مانشيت- وداع حاشد للبطريرك صفير.. لبنان ينتظر سـاترفيلد.. والموازنة
مانشيت- وداع حاشد للبطريرك صفير.. لبنان ينتظر سـاترفيلد.. والموازنة
Friday, 17-May-2019 06:01
في صورة تاريخية جامعة ودّع لبنان أمس، الكاردينال ما نصرالله بطرس صفير، حيث أقيم لهذه الشخصية الاستثنائية مأتم مهيب في الصرح البطريركي في بكركي، تقدّمه الرؤساء الثلاثة العماد ميشال عون ونبيه بري وسعد الحريري، وشارك فيه ممثلون عن الكرسي الرسولي وشخصيات سياسية وديبلوماسية من الدول العربية والاوروبية، إلى جانب جمع غفير من المواطنين والشخصيات من مختلف المستويات، ووري جثمانه عصر امس، في مدافن البطاركة.

هذا الحدث، غيّب النشاط السياسي بالكامل، فيما ساد الترقّب في ثلاثة اتجاهات :
الأول، التطورات الإقليمية المتسارعة في المنطقة، في ظل التوتر المتزايد بين الولايات المتحدة وبعض دول المنطقة مع ايران، والتهديدات المتبادلة والتي تُنذر بالاشتعال على خلفية بعض المستجدات التي طرأت في الآونة الاخيرة، وخصوصاً بعد الإعلان عن تخريب بواخر الشحن في الفجيرة، وكذلك استهداف منشآت نفطية سعودية، والتي تواكبت مع اتهامات مباشرة من قِبل الولايات المتحدة الاميركية الى طهران وتحمّلها مسؤولية ما قد يحصل من تبعات.

الثاني، الجولة النفطية المرتبطة بترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل، والتي يقوم بها مساعد وزير الخارجية الاميركية دايفيد ساترفيلد في المنطقة، وانتقاله الى اسرائيل امس، بعد زيارة سريعة الى بيروت، تبلّغ خلالها الموقف اللبناني المتمسّك بسيادة حدوده البحرية وحقه في الاستفادة من الثروة النفطية والغازية التي تكتنزها، خصوصاً في المنطقة المتنازع عليها والتي تزيد مساحتها عن 860 كيلومتراً مربعاً، ونقل الى اسرائيل الموقف اللبناني، حيث ينتظر لبنان الرد الاسرائيلي، والذي من شأنه ان يقود الامور في اتجاه الحلحلة، او في اتجاه التصعيد، علماً انّ لبنان تلقّى من الجانب الاميركي تطمينات بالقيام بدور مساعد ومسهّل، يفضي الى إيجاد حل لهذه المسألة، بما يمكّن لبنان من الشروع في الاستفادة من ثروته البحرية، الامر الذي يشكّل عنصر إنعاش للأزمة الاقتصادية التي يعاني منها.

الثالث، تطورات الموازنة العامة التي يُنتظر ان تخضع اليوم لمناقشة جديدة في مجلس الوزراء، حيث يُفترض ان تكون هذه الجلسة، الاخيرة في مسار النقاش، الّا اذا بقي التناقض متفاقماً حول بعض الابواب المحدّدة لتخفيض العجز، وكذلك في حال بقيت بعض الامور الساخنة عالقة، وعلى وجه الخصوص البت بمصير التدبير رقم 3 للعسكريين والقوى الامنية. على انّ اللافت للانتباه، عشية جلسة مجلس الوزراء، هو إعادة إثارة موضوع قطع الحساب، من باب الدعوة الى إعداده وإرفاقه بالموازنة. على انّ الانتهاء من الموازنة دون وضع قطع الحساب يشكّل مخالفة دستورية ينبغي التنبّه لها قبل إحالة الموازنة الى مجلس النواب.

