متلازمة الموهوب، حالة طبية تصيب الأشخاص المصابين باضطرابات طيف التوحد، فبعض الاشخاص المتوحدين يتميزون بأداء ومهارات عالية، عكس بعضهم الآخر الذين تقتصر اصابتهم على عوارض التوحّد فقط. في هذا السياق، اخبرت «الجمهورية» إختصاصية معالجة نفس حركي، نايلين طنب، عن تفاصيل هذه المتلازمة، شارحةً: «نحن لا نعرف بعد السبب الرئيس للاصابة بهذه المتلازمة، ولكن يرجح أن يلعب العامل الوراثي دوراً في هذا الموضوع، اضافةً الى كبر عمر الاهل عند انجاب طفلهم. يعاني المصاب بمتلازمة الموهوب من وجود طيف من أطياف التوحد، الّا أنّ ليس جميع من يعانون من التوحد سيمتلكون هذه الموهبة. ويعتبر الذكور أكثر عرضة للإصابة بهذه المتلازمة (4 مرات اكثر من الاناث) التي تظهر بين عمر الـ12 والـ24 شهراً، وقد تتم ملاحظة الاصابة قبل الـ12 شهراً في حال معاناة المصاب من تأخر في النمو العصبي، كعدم المشي أو النطق أو غيرها... كما يمكن ان يكون النمو طبيعياً حتّى عمر السنتين، لتتراجع بعدها قدرات الطفل التي كان يتمتع بها».
مجالات الابداع
قد نقف مدهوشين أمام طفل مصاب بهذه المتلازمة، لمشاهدتنا قدراته الاستثنائية وموهبته الفريدة، ولكن عند اقترابنا منه سنلاحظ عدم استطاعته التواصل معنا، كما يفعل الأطفال الآخرون في عمره. فماذا عن هذه الحالة؟ تخبرنا طنب «عوارض مختلفة تظهر عند المصابين، ويبدو واضحاً عدم تعبيرهم عن مشاعرهم إن كان لغوياً أو جسدياً، وصعوبة تواصلهم مع الآخرين، وصعوبة الانخلاط والاندماج وغيرها... كما يمكن ملاحظة تكرار حركة معينة باستمرارعند بعضهم، عند تحريك يدهم مثلاً بطريقة متواصلة دون تمكنهم من السيطرة او التحكم بها.
في المقابل، يظهر عند البعض التميز بمجالات معينة دون غيرها، وتختلف ايضاً من مصاب الى آخر، مع العلم أنّ المهارات تبدأ بالظهور تدريجياً مع نمو المصاب. فمع الوقت، تظهر موهبتهم والتي ترتكز على الامور الفنية، وغالباً ما يتمتع المصابون بقدرة عالية في ما يخص الذاكرة البصرية خصوصاً الحفظ والتحليل البصري، كذلك في القدرة السمعية (الحفظ والتحليل السمعي). ويوجد مجالان لا يمكن ان يبرعوا فيهما ابداً، وهو المجال اللغوي ككتابة الشعر مثلاً، أو الامور التي تتطلب توازناً كالرقص مثلاً، لأن المصاب يعاني اصلاً من مشكلات في هذه الامور».
مدرسة خاصة او عادية؟
يعاني المصابون بمتلازمة الموهوب، من صعوبة في التخطيط والتنظيم لاسيما امام التغيرات التي يواجهونها، ما يؤثر على دراستهم خصوصاً مع غياب المرونة عندهم. فكيف يجب متابعة المصابين وادارة حالتهم المرضية، وتطوير قدراتهم؟ تشرح طنب: «علاج هذه المتلازمة، هو علاج طيف التوحد نفسه، وبالتالي يحب اخضاع المصاب الى معالجة نطق لتعزيز قدراته في التواصل الشفهي واللامحكي، والى إختصاصية معالجة نفس حركي لمعالجة مشكلات التوازن لديه، وتحسين قدراته الفكرية.
ويمكن للمصاب أن يندمج في مدرسة عادية شرط أن يرافقه اختصاصي لمساعدته عند مواجهة الصعوبات أو لضبطه عند التصرف العشوائي، كذلك يمكن الحاقه بمدرسة خاصة لحالته، ليتكيّف مع منهجها المخصص لهذه الحالات، لانّه يوجد بعض الاختلافات بين المصابين والاطفال غير المصابين في العمر نفسه. من جهة أخرى، على الاهل ايضاً نيل التوجيه الصحيح من اختصاصية النطق ومعالجة النفس حركي، للتمكن من مساعدة ولدهم وفهمه والتواصل والتصرف معه بالطريقة الصحيحة. كما أنّه يمكن للاختصاصيين تنمية القدرات والمهارات التي يتمتع بها مصابو متلازمة الموهوب».