ماذا يطلب السياسيون من «بابا نويل»؟
ماذا يطلب السياسيون من «بابا نويل»؟
ناتالي اقليموس
جريدة الجمهورية
Monday, 24-Dec-2012 01:19
منهُم من كان على علاقة حميمة به، وهو على رغم تسلّل الشيب إلى شعره، لا تزال أذناه معلقّتين برنين جرسه، ومنهم من لم يعتقد يوماً بوجوده، لكن لا مفرّ، فلقد أعدّ له لائحة هدايا لا تنتهي. بين مطالب شخصية خاصة، وأخرى وطنية عامة، ماذا في مضمون رسائل السياسيين إلى «بابا نويل»؟
سرعان ما تشغل الابتسامة ملامح النائب الشاب آلان عون وتلمع عيناه، لدى سؤاله عمّا كتبه إلى بابا نويل، فيقول: "أطلب منه، "بنّوت" صغيرة، فقد سبق أن رزقني الله بصبي، وأتمنى لو يرزقني بفتاة". وبحماسة متناهية يتابع: "ما عدت أذكر تحديداً ماذا كنت أكتب في طفولتي، ولكن لم أطلب يوماً المال، إنما ألعاباً صبيانية".

لا ينكر عون أن الحرب اللبنانية أثرت سلباً في طفولته، وحالت دون إستمتاعه بتقاليد الاعياد كافة، فيقول: "عموماً شهدنا ظروفاً قاسية، بيد انّ هذه السنة، يكتسب العيد معنى مغايراً بعدما صرت أباً". ويضيف: "على رغم ان ابني لم يتجاوز عامه الاول بعد، إلا انني لن أتردد في إحضار بابانويل له إلى المنزل". في هذا السياق، يبدي عون كامل إستعداده للتنكر بزيّ بابا نويل، أوبأيّ شخصية قد تدخل الفرحة إلى قلب وحيده.

ماروني: ورقة اللوتو

يحتار النائب إيلي ماروني من أين يبدأ في تعداد هداياه، فيقول: "تطول اللائحة، وما أطلبه قد يبدو أقرب إلى المستحيل، أتمنى أن يصدر الحكم عن المجلس العدلي في ما يخص قضية مقتل شقيقي، وأن تتمكن الاجهزة الامنية من اعتقال المجرمين، فقد تكون الهدية الأثمن في هذا العيد والوحيدة القادرة بأن تثلج صدر والدتي".

وعن هديته الثانية، يتنهد قائلا: "حبذا لو أربح ورقة اللوتو كي أتمكن من خوض الإنتخابات، خصوصاً وان هذه الخدمة العامة باتت أشبه بمزاد علني، كلّ من يملك المال يتحول إلى مشروع نائب، من دون أي برنامج أو كفاءة أو حتى حضور سياسي مكلل بالنضال".

...واستقالة الحكومة

أما الهدية الثالثة، بنبرة تنضح جدّية، يقول مارومي: "أتمنى لو يحمل بابا نويل الوحي إلى الرئيس نجيب ميقاتي، علّه يُقدم على الإستقالة وحكومته بعدما أساءت إلى الاقتصاد، السياحة و... وأسكنتنا في الظلمة والخوف الامني، لربما تتشكل مع مطلع العام الجديد حكومة إنقاذية، خصوصاً وان الوطن بات عاجزاً عن تحمل المزيد من الصعوبات".

وعما يراوده في زمن الميلاد، يجيب: "حتى هذه اللحظة أحب عيد الميلاد وأنتظره بفارغ الصبر، لذا أعمد إلى تزيين الشجرة شخصياً، ربما لأنني في مرحلة ما من طفولتي لم أعش هذا الجو كثيراً، لاسيما انّني خسرت والدي وأنا في الرابعة من عمري". ويضيف: "أحب المأكولات التي تعدّ في هذه المناسبة، وكذلك جمع شمل الاصدقاء والاحباب، لذا لا أخجل من القول إنني أعيشه وكأنني طفل".

ابو خاطر: البصر والتبصر

أما النائب طوني أبو خاطر فأمل في "ان يشكّل المخاض الصعب ولادة لأوطان عربية تتمتع بالديموقراطية والحرية والعدالة، "لأننا نعيش في هاجس ما بعد الربيع العربي، في وقت بدأ التطرف يشغل موقعاً حاداً" على قوله.

وهو يطلب من بابانويل ان "يمنح النواب آذاناً صاغية، علّهم يستمعون الى المواطنين في الدرجة الاولى، والى شركائهم في الوطن في الدرجة الثانية، فالاوطان لا تحكم على هذا النحو الفوقي. كما ان مطالبتنا باستقالة الحكومة لا نعني بها إستقالة الوطن، وهي قد أثبتت فشلها، لذا قليل من البصر والتبصر يكفيان لضمان سلامة المرحلة المقبلة".

