هدوء الطبيعة وهدوء النفس
هدوء الطبيعة وهدوء النفس
فانيسا الهبر
جريدة الجمهورية
Saturday, 24-Aug-2019 06:28
تخيّلي لو تمدّنت الأرض بكاملها ولم يعد للبيئة الخضراء مكان.. ماذا يحصل؟ لن تنقرض الحيوانات وحدها فحسب بل سيختفي كل مخلوق بشري أو غير بشري عن وجه الأرض مهما كان عرقه، جنسه، دينه أو مذهبه.

مهما تقدّم القطاع المعماري في لبنان والعالم، ومهما وصلنا إلى درجة متقدّمة في التكنولوجيا والتحضّر، يبقى الإنسان بحاجة إلى الطبيعة، وبحاجة إلى نوع من التواصل بينه وبين الكائنات الأخرى، مثل الحيوانات والنباتات، لأن في الواقع كل الكائنات الموجودة على سطح الأرض تمدُّنا بطاقة معينة نحتاج إليها كبشر، وليس لنا غنى عنها.
لربما سئمتِ من محاضرات التوعية البيئية للحفاظ على الصحة، لكن هل تعلمين أنّ التفاعل مع الطبيعة وقضاء وقت حول الأشجار والنبات وربما مجرّد لمس التراب تؤثّر بشكل غير متوقّع على نفسيّتك؟ ماذا يحدث إذاً؟

تحسين المزاج
أثبتت دراسة استقصائية أجريت في أربعة مستشفيات في خليج سان فرانسيسكو أنّ النباتات وخضار الطبيعة تجعل الإنسان أكثر سعادة وأكثر تفاؤلاً. ووفقاً لهذا الإستطلاع، 79 في المئة من المرضى قالوا إنهم يشعرون بالاسترخاء و 19 في المئة يشعرون بالإيجابية، و25 في المائة يشعرون بالقوة بعد قضاء وقت في الحديقة. بالإضافة إلى ذلك، تعزّز الزهور أيضاً المشاعر والطاقة الإيجابية. ففي دراسة أجريت عام 2005، أظهرت أنّ النساء عند تلقي الزهور تزيد إيجابيّتهنّ بعد ثلاثة أيام.
لا تترددي بوضع بعض الزهور داخل مكتبك أو منزلك للتخفيف من التوتر وخلق بيئة أكثر هدوءاً. كذلك، تذكرنا البستنة بصلتنا بالطبيعة، وتساعدنا على التركيز، وتخفف من أعراض الاكتئاب. وبالتالي، عند ممارسة البستنة يفرز الدماغ مواد جيدة مثل السيروتونين والدوبامين.

التخفيف من التوتر والقلق
النظر إلى النباتات والزهور في المنزل أو في الهواء الطلق، يرخي أعصابك ويهدّئ من روعكِ حتى ولو لم تعي ذلك. يشجّع أيضاً على الاستمتاع بكل لحظة بدلاً من التفكير السلبي بالمستقبل. وفي دراسة نشرت في «مجلة الأنثروبولوجيا الفيزولوجية، انقسم المشاركون في الدراسة إلى مجموعتين: الأولى تولّت مهاماً على الكمبيوتر والثانية تولّت زرع النباتات والأشجار. نتيجة ذلك، تبيّن أنّ الذين زرعوا النبات كانوا أكثر راحة واسترخاءً من أولئك الذين عملوا على الكمبيوتر.

تعزيز التركيز
لا تستهيني بنشاط البستنة والتفاعل مع النباتات لأنه يعمل على تقوية قدرة تركيزكِ. وفي هذا السياق، نُشرت دراسة في «المجلة الأميركية للصحة العامة» عن تأثير البيئة الخضراء أو الطبيعة على الأطفال الذين يعانون من ADHD إضطراب فرط النشاط ونقص الانتباه. وبالتالي، وجد الباحثون أنّ النشاطات التي تتضمّن التفاعل مع البيئة الخضراء تقلل من أعراض اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه مقارنةً بنشاطات أخرى. لذلك، من الضروري أن يستفيد الأطفال من الوقت للعب في الطبيعة، لأنه يضاعف تركيزهم.
تعزيز الثقة بالنفس
كثيراً ما تعاني الشابات، بشكل خاص، من اضطرابات في الثقة بالنفس. ومن الطبيعي أن تشعر الشابة بالضغط الإجتماعي وكيفية التصرف محاوِلة تكوين شخصيتها، خصوصاً أنّ السوشيال ميديا أصبح من أكثر المصادر التي تؤدّي إلى فقدان الثقة بالنفس، لدى هذه الفئة من المجتمع. وبالتالي، البيئة الخضراء والتفاعل مع العالم الخارجي يساعدان في تعزيز الثقة بالنفس.
إذ بحسب الدراسات، عندما تهتمّين بالنباتات وتشاهدين نموّها ومراحل تحوّلها، تفهمين أكثر مبدأ التحوّل من شابة إلى امرأة بالغة، فتتعلّمين حبّ ذاتك مهما كان شكلك. وتصبحين قادرة على إظهار شخصيتكِ الجميلة واهتمامك بالعالم أكثر فأكثر. وتقول الأبحاث إنّ البستنة أو أيّ نشاط آخر تكونين خلاله محاطة بالأشجار والطبيعة يُكسبكِ الشعور بتقدير الذات بغض النظر عن الضغوط الاجتماعية.

theme::common.loader_icon