالذات. فما فرضته عملية اغتيال سليماني غيّرت من اولوياته في هذه المرحلة، على رغم اصراره على الإسراع في تشكيل الحكومة وحاجته الى الإستقرار.

 

«القوات»

 

وفي السياق، قالت مصادر «القوات اللبنانية» لـ«الجمهورية»، انّ «التطورات والاحداث في الاسابيع المنصرمة أظهرت واكّدت اربعة امور اساسية وهي:

 

 أوّلاً، انّ الثورة مستمرة، والرهان على تعب الناس ليس في محلّه، لأنّ الناس القلقين على مصيرهم والناس الجائعين، لن تخرج من الشارع ولن تمنح ثقتها إلّا للحكومة التي ترى بأنّها قادرة على اخراج لبنان من ازمته المالية والاقتصادية.

 

ثانياً، انّ الواقع المالي والاقتصادي يواصل الانزلاق من سيئ الى أسوأ. وانّ هذا الوضع لا يمكن فرملته وإعادة لبنان الى الاستقرار إلاّ من خلال حكومة قادرة على ان توحي بالثقة للمستثمرين في الداخل والخارج.

 

 ثالثاً، انّ الدول الغربية والعربية غير مستعدة لمساعدة لبنان قبل أن يساعد نفسه. والدليل انّ أيّاً منها لم تقف الى جانب لبنان، على رغم من انّ لبنان معروف انّه محتضن لدى المجتمعين العربي والدولي، لأنّ المشكلة ليست في الخارج بل في الداخل، والخارج اصبح على إقتناع راسخ وتام بأنّه لن يساعد طبقة حاكمة تستفيد من هذه المساعدة لجيوبها وليس لمصلحة البلد.

 

 رابعاً، إنّ الاكثرية الحاكمة التي تؤلّف الحكومة غير قادرة على الاتفاق في ما بينها، ما يعني أنّه يجب العودة الى الاسس والجذور والخط الوطني المطلوب، والى ما يريده الناس ومتطلبات الأزمة وسبل معالجتها، وبالتالي من غير المفيد وضع الرؤوس في الرمال والتعالي والاستكبار على الواقع القائم، ولا يفيد في شيء الإصرار على تأليف حكومة من لون واحد وموزعة الحصص فيها بين فريق واحد. فهي لن تعطي النتيجة المطلوبة لا لجهة الناس المصرّين والمتمسّكين بحكومة اختصاصيين مستقلّين بعيدة عن الحكومة السياسية، ولن تضع حداً للتدهور المالي والاقتصادي، ولن تستطيع ان تنتزع ثقة الخارج. وما نشهده اليوم من خلافات سيتواصل بوجوه مختلفة، وبالتالي ستسقط الحكومة عاجلاً ام آجلاً وفق ما يُسرّب حول هندستها الحالية».

 

وأكّدت المصادر، انّ «القوات اللبنانية» تتمّسك بحكومة الاختصاصيين المستقلين بعيداً عن الحكومة السياسية»، محذرةً «من عدم الإسراع في تشكيل هذه الحكومة لأنّ البلد لم يعد يتحمّل، وقد بدأنا نرى مشاهد فوضى في اكثر من مكان ما يُنذر بكوارث لا يفيد تجاهلها بشيء ومعالجتها لا تكون بالقطعة».

 

صلاحيات سلامة

 

على المستوى المالي والاقتصادي، لفت أمس الطلب الذي تقدّم به حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الى الحكومة عبر وزارة المال، للحصول على صلاحيات استثنائية لتوحيد الإجراءات والقيود التي تتخذها المصارف حيال المودعين.

 

واشار سلامة في كتابه، الى أنّ «تطبيق هذه القيود أدّى في مناسبات متعددة إلى إجحاف بحقوق بعض العملاء ولا سيما لجهة المقاربة غير المتساوية مع عملاء آخرين».

 

وقد أثار طلب سلامة مخاوف من أن تكون الصلاحيات الاستثنائية المطلوبة مقدّمة للقيام بخطوات اضافية على مستوى اجراءات مطلوبة، بالإضافة الى حماية المصارف من احتمال قيام دعاوى قضائية في وجهها بما أنّ القيود التي تضعها ليست مقوننة حتى الآن.

 

وفي السياق، أوضح سلامة لوكالة «رويترز»، أنّه طلب الصلاحيات الاستثنائية من الحكومة «لتنظيم القيود التي طبقّتها المصارف العاملة في البلد على المودعين وتوحيدها لضمان تطبيقها بشكل عادل ومتساوٍ على البنوك والعملاء». وأكّد أنّه لا يسعى من خلال الكتاب الذي أرسله الى وزير المال لاستخدام الصلاحيات الاستثنائية في إحداث إجراءات جديدة.

 

وأوضح مصدر مصرفي لـ"فرانس برس"، أنّ «الهدف هو وضع معايير وتوجيهات عامة للعمليات المصرفية على أن تُفرض على كافة المصارف»، مشيراً إلى أنّ من شأن ذلك منح ضوابط على رأس المال رسمياً. (ص 10)

 

الموازنة

 

من جهة ثانية، أكّد رئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان، في حديث تلفزيوني، أنّ «مشروع موازنة 2020 خرج بصيغته النهائية من لجنة المال والموازنة بخفض 800 مليار ليرة بموافقة وزارة المال»، مؤكّداً أنّ «إقرار الموازنة في الهيئة العامة للمجلس النيابي في الجلسة المرتقب ان يدعو إليها رئيس المجلس نبيه بري، ضروري لتضمنّها إجراءات استثنائية تُعتمد للمرة الأولى وتريح الناس مالياً واقتصادياً، كضمان الودائع ووقف التعقبات للقروض المدعومة المتعثرة».

 

وشدّد على أنّ «إقرار الموازنة يضبط الإنفاق ويمنع العودة الى فوضى القاعدة الاثني عشرية»، مشيراً الى أنّه «وبنتيجة تراجع الإيرادات منذ 17 تشرين الأول 2019، ارتفع العجز الى حدود 4300 مليار ليرة، ولكن هذا الرقم عرضة للتبدل صعوداً أو تراجعاً وفقاً للتطورات السياسية وانعكاساتها، والمطلوب أن يدفع لبنان استحقاقاته وأهمها في آذار المقبل، علماً أنّ التمويل في ظل الأوضاع الراهنة صعب».

theme::common.loader_icon