في افخارستيا الثقافة اللبنانية يتميز شخص متنيّ له قصب السبق في الآداب (نابيه 1949) اسمه الدكتور ربيعة أبي فاضل، صاحب عشرات المؤلفات أهمها: «وديع في الضيعة»، واليوم هو المسؤول عن أطروحات الدكتوراه في الجامعة اللبنانية.
هذا الرجل مفعم ومتيّم بجلوة الثقافة رئيف ميلاد خوري (ربيعة ماروني ورئيف أرثوذكسي) لكن ربيعة يكبر كثيراً عندما يتكلم عن رئيف فكأنه يحمل سيفاً بتّاراً ويسير على رأس قبائل تغلب منشداً: «لو تأخر الإسلام لأكلت تغلب العرب».
في نابيه جلسنا ضيعوياً على المصطبة وعليها ديك أمين نخلة، وتحت عراء السماء تتطاغى وتتلاعب عصافير إميل مبارك، ولمّا مرت حلوة ممشوقة قلت لربيعة بلسان اميل مبارك:
«لمن شافتني تنهدت من دون حكي
ورغرغِتْ بالدمع قصدا تشتكي
واحمر ورد خدودها وتكيت خجل
ومن غصتي ما قدرت قلّا شو بكي؟»
الجو صافٍ مثل عين الديك وانا أنهيت كأسي الثالث من عرق «نابيه» والى يميني زوجتي. قلت لربيعة: «يا دكتور هل تستطيع ان تناولني هذه الوديان الموحشة، هذه الأماكن التي هرب اليها رئيف بعد محاورة الاجيال مع عميد الادب العربي طه حسين ولم يتجرأ احد غير رئيف لهذه المطاحشة الفكرية، وما فهمت من هذه المحاورة المجنونة من الأديبة المثقفة وعشيقة رئيف اميلي فارس انها استسلمت فاتحة عفّتها لشاعر «الشجرة» محمد يوسف حمود، وكان جوابها في الـ105... محمد جنسياً ما بو شي، متل رئيف.
دكتور ربيعة: قلت لاميلي في الأشرفية وهي تسترخي على تختها في الـ105 سنوات:
- هل تحبين المباكرة الجنسية؟
- لم تجب لكن لمعة فرح ركضت على خدها.
انا قرأت كل ما كتبت يا دكتور ربيعة لكنك لم تلامس الشاعر السوري القومي محمد يوسف حمود والأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني - السوري خالد بكداش الذي رغب في وطء اميلي فارس لكنها رفضت، وكان بكداش يلتقي باميلي في ندوة «اخوان عمر فاخوري» الاديب البيروتي الرائع الذي مشى بطله حنا في جنازة نفسه.
محمد يوسف بيضون وخالد بكداش لم يتساما الى قامة رئيف خوري حتى اليوم حيث مقر الاونيسكو ما زال شاهداً على شمولية ثقافية وقد تحولت الى حكاية منفردة من قصص الأدب الجاهلي من مثل «ان النبي لنورٌ يستضاء به» بين الرسول العربي محمد والشاعر المسيحي كعب بن زهير.
دكتور ربيعة
انا قرأت كل ما كتبت في الصحف وجمعت في مؤلفاتك وكل ما لامست ادب رئيف خوري لكنني لم اقرأ لديك عن ان فخامة الرئيس كميل شمعون رشّح الاديب المتنوع الرؤوس لمركز الوزارة، لكن رئيف رفض، وهل نحن نصر على اعتبار «الفتى العربي» عميلاً للأجنبي.
في كتابكم «نابيه تاريخها وتراثها الثقافي» حركة صبا موسيقية كنا قد انشدناها في مؤلفكم القصصي «وديع في الضيعة»، ونظمنا «الرسيتال» حتى غدت ضيعة نابيه منافسة حقيقية لبلدة جبران بشري ومن خلال ام رئيف ملكة نقولا حداد المثقفة جداً وقف الاديب «النابوي» خصماً وحبيباً لأم جبران التي كانت أول من أعطى ملاحظاته على قصّة جبران «النبي»، وكانت أول من عرفناها بلوحة «وجه أمي» وقبل أم رئيف ماتت باكراً.
بأدبك ولحيتك مثل شيخنا الحكيم الاوزاعي المدافع عن نصارى لبنان ومثله لا تحتك بالكحول بل بعمق الافكار منشداً: «الحياة صغيرة».