عائلة متفائلة في السنة الجديدة
عائلة متفائلة في السنة الجديدة
د. أنطوان الشرتوني
جريدة الجمهورية
Monday, 06-Jan-2020 06:54
منذ بضعة أيام، ودّع العالم أجمع سنة 2019 واستقبل عاماً جديداً. وتمنّينا جميعاً أن يكون عام 2020 مليئاً بالمفاجآت السارة وألّا تتكرر المعاناة والصعوبات التي واجهناها خلال العام المنصرم. وطبعاً التحضير للعام الجديد وللتحديات الجديدة تبدأ أولاً عند الشخص. حيث، وبعد توديع كل المآسي والاحزان التي عاشها في سنة 2019، يتوق للأمل ولمفاجآت إيجابية في السنة الجديدة.
 
 
وثانياً، يؤدي المنزل وجو العائلة دوراً أساسياً في مواجهة السنة الجديدة بتفاؤل بعيداً عن الحزن والمآسي. فكيف يمكن للوالدين أن يحضّرا أفراد عائلتهما للسنة الجديدة في الوضع السياسي والإقتصادي الصعب الذي يعيشه لبنان؟ وكيف يؤثر الجو العائلي على حياتنا اليومية؟

إستقبل اللبنانيون سنة جديدة لا يعرفون البتة ماذا ستحمل لهم من أحداث، أكانت إيجابية أو سلبية! علماً أنّ دور العائلة الأساسي في المرحلة الصعبة التي نمر بها هو البحث عن الإيجابية، ومساعدة أولادهم في إيجاد «النور في الظلمة».

 

ومن دون التفاؤل، لن تستطيع العائلة مواجهة كل التحديات التي تنتظرها خلال عام 2020. فالتفاؤل والتفكير بإيجابية وحل المشاكل بهدوء واتّزان... كل هذه الأمور تنعكس على جو العائلة التي تبحث عن التوازن. من المؤكد أنّ المتفائل والإيجابي هو أكثر نجاحاً من المتشائم وأكثر سعادة، وهذا ما نسمّيه بالتفكير الايجابي، فقوة التفكير الإيجابي كبيرة في توجيه مصير الإنسان نحو النجاح.

 

الإيجابية في السنة الجديدة

 

للإيجابية ضمن العائلة أهمية كبرى في حياة الإنسان، لا على الصعيد النفسي فحسب، بل على الصعيد الصحي أيضاً. إليكم بعض الأفكار التي يجدر ذكرها:

 

- تقوّي الإيجابية نظام مناعة الجسم، وهذا النظام يدافع عن الجسد ضد الأمراض التي يمكن أن تفتك بالإنسان. كما انّ الإنسان الإيجابي لا يعاني ألم الرأس وتشنجات الرقبة كالإنسان المتشائم.

- تتغلب الإيجابية على القلق الذي يشعر به الإنسان، مما يؤدي إلى تقليل العديد من الأمراض النفس - جسدية لديه. ويمنح التفاؤل المرء القدرة على مواجهة المواقف الصعبة وتحليل هذه المصاعب بطريقة موضوعية واتخاذ القرارات الصائبة فيها.

- الشخص الإيجابي أكثر مرونة في علاقاته الإجتماعية وأكثر قدرة على التأقلم بشكل أسرع.

 

الأب والأم والتفاؤل

 

يعتبر فرويد أنه خلال تكوين الطفل النفسي، تتحدد شخصيته حسب تربية الوالدين وحسب نظرتهما إليه. فإذا كانت نظرتهما إيجابية، سيكون الطفل إيجابياً ويحبّ الحياة ومتفائلاً، والعكس صحيح.

 

ولكن إذا أردنا التكلّم عن الحالة اللبنانية الحالية، فبالرغم من صعوبة الحالة الإقتصادية والسياسية التي يمر بها بلدنا، لا يجب أن نخفيها عن أطفالنا، بل يجب أن تكون التفسيرات مناسبة لأعمارهم. فلا يمكن أن يفسّر الأهل لطفلهم ذات الخمس سنوات المعلومات الإقتصادية والمالية نفسها لطفلهم المراهق. كما انه في هذه المعمعة لا يمكن للأهل الاستسلام للتشاؤم، بل يجب أن يفسّروا لأطفالهم أهمية التفاؤل خاصة في بداية السنة الجديدة، كما يجب أن يعطوا تعليمات عن الاختلاف ما بين الشخص المتفائل ونقيضه. فالمتشائم يتوقّع الشر واليأس والفشل وينظر إلى الحياة بمنظار سلبي، ويؤثر كل ذلك على حياته العملية والشخصية. بينما الشخص المتفائل يرى دائماً حياته بطريقة إيجابية ويتوقع الخير والسرور، ما يساعده على تحقيق النجاحات.

 

العائلة المتفائلة في السنة الجديدة

 

يتأثر سلوك جميع أعضاء العائلة بالنظرة الإيجابية أو السلبية نحو الحياة. وللأهل دور أساسي في تلقين أطفالهم الطريقة المثلى للتعاطي مع أحداث الحياة اليومية. فيتلقى الطفل أو المراهق طرقاً إيجابية تؤثر تأثيراً مباشراً على علاقاته الاجتماعية مع عائلته وأصدقائه، وتأثيراً غير مباشر على صحته النفسية والجسدية. وعادة، إنّ العائلة التي تعلّم أطفالها التفاؤل والنظر إلى الحياة بشكل إيجابي، تجعل منهم في المستقبل أفراداً أقل ميلاً لِلوم الذات حتى لو واجهوا الفشل، ويتميّزون بالشجاعة والإصرار على مواجهة المشاكل وعدم الاستسلام أمام الفشل.

 

سلوكيات الأهل الإيجابية تجاه أطفالهم

 

هناك بعض التصرفات التي يمكن أن تساعد الأهل في تلقين أطفالهم الروح الإيجابية في حياتهم اليومية، ومنها:

 

- عدم إظهار نقاط ضعف أطفالنا بشكل علني، بل تشجيعهم لتحفيز تفكيرهم الإيجابي.

- الإبتعاد عن الانتقادات والتهكّم التي يمكن أن تؤثر على الطفل وتجعله غير قادر على مواجهة الحياة.

- تدريب الأطفال على التفاعل الاجتماعي وعدم الانسياق خلف المؤثرات والانفعالات الوجدانية والعاطفية.

- الهدوء في المعاملة مع الأطفال وعدم التركيز على العيوب، بل التركيز على المواهب والقدرات عندهم.

theme::common.loader_icon