كيف يُعزِّز المراهق ثقته بنفسه؟
كيف يُعزِّز المراهق ثقته بنفسه؟
د. أنطوان الشرتوني
جريدة الجمهورية
Friday, 01-Nov-2019 06:58
من الأسباب التي تجعل المراهق فاشلاً في علاقاته مع أهله ومع مراهقين آخرين، وفي مدرسته، فقدان الثقة بنفسه. ففقدان الثقة يسبب الكثير من المشكلات التى يمكن أن تؤدي الى الإنغلاق الإجتماعي وعدم القدرة على مواجهة المشكلات اليومية التي يمكن أن يعيشها المراهق. بينما الثقة بالنفس هي الضامن الوحيد لنجاح المراهق في حياته الفردية والعائلية في وقت لاحق.

ولكن، بسبب التغييرات السريعة و«المفاجئة» في مرحلة المراهقة، يصبح هذا المراهق فريسة سهلة لعدم الشعور بالأمان وإنعدام الثقة لديه. فكيف يمكن مساعدة هذا المراهق في هذه المرحلة الدقيقة؟ وما دور الأهل؟ وهل هناك دور أساسي للمدرسة؟ وما هي النصائح التي يمكن تبنيها لتقوية الثقة بالنفس عند المراهقين؟

هناك العديد من التعريفات لمفهوم «الثقة بالنفس» التي هي وبشكل بسيط الإيمان بالنفس. كما يمكن اعتبار أنّ الثقة بالنفس هي توقعات الشخص لأدائه الفردي وتقييم نفسه تجاه ذلك الأداء.

فمثلاً، الفرد الذي يحقق توقعاته، ثقته بنفسه ستزداد والعكس صحيح، فيما الشخص الذي لم يحقق أياً من أحلامه، سيكون عرضةً لعدم الإيمان بنفسه وبالتالي عدم الثقة بقدراته. في علم التحليل النفسي، تُعتبر الثقة بالنفس الكفاءة الذاتية التي تتحقق من خلال إتقان الشخص للمهارات وتحقيق الأهداف الخاصة بها. كما هي احترام الذات من خلال تعامل الشخص بشكل منطقي وإيجابي مع ما يواجهه في حياته اليومية.

أهمية الثقة بالنفس عند المراهق

المراهق الواثق من نفسه هو شخص يحب نفسه ولا يعرّضها للخطر أو للأذى، كما هو شخص يحترم ويقدّر ذاته، ويثق بقدراته ويدرك كفاءاته. ويملك المراهق الواثق بنفسه الاطمئنان والتفاؤل والإيجابية والقدرة على تحقيق أهدافه. وأهمية الثقة بالنفس عند المراهق هي أساسية لمواكبة حياته الفردية والإجتماعية بشكل إيجابي. ومن أهم هذه الفوائد:

أولاً، المشاركة الإيجابية في الحياة الاجتماعية والعلائقية عند المراهق. وطبعاً الثقة بالنفس تقلّص الاضطرابات النفسية والمشكلات الاجتماعية التي يمكن أن يعاني منها الشاب أو الشابة.

ثانياً، الإحساس بقيمة الذات وتقديرها، خصوصاً في مرحلة المراهقة حين لا يشعر الشخص بقيمته.

ثالثاً، تحسين أدائه الأكاديمي خلال المراحل الدراسية. فعندما يملك المراهق الثقة بالنفس، يرتفع الرضا الوظيفي لديه.

رابعاً، التحرّر من الخوف والقلق، خصوصاً عند المراهق التي تتسم شخصيته بالقلق المفرط أو الخوف من المجهول.

خامساً، ارتفاع مستويات السعادة عند المراهق الذي يثق بنفسه.

أسباب انعدام الثقة بالنفس عند المراهق

اسباب كثيرة تكون وراء الشعور بانعدام الثقة بالنفس عند المراهق، واهمها:

- التعرّض للعقاب النفسي أو البدني بشكل يومي من الأهل أو المدرسة. كما كثرة الانتقاد، خصوصاً خلال الطفولة.
- التنمّر والسخرية والإهانة بشكل متكرّر للمراهق من الأهل أو الزملاء في الصف أو من أي شخص كان.
- الفقر والحرمان والإهمال وعدم الشعور بالأهمية، كما الفشل أو التأخّر في التحصيل العلمي، يمكن أن تؤثر على الثقة بالنفس عند المراهق.

الخطوات لتعزيز الثقة بالنفس

عندما يقرّر المراهق «إسترداد» ثقته بنفسه، هناك خطوات يجب إتباعها:

أولاً، التفكير الإيجابي: تشجيع المراهق بالتفكير بطريقة إيجابية. وعادة دور الأهل أساسي في هذا الموضوع، والتأكيد له بأنّه إنسان فريد ومميّز، وأن يشعر بالرضا تجاه ذاته رغم وجود المشكلات والمصاعب من حوله. كما يجب تجنّب وصف المراهق بعبارات سلبية، مثل: «فاشل»، أو «لا تستطيع فعل أي شيء»، أو «لا أحد يحبّك»، أو «لا أحد يريد الخير لك»، وغيرها من العبارات السلبية. ودور المدرسة هو متابعة المراهق لكي يستعيد ثقته بنفسه وبالآخرين. وتشجيع المراهق على المشاركة في المناقشات والحوارات العائلية وبين الأصدقاء، وتبادل الآراء بشجاعة، والحرص على اكتساب مهارات الحديث.

ثانياً، تقدير الذات: وهي نقطة أساسية لاستعادة المراهق ثقته بنفسه من خلال تشجيعه للتحدث عن مشكلاته وإظهار النقاط الإيجابية في شخصيته. كما يمكن للمدرسة أن تلعب دوراً من خلال إظهار إنجازات المراهق، وإذا لم تكن موجودة، يمكن تشجيع المراهق على إظهار مواهبه وتطويرها. كما يجب تشجيعه للاطلاع على كل ما هو جديد، والمداومة على القراءة لاكتساب المعرفة، والقدرة على التفكير بشكل موضوعي.

ثالثاً، الاهتمام بالذات وبالنظافة الشخصية: تعليم المراهق الإهتمام بنفسه وبالنظافة الشخصية ما يؤدي إلى الرضا عن الذات ومن ثمّ الثقة بالنفس. وعندما نتحدث عن النظافة الشخصية، يعني ذلك، الاستحمام، وتسريح الشعر، وتنظيف الأسنان، وقصّ الأظافر، وارتداء ملابس نظيفة، وغيرها.

رابعاً، إهتمام الأهل والمتابعة: هي من أهم النقاط التي ستساعد المراهق في ربح ثقته بنفسه من جديد. كما يمكن مع الوالدين تحديد نقاط الضعف عند إبنهما، وتحسينها، وتطوير الذات.

خامساً، طلب مساعدة: بعض الأحيان، طلب مساعدة من أخصائي نفسي مدرسي يكون حافزاً مهماً للمراهق الذي يتخبط بمشكلاته.

سادساً، الابتعاد عن الأصدقاء المنتقدين الذين لا يتكلمون إلا بشكل سلبي عن الآخر. وتشجيع المراهق للبحث عن أصدقاء إيجابيين في طريقة التفكير. 

theme::common.loader_icon