مانشيت "الجمهورية": ولادة الحكومة تصطدم بشروط سياسية تعــوقها.. والحريري يغادر و"المستقبل" يُصعِّد
مانشيت "الجمهورية": ولادة الحكومة تصطدم بشروط سياسية تعــوقها.. والحريري يغادر و"المستقبل" يُصعِّد
جريدة الجمهورية
Monday, 30-Dec-2019 06:12

خسر المتفائلون، في الفريق السياسي الراعي لتكليف الدكتور حسان دياب تشكيل الحكومة الجديدة، رهانهم على ولادة هذه الحكومة قبل نهاية السنة الحالية، وتحديداً اليوم الاثنين، وفق الرغبة الرئاسية التي كانت شديدة الاستعجال لتقديم الحكومة بمثابة هدية رأس السنة للبنانيين، الّا انّ هؤلاء المتفائلين عادوا ودخلوا في رهان آخر على توليدها في مهلة أقصاها نهاية الاسبوع الجاري.

بناء على الموعد الأول لولادة الحكومة، ليس في الامكان الجزم مسبقاً بإمكان كسب هؤلاء المتفائلين رهانهم او خسارته. فهذا ما ستحدده حركة المشاورات المكثفة التي سيجريها الرئيس المكلف مع بعض أطراف الفريق الذي كلّفه، لتذليل ما تبقى من عقبات تعوق هذه الولادة.

 

 

غرفة الولادة

 

وبحسب مشاركين في حركة الاتصالات الجارية، فإنّ المسار العام للتأليف ما زال ضمن الخط المرسوم له، وقد حقق حتى الآن تقدماً جديّاً قد يُفضي الى ولادة حكومية في مهلة زمنية هي الأقصر قياساً مع الفترات الزمنية الطويلة التي كان يستغرقها تأليف الحكومات السابقة، فعمر التكليف لم يتم الأسبوعين بعد، ومع ذلك بلغت مشاورات التأليف خلال هذه الفترة مراحلها النهائية.

 

وبالتالي، يمكن القول انّ حكومة حسان دياب في غرفة الولادة، وانّ الجنين الحكومي بلغ محطة انتظار تلقّيه الأمر بالخروج الى النور، ولن يطول الوقت كثيراً حتى يحصل ذلك. ويتقاطع هذا التفاؤل مع أجواء مثلها في محيط رئاسة الجمهورية كما في محيط الرئيس المكلف.

 

 

 

إهتزاز

 

الّا انّ هذا التفاؤل، وربطاً بمشاورات اليومين الماضيين، تؤكد مصادر مطلعة على حركة الاتصالات لـ«الجمهورية» انه ما زال عرضة للاهتزاز، من مصادر متعددة:

 

- «الأول، التمثيل السني، ما زال محكوماً بالتشنج، عبر التحرّكات الاعتراضية المنظمة والمتواصلة أمام منزل الرئيس المكلف والتي شهدت تصاعداً ملحوظاً في اليومين الاخيرين، إضافة الى التصعيد السياسي من قبل تيار المستقبل في مواجهة الرئيس المكلف، وذلك بالتزامن مع تحضيرات بُدئ بها في الساعات الماضية. وتردد في هذا الاطار انّ اتصالات جرت او ستجري مع اعضاء في المجلس الاسلامي الشرعي الاعلى لإصدار موقف يغطي الاعتراضات على الرئيس المكلف، والسنية على وجه الخصوص.

واذا كانت مشاورات الرئيس المكلف قد سَعت في الايام الاخيرة لتجاوز هذا التمثيل، وقوبل باعتذارات متتالية ومن قبل العديد من الشخصيات السنية التي اقترحها للتوزير، فإنّ مصادر واسعة الاطلاع اكدت لـ«الجمهورية» انّ مشاورات الرئيس المكلف على هذا الصعيد، حققت تقدماً ملموساً، حيث يمكن القول انه اقترب كثيراً من تجاوز عقدة التمثيل السني في الحكومة، إذ انه حسم تمثيل وزير سني عن اللقاء التشاوري (وزارة الاتصالات). أمّا بالنسبة الى الوزيرين الآخرين فباتَ الامر شبه محلول ليتولى أحدهما وزارة الداخلية والثاني وزارة التربية والثقافة والتعليم العالي بعد دمجهما.

 

 

 

تمثيل «التيار»

 

- الثاني، تمثيل «التيار الوطني الحر»، فالامور لم تحسم نهائياً بعد، ولاسيما على مستوى الحقائب، مع الاشارة الى انّ الاجتماع الذي عقده الرئيس المكلف مع رئيس التيار الوزير جبران باسيل لم يتم التوصّل فيه الى ايجابيات ملموسة. وبحسب المصادر انّ عدم التفاهم على هذا الخط، هو السبب الاساس في تأخّر ولادة الحكومة التي كان التحضير جار لإعلان مراسيمها اليوم الاثنين.