وربطاً بالوضع الاقتصادي، برز امس التزام فرنسي متجدّد بمؤتمر «سيدر»، عكسه وزير اوروبا والشؤون الخارجية الفرنسية جان ايف لودريان، الذي مثّل الرئيس الفرنسي في مأتم الكاردينال صفير، حيث قال، انّ «فرنسا ستكون دائماً على الموعد، ويعتمد هذا الموعد أيضاً على ما بدأناه معاً في مؤتمر CEDRE، الذي يمنح لبنان الوسائل اللازمة للتعافي، ولإيجاد طريق الصفاء والوحدة. نحن مستعدون لهذا الموعد وآمل أن يكون اللبنانيون كذلك».

الموازنة
تستأنف الحكومة اليوم مناقشة مشروع موازنة 2019، وسط اجواء ضبابية حول إمكان إنهاء درسها في هذه الجلسة، تمهيداً لتحويلها الى المجلس النيابي. 

في المعلومات، انّ الصورة لا تزال ضبابية سواء لجهة خفض العجز المقدّر الذي سيتم إيراده في مشروع الموازنة، أو لجهة المدة التي قد تستغرقها النقاشات، في حال أصرّ وزير الخارجية جبران باسيل على مقترحاته الأخيرة، والتي تشكّل في مضمونها مواد جديدة ومتشعبة للنقاش، قد تحتاج الى جلسات طويلة قبل ان يتمكّن الوزراء من بتّها واتخاذ مواقف حيالها. 

في هذا السياق، تفيد المعلومات المتوفرة، انّ ارقام العجز لم تصل بعد الى ما هو مطلوب، والمقدّر بحوالى 9%. في حين يؤكّد وزراء يواكبون ما يتمّ إنجازه في عملية التقشّف او محاولة زيادة الإيرادات، انّ هناك قناعة بأنّ العجز الذي سيتم الاعلان عنه لن يعكس الواقع، وسيكون على غرار العام 2018، بحيث ستُظهر النتيجة النهائية انّ التقديرات لم تكن في محلها، وبأنّ العجز أكبر مما هو مُقدّر. 

ويبدي خبراء اقتصاديون قلقاً حيال العشوائية التي تتسم بها المناقشات، حيث لا تتم دراسة الجدوى الاقتصادية او المفاعيل السلبية لأي قرار متعلق بالتقشّف او محاولة زيادة الإيرادات. وفي هذا السياق، دعا خبراء القانون الضريبي عبر «الجمهورية» «ممثّلي السلطة التنفيذيّة والتشريعيّة إلى تحمّل مسؤولياتهم في هذا المجال وإلى عقد مؤتمر اقتصاديّ وماليّ على المستوى الوطنيّ» لتصحيح المسار المالي للدولة. (تفاصيل ص 11) 

جلسة أرقام
وقالت مصادر وزارية لـ«الجمهورية»، انّ جلسة مجلس الوزراء التي ستُعقد في السراي الحكومي اعتباراً من الاولى والنصف بعد الظهر، مخصّصة لقراءة الأرقام النهائية كما وضعتها وزارة المالية في اعقاب لقاء عُقد بين وزير المال علي حسن خليل وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة ليل الأربعاء - الخميس، وكذلك اجتماعات ماراتونية عُقدت طيلة نهار امس في وزارة المال رغم العطلة الرسمية لمواكبة مراسم وداع الكاردينال صفير.

وبحسب المعلومات، فإنّ الأمانة العامة لمجلس الوزراء تبلّغت مساء امس بأنّ وزارة المالية وضعت النسخة النهائية التي ستعممها اليوم على الوزراء قبيل عقد الجلسة لتستحق جلسة اليوم تسمية «جلسة الأرقام». والتي في حال التفاهم عليها جميعها تكون الحكومة قد أنجزت مهمتها تمهيداً لدعوة المجلس الى جلسة تُعقد في قصر بعبدا، للبتّ بها بعد القراءة النهائية وبالتالي إحالتها الى مجلس النواب لإقرارها. 

وتوقعت مصادر وزارية ان يُعقد قبيل الجلسة لقاء بين رئيس الحكومة ووزيري الدفاع الياس بو صعب ووزير الداخلية ريا الحسن للبت في كيفية تطبيق التدابير رقم «1» و«2» و«3».