وعلى المستوى الخاص، يؤكد أبو خاطر "ان العائلة في الغالب تهديه ما هو في حاجة إليه، ساعة يد مثلاً او ثياب، وغيرها من الاغراض الشخصية". ويطيب له أن يخبر بحنين حكاية معرفته بوجود بابا نويل: "في صغرنا كان خالي أنيس مسلم، السبّاق ليشعرنا بالعيد، وهو الذي تنكر لسنوات طوال حاملاً الينا هدايا العيد في كيس على ظهره، حتى انني لا أزال أذكر جيداً اللعبة الاولى منه لي لقد كانت طائرة".

ويضيف ضاحكاً: "ولا بد لي من أن أتذكّر جيداً نفسي أيام كنت أتنكر بزي بابانويل من أجل إبني، ففي عام 1984 حملت مثل خالي ومثل بابا نويل الهدايا على ظهري".

حرب: السلام والوئام

من جهته يتحسّر النائب بطرس حرب و"يا ليت بابا نويل يعيد السلام الى البلد، ويعيش المواطنون بسلام وطمأنينة، على امل بمستقبل أفضل"، متمنياً "لو أنه أيضاً يزرع المحبة في نفوس الناس بعيداً من التمسك بالمتاريس الخاصة".

أما على المستوى الخاص، فيجد حرب أن "الأمان والصحة أغلى ما يمكن أن يطلبه في فترة الاعياد له ولمحبيه، كذلك راحة البال، مستذكراً طفولته: "لم أكن على صحبة مع بابا نويل، لم أراسله، ترعرعت في بيئة يغلب عليها المفهوم الديني على أي مفهوم آخر، بما فيها الهدية وبابا نويل. لا أنكر أن تلك العادات والتقاليد تدخل الفرحة إلى قلوب الصغار، إلا انني لم أفهم تلك الامور كلها إلا بعد أن صرت أباً".

ويضيف ممازحاً: "لم تسمح لي الفرصة التنكر بلباس بابا نويل، لأنني غالباً ما كنت إلى جانب أولادي نستقبل بابا نويل وهداياه، الآن كبروا وباتوا يزورونه عوضاً من إنتظار زيارته".

كرم: إمكان التنقل بأمان

من جهته، يتمنى النائب فادي كرم لو يهدي بابا نويل الشعب اللبناني القدرة على تقبل الآخر، والابتعاد عن محاولات الإلغاء فقط بسبب الإختلاف في الرأي"، أما إلى القادة، فيقول: " ليتهم يلبون حاجات شعبهم مستبدلين سياسة "التذاكي" بالولاء للوطن".

أما على المستوى الشخصي، فيطلب كرم من بابا نويل "إمكانية التنقل بحريّة كعائلة بعيداً عن أي هاجس أمني، متمنياً "لو نخرج للسهر كأي أسرة لبنانية من دون خوف شخصي؟" . وعن تجربته الخاصة مع بابا نويل، يقول: "لم أكتب له يوماً، غالباً ما كان يسبقني، في تقديم الهدية، ولم أكن في حاجة إلى إرسال هدية، وبعدما تزوّجت لا شك انني حاولت نقل أجواء العيد نفسها إلى أولادي، ولكن أفهمتهم أن الحياة أخذ وعطاء".

سعد: زوال نظام الاسد

بدوره يتمنى النائب انطوان سعد "لو يحمل بابانويل مناخاً من الحريات إلى الانظمة الديكتاتورية، وإنتصاراً للديموقراطية على الديكتاتورية"، موضحاً: "للأسف هذا العام لم يكن عام لبنان الذي نريد، في ظل هذه الحكومة التي أمعنت في تسليم لبنان إلى حزب الله، والوصاية الإيرانية، تحت حجة المقاومة". ويضيف: "على أمل أن يحمل بابا نويل البشرى السارّة للشعبين اللبناني والسوري بزوال نظام الاسد، وبانتصار الربيع العربي، وإنجاز انتخابات لبنانية في موعدها".

أما على المستوى الشخصي، فيقول: "لا أذكر أنني كتبت يوماً رسالة إلى بابانويل، كنت أنهمك في صغري في إختيار الملابس الجديدة، كما أنني كنت أنتظر الهدايا من الاهل بفارغ الصبر لاسيما وان الاحتفالات كانت معدودة في ما مضى".

في وقت يتطلع اللبنانيون إلى العيد بحذر وترقب، تغمر الدهشة قلوب معظمهم، مستغربين في قرارة أنفسهم: "إذا تحول السلام والامن والعدالة إلى أمنيات وهدايا تفوق مقدرة السياسيين على تحقيقها، فأيّ دور لهم بعد للبقاء في الحكم؟ أبعد من ذلك، ماذا ينفع التجاذب في قانون الإنتخاب، طالما ان الامن غير متوافر لشريحة واسعة من اللبنانيين، فضلا عن ان الامتثال لإرادة الناخبين شهدت إنقلابات بالجملة؟
theme::common.loader_icon