وفي هذا السياق، اكدت مصادر «التيار الوطني الحر» لـ«الجمهورية» انّ التوجّه محدد بالنسبة إلينا بالوصول الى حكومة في اسرع وقت ممكن، وكنّا قد حددنا موقفنا لناحية شكلها ونوعية الوزراء الذين ستضمهم، والتيار ماض في سياسة التسهيل الى أبعد الحدود.

 

ورداً على سؤال حول ما يتردد عن تَصلّب يُبديه التيار في عملية التأليف، وانه يحاول أن يُملي موقفه على التشكيل، وان يفرض بعض الامور على الرئيس المكلف، قالت المصادر: التواصل قائم مع الرئيس المكلف، ولكن مع الأسف هناك من يتعمّد التشويش على موقف التيار، وهذا يندرج ضمن سياسة الافتراء التي يعتمدها البعض. في اي حال، لسنا نحن من يشكل الحكومة، بل هذا امر يقوم به الرئيس المكلف بالتشاور مع رئيس الجمهورية وفق ما يحدده الدستور، وبالتالي كل ما يقال ويشاع لا علاقة لنا به.

 

 

 

دمج الوزارات

 

- الثالث، دمج الوزارات، حيث أدى هذا التوجه الى شيء من الارباك في المشاورات الجارية، لجهة عدم التوافق نهائياً حتى الآن على ايّ من الوزارات التي ستدمج مع بعضها البعض، خصوصاً انّ أطرافاً طرحت دمج وزارات لا علاقة لها ببعضها البعض، واللافت انّ هذا الطرح جاء بطريقة استئثارية لناحية طرح دمج «وزارات تتسِم بالطابع الخدماتي» على ان تكون من حصته، مقابل دمج وزارات اخرى وصفت بالخفيفة والثانوية على ان تكون من حصة الآخرين. فالأمر متوقف هنا، ليخضع لجولة اتصالات وشيكة.

 

 

التمثيل السياسي

 

- الرابع، التمثيل السياسي والحزبي، اذ يتجاذبه توجّهان، الأول يعبر عنه الرئيس المكلف بإصراره على تشكيل حكومة جديدة اختصاصية بالكامل، بحيث لا تضم ايّاً من وزراء حكومة تصريف الاعمال الحالية، وعلى وجه الخصوص من يحملون البطاقات الحزبية. امّا التوجّه الثاني فتعبّر عنه بعض القوى السياسية التي سَمّت دياب، وتوافق من جهة على حكومة بنسبة كبيرة من الاختصاصيين، الّا انها في المقابل تصرّ على إشراك بعض الوجوه الحزبية التي كانت مشارِكة في السابقة مبررةً انّ هؤلاء يعتبرون اختصاصيين في مجالاتهم، ويعدون من صنف الحمائم وليسوا من صنف الصقور او الاسماء التي يمكن ان تكون مستفزّة لأي طرف.

وعلم في هذا المجال انّ المباحثات التي جرت بين الرئيس المكلف والمعاون السياسي لرئيس مجلس النواب الوزير علي حسن خليل والمعاون السياسي للامين العام لـ«حزب الله» الحاج حسين خليل، أفضَت الى حسم نهائي للحصّة الرباعيّة الشيعيّة في الحكومة، (المال والصحة والزراعة والشباب والرياضة)، كما انّ التوافق قد تم على بعض الاسماء التي طرحها الخليلان، فيما بقيت اسماء اخرى قيد البحث لحسم مع الرئيس المكلف الذي يفضّل حكومة جديدة بكل اعضائها، ليس فيها حزبيون او وزراء شاركوا في حكومة سعد الحريري المستقيلة.

 

وقالت المصادر لـ«الجمهورية» انّ الاتصالات استؤنِفت امس بين هذا الفريق، وستستكمل بزخم اليوم، على مستوى الثنائي الشيعي والرئيس المكلف، وما بين دياب و«التيار الوطني الحر»، وما بين الثنائي الشيعي و«التيار الوطني الحر»، علماً انّ اتصالات جرت بين الثنائي والتيار في الساعات الاخيرة، الّا انها لم تفضِ الى ايجابيات. وربطاً بذلك اكدت مصادر الرئيس نبيه بري لـ«الجمهورية»: بالنسبة إلينا لا توجد اي مشكلة حول التأليف، الامور ماشية ومحلولة ومسهّلة.

 

وفيما لفتت الاوساط المحيطة بالرئيس المكلف الى «انّ التأليف قبل نهاية العام كان ممكناً لو تَجاوب الجميع مع الطروحات التي قدمها»، عُلم انّ اللقاء الذي جمعه والوزير يوسف فنيانوس، موفداً من رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، كان مفيداً، وهو أرسى مخرجاً يرضي تيار المردة.