إضراب
وتزامناً مع جلسة مجلس الوزراء أعلنت الهيئة الإدارية لرابطة موظفي الإدارة العامة «الإضراب العام الجمعة في كافة الإدارات العامة تعبيراً عن رفضها لسياسة قضم الحقوق، وإدانتها لأي إجراء يرمي الى تحميل الموظفين ومحدودي الدخل جريرة السياسات الخاطئة التي كانت السبب في هدر أموال الخزينة».

ودعت الحكومة إلى «مقاربة أي إصلاح حقيقي بعيداً من لقمة الفقراء، وعبر إقفال مزاريب الهدر، محاربة الفساد، وتعزيز الإدارة العامة وتفعيلها بدلاً من ضربها والمساس بحقوق موظفيها». كما اعلنت «أنّها ستواكب ما يصدر عن مجلس الوزراء في جلسة الغد، وعليه يصدر قرار تصعيد التحرّكات وصولاً الى الاضراب المفتوح».

ضاهر: تصعيد
الى ذلك، يدخل إضراب أساتذة الجامعة اللبنانية اسبوعه الثالث، ويتعرقل معه مستقبل أكثر من 80 ألف طالب. في هذا السياق، يؤكّد رئيس رابطة الاساتذة المتفرغين الدكتور يوسف ضاهر لـ«الجمهورية»: «مواصلة الاضراب إلى حين إقرار الموازنة»، موضحاً: «تواصل اليوم الجمعيات العمومية لأساتذة «اللبنانية» إجتماعاتها في المناطق كافة، لمواكبة المستجدات والتأكيد على التحرّك ولرفع التوصيات التي بمعظمها تصبّ في إتجاه رفع سقف التصعيد».

ويضيف: «كما سنعقد السبت إجتماعاً لمجلس الاساتذة المندوبين عن الكليات لتحديد الخطوات المقبلة، ولا انكر اننا نتعرّض لضغوط أو ربما تمنيات باتجاه التراجع عن الاضراب، ولكن لن نستسلم، ولن ننتظر إقرار الموازنة بعد أن يكون فات الأوان، خصوصاً انه تردّد على مسامعنا توجّه لتخفيض موازنة الجامعة نحو 50 ملياراً». ويضيف: «معركتنا ليست قضية رواتب وتقديمات، إنما أكبر من ذلك، فهي معركة الدفاع عن استمرارية «اللبنانية». 

في سياق متصل، تعقد هيئة التنسيق النقابية عند الثانية بعد ظهر اليوم اجتماعاً لاتخاذ موقف من القرارات المتعلقة بحقوق الأساتذة والمعلمين والمتقاعدين، في بدل النقل والتقاعد وبعض الحسومات على الرواتب في قانون الموازنة، في مقر رابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي، ويليه مؤتمر صحافي عند الرابعة.

ساترفيلد الى اسرائيل 
من جهة ثانية، إنتقل ساترفيلد من بيروت الى تل ابيب عن طريق قبرص في مهمة تمتد ليومين على الأقل لمناقشة الطروحات اللبنانية الجديدة الخاصة بآلية المفاوضات حول ترسيم الحدود البرية والبحرية اللبنانية - الإسرائيلية في سلّة واحدة، في اعقاب اللقاءات التي جمعته مع كل من رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب ورئيس الحكومة، وايضاً مع وزير الخارجية جبران باسيل، الذي التقاه مرتين، كان آخرها اللقاء ليل اول امس، بالإضافة الى مجموعة من اللقاءات مع شخصيات اخرى عُقدت بعيداً من الأضواء في السفارة الأميركية في بيروت.

وقالت مصادر واسعة الإطلاع لـ«الجمهورية»، انّ ساترفيلد وعد بالتواصل مع المسؤولين اللبنانيين مطلع الأسبوع المقبل ما لم تسمح له ظروف العودة الى بيروت نهاية الأسبوع الجاري في زيارات مكوكية، لأنها ