«الناتو» يؤكد على وحدته رغم الخلافات ويتعهّد مواجهة تهديدات روسيا والإرهاب
«الناتو» يؤكد على وحدته رغم الخلافات ويتعهّد مواجهة تهديدات روسيا والإرهاب
اخبار مباشرة
جريدة الجمهورية
Thursday, 05-Dec-2019 07:14
تعهّد قادة حلف شمال الأطلسي، أمس، بالتضامن لمواجهة التهديدات من روسيا والارهاب، وأقرّوا بالتحديات التي يمثلها تصاعد نفوذ الصين، وذلك في القمة التي خيّمت عليها مرة أخرى نوبات غضب الرئيس الأميركي دونالد ترامب.

وافق الزعماء الـ29 الذين اجتمعوا على مشارف لندن للاحتفال بالذكرى السبعين لتأسيس حلف الأطلسي، على بيان مشترك على الرغم من الانقسامات بشأن الإنفاق والاستراتيجية، والتبادلات الحادة بين العديد من رؤساء الدول.

لكنّ المشاعر السيئة استمرت حتى نهاية اجتماع الحلف الذي استمر يومين، حيث وصف ترامب رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو بأنه «ذو وجهين» بعد ظهور شريط فيديو في حفل استقبال في قصر باكنغهام تبدو فيه مجموعة من القادة الأوروبيين وهي تسخر من ترامب بسبب مؤتمراته الصحافية.

وألغى ترامب مؤتمراً صحافياً نهائياً كان مقرراً، ليعود مباشرة إلى واشنطن، على الرغم من تفاخره بإقناع حلفائه الأوروبيين بزيادة الإنفاق الدفاعي وإقناع تركيا بالتخلي عن اعتراضاتها على اعتماد خطة دفاع محدثة لدول البلطيق وبولندا.

غضب بشأن تصريح ماكرون
انطلقت اللقاءات أمس الاول في ظل تبادل الانتقادات عقب التصريحات الأخيرة لماكرون، الذي اعتبر أنّ الحلف الأطلسي في حالة «موت دماغي»، داعياً إلى مراجعة استراتيجيته وإعادة فتح الحوار مع روسيا، وإعادة التركيز على القتال ضد الارهاب الاسلامي.

وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان هدّد بعرقلة خطة دفاع البلطيق المحدثة، ما لم يوافق حلفاؤه على تسمية المقاتلين الأكراد في شمال شرق سوريا الذين ساعدوا في هزيمة تنظيم «داعش»، بأنهم منظمة «إرهابية».

واستبعد الرئيس الفرنسي احتمال التوَصّل إلى توافق مع تركيا على تعريف الإرهاب، خلال مؤتمر صحافي عقب قمة الحلف. وقال ماكرون: «لا أرى أيّ توافق محتمل».

وأضاف: «واضح أننا لسنا موافقين على تصنيف وحدات حماية الشعب الكردية وحزب الاتحاد الديمقراطي كمجموعة إرهابية، وأعتقد أنّ هناك توافقاً على هذا الأمر»، مشيراً إلى نظرائه في الناتو ما عدا تركيا.

أطلقت تركيا عملية عسكرية في سوريا في مناطق حدودية تستهدف المقاتلين الأكراد الذين تعتبرهم إرهابيين، في حين ساندت الفصائل الكردية التحالف الدولي في معركته ضد تنظيم «داعش» والمنظمات الجهادية الأخرى.

وهاجم ماكرون الثلاثاء أنقرة، واتهمها بالعمل مع «مقاتلين مرتبطين» بالتنظيم المتطرف.

ولكن ورغم الخلافات نجح القادة في الاتفاق على «إعلان لندن»، وسحبت تركيا اعتراضاتها، بعدما عقد ترامب اجتماعاً جانبياً غير مقرر مع أردوغان.
وجاء في البيان: «في هذه الاوقات الصعبة، نحن أقوى كحلف، وشعوبنا أكثر أماناً».

وأضاف: «إنّ رابطنا والتزامنا المتبادل قد كفل لنا حرياتنا وقيَمنا وأمننا لمدة 70 عاماً».

وهذا البيان هو الأول الذي يعترف في الحلف بالتحدي الاستراتيجي المتزايد الذي تمثّله الصين. كما أكد على الحاجة إلى رد فعل منسّق أقوى ضد الإرهاب.

وأبقى الحلف على احتمال إقامة «علاقة بنّاءة مع روسيا عندما تجعل تصرفات روسيا ذلك ممكناً»، لكنه شدّد على التهديد الذي يمثله نشر موسكو صواريخ نووية متوسطة المدى.

وفي إشارة إلى المخاوف الفرنسية والألمانية بشأن الاتجاه الاستراتيجي لحلف الناتو، طلب الأعضاء من الأمين العام ينس ستولتنبرغ التشاور مع الخبراء لتعزيز «البعد السياسي» للحلف.

ويوم الثلاثاء التقى الزعماء في مجموعات مختلفة في لندن، قبل حضور حفل استقبال مع الملكة إليزابيث الثانية في قصر باكنغهام. لكنّ ماكرون رفض سحب اتهامه بأنّ استراتيجية الناتو «ماتت دماغياً»، واستمر ترامب في الإصرار على أنّ بعض العواصم كانت «متأخرة» في دفع التزاماتها الدفاعية.

وتسبّب الخلاف في بداية متوترة لليوم الأخير للقمة التي كان يأمل الحلف في أن تكون عرضاً للوحدة «لأنجح حلف عسكري في التاريخ»، وتظهر كيف أنّ الغرب يمكن أن يقف أمام تحديات من روسيا والصين.

في الأسابيع الأخيرة، حاول ماكرون تغيير جدول الأعمال من خلال المطالبة بمراجعة إستراتيجية الحلف، لكنّ ترامب - الذي وصل متفاخراً بأنه أجبَر الأعضاء على زيادة الإنفاق الدفاعي - ردّ بقوة.

ولم يُخف الرئيس الأميركي قبل القمة استياءه إزاء انتقادات نظيره الفرنسي بشأن الحلف. وقال إنّ هذه التصريحات «مهينة للغاية» و»مسيئة جداً»، مشيراً إلى أن «لا أحد بحاجة إلى الحلف الأطلسي أكثر من فرنسا».

ورغم انّ ترامب خفّف من لهجته لاحقاً، إلّا أنّ ماكرون تمسك بموقفه، وقال انه مسرور لأنه تمكّن من تحويل النقاش في الناتو من المال إلى الأمور الاستراتيجية.

ولم تصل سوى تسع دول فقط من الدول الأعضاء في الناتو إلى هدف الانفاق المتّفق عليه في قمة الحلف عام 2014 بإنفاق 2 في المئة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع قبل عام 2024.

theme::common.loader_icon