 

 

 

الى بعبدا

 

ومع اكتمال اتصالات الرئيس المكلف، ينتظر أن يقوم بزيارة جديدة الى القصر الجمهوري للقاء الرئيس عون. وقالت مصادر مطلعة على أجواء بعبدا لـ«الجمهورية»: انّ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ينتظر عودة الرئيس المكلف اليه في الساعات المقبلة، من اجل تقويم نتائج الإتصالات التي اجراها مع الثنائي الشيعي وقيادات حزبية مختلفة.

 

ولفتت المصادر الى انّ التفاهم على هيكلية الحكومة الجديدة لا يكفي للاعلان عنها كاملة، فهناك بعض الإتصالات الجارية لحسم بعض الأسماء في التركيبة الجديدة بعدما دُعي البعض الى استبعاد وزراء سابقين منها من دون جدوى، حسب ما تبلغت المراجع المعنية في بداية عطلة نهاية الاسبوع، وحتى الآن ليس في الامكان الحديث عن تقدم في المشاورات الجارية حول هذا الشأن.

 

لا استفزاز

 

وفي السياق نفسه، تحدثت المصادر عن مسألتين أخريين لم تحسما نهائياً بعد، الأولى التمثيل النسائي في الحكومة، اذ انّ أطرافاً معنية بالمشاورات تحدثت عن انّ الرئيس المكلف، إضافة الى إصراره على حكومة من 18 وزيراً، يصرّ في الوقت نفسه على شراكة نسائية مهمة في الحكومة وهو أمر يبدو متعذراً. والثانية، نوعية الوزراء بحيث لا تضمّ الحكومة شخصيات مستفزّة لأي طرف، وعلى وجه الخصوص سعد الحريري وتيار المستقبل ووليد جنبلاط والحزب التقدمي الاشتراكي وقاعدته الدرزية.

 

وفيما تؤكد أوساط الرئيس المكلف سعيه الى التواصل والانفتاح على كل الاطراف، وتصميمه على توزير شخصيات اختصاصية كفوءة لا تستفزّ احداً، وتعبّر عن كل اللبنانيين وتحاكي الحراك الشعبي، نَفت أوساط عين التينة ما تردّد عن طلب حمله النائب السابق مروان حمادة من جنبلاط الى الرئيس بري للتدخّل لعدم توزير أسماء معينة ومستفزة لجنبلاط، وقالت لـ«الجمهورية»: صحيح انّ الرئيس بري استقبل حمادة، وفي الحديث معه أبلغ بري اليه انه مستعد للدخول في مساعي بذل الجهود اذا كان القصد منها اشتراك الحزب التقدمي الاشتراكي في الحكومة، لكن كل ما يقال غير ذلك ليس صحيحاً على الاطلاق».

 

 

 

الحريري

 

في هذه الاجواء، غادر رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري الى باريس، وأكدت مصادر تيار المستقبل لـ«الجمهورية» انها «زيارة خاصة لقضاء إجازة عائلية قصيرة لمناسبة الأعياد».

 

وفي سياق آخر، لفتت المصادر الى «أنّ الأمور في ما خَص الحكومة الجديدة معقّدة و»سوبر صعبة»، فلا حكومة من دون موافقة السنّة».

 

وأكّدت أنّ «الطريق مسدود أمام الرئيس المكلّف، فالجهة التي سمّته معروفة، وأي حكومة سيشكلها ستكون حكومة ضدّ إرادة معظم الشعب اللبناني، لأنّها ضدّ إرادة 80% من السنة، و80% من الدروز، و40% من المسيحيين».

 

وشددت على أنّ «الحريري كان يؤيّد نواف سلام لتولّي رئاسة الحكومة، إلّا أنّ امتناع «كتلة المستقبل» عن تسميته كان لسبب وحيد وهو عدم إعطاء دياب الشرعية، وكتلة «القوّات اللبنانية» تلقّفت الموقف، في حين أخطأ النائب السابق وليد جنبلاط في فهمها».

 

وردّاً عمّا اذا كانت الميثاقية تعطى لدى التأليف لا التكليف، قالت المصادر: «لا يمكن لأيّ كان أن يسمّى لترؤس الحكومة وطائفته ليست معه». وذكّرت بأنّ «الحريري طالب بتأجيل الاستشارات لأنه لا يود أن يكون رئيساً بأصوات 17 نائباً مسيحياً فقط، في حين أنه كان يملك أصوات أكثرية السنّة كما أصوات الثنائي الشيعي... فكيف يقبل دياب بترؤس حكومة بأصوت 6 نوّاب سنّة فقط؟». وختمت بالقول: «لا يمكننا معاداة المجتمع الدولي والعالم العربي والخليجي... أنقذوا لبنان قبل أن يصبح سوريا 2».

 

theme::common.loader_icon