
في وضع طبيعي، يولَد تقريباً جميع الأطفال مع تقوّس في القدمين، حيث يكون باطن القدمين وجهاً لوجه، وتكون عظمة الساق وعظمة الفخذ متجهة إلى الخارج، ونلاحظ أيضاً فراغاً لدى مفصلي الركبة. وخلال السنة الأولى من حياة الطفل، يقترب مفصلا الرّكبة من بعضهما البعض فيجبرا عظمة الفخذ على الانحدار إلى الأسفل وإلى الداخل مقتربةً إلى الركبة، وذلك يُسبّب استقامة عظمة الساق وتوجّه باطن القدمين إلى الأسفل. وخلال هذه الفترة تبدأ العظام بالتصلّب والتحوّل من غضروفية إلى عظمية، وتصبح أصلبَ فيتمكّن الطفل من الوقوف على قدميه والمشي عليهما.
الأسباب
ثمة نوعيان لتقوس الساقين. فبحسب د. بشير غسطين، أخصائي في جراحة العظم والمفاصل والطب الرياضي الجراحي، «يصيب النوع الأول منطقة تحت الركبة أي الـtibia، فيما يعرَف النوع الآخر بـ Pied bot. إنَّ مرض التقوس خلقي بأنواعه، وهو يظهر مباشرة بعد الولادة. وثمة عامل وراثي ولكنّ الطابع الخلقي طاغٍ. إذاً إن كان يعاني أحد الوالدين من تقوس الساقين، لا يعني بالضرورة أنَّ الولد سيعاني من هذا المرض، إلّا إذا كان التقوس جزءاً من متلازمة ما مثل الجنف (سكوليوز)، أو من تشوّهات خلقية كعظمة ناقصة... هنا يكون السبب الرئيسي عادةً وراثياًّ».
الفارق بين نوعي التقوس
معظم حالات تقوّس الساقين طبيعية إلى عمر السنتين، ولا حاجة للقلق منها. وثمة درجات مختلفة من هذا المرض. وعندما يكون التقوس جزءاً من متلازمة، تكون درجة التقوس متقدمة. كما تزداد درجة التقوس مع العمر، لذلك يجب الكشف عن هذا المرض في عمر مبكر وعلاجه. يفسّر د. بشير أنّه «من الضروري علاج التقوس تحت الركبة، أي الذهاب لدى أخصائي أطفال، والقيام بجلسات متكررة لتصويب الساقين وتفادي الحاجة إلى عملية. وإن لم يتحسّن الوضع بالعلاج أو لم يخضع المريض إلى علاج في الأساس، سيحتاج إلى عملية جراحية. وتخلّف هذه العملية آثاراً جانبية على المريض حتى بعد مرور السنين، لذا من الأفضل تفاديها. أما في حالات الـpied bot، فيعاني غالبية المصابين من تقوس على شكل قوسين ( ) أي إلى الداخل، وهذا أمر طبيعي. ويجب تطمين الأهل في هذه الحالة، فهذا النوع من التقوس يختفي مع المشي والتقدم في العمر. أما إذا كان التقوس إلى الداخل أو إلى الخلف، فيكون تشوّهاً خلقيّاً وعلينا البحث عن مشكلات مرتبطة بهذا التقوس».
ما بين الإهمال والهرع
في حال عدم معالجة تقوس الـtibia، يقول د. بشير إنَّ «العارض الأساسي هو تشوّه شكل الساقين. إلى جانب ذلك، يعجز المريض ارتداء أحذية عادية مثل باقي الناس، كما قد يعاني من الأوجاع والانزعاج. وفي حالات تقوّس الفخذين، تتأثّر طول قامة المريض. وقد يؤدي المرض إلى الكسر في حال التقوس الشديد إلى الداخل أو الوراء. وهنا قد لا يلحم الكسر، فيحتاج المريض إلى المزيد من العمليات الجراحية.
إذاً الاعتدال ضرورة. فلا يجب الاستلشاء، بل التوجه إلى الطبيب المختص فور ملاحظة مشكلة ما. وفي الوقت عينه، لا يجب الإصابة بالذعر. الأهم هو أخذ رأي طبيب اختصاصي والالتزام بتوجيهاته، حتى ولو كان العلاج طويلاً ومزعجاً للطفل، فهذا العلاج يساعده لباقي أيام حياته».







.jpeg?w=260&h=190&fit=crop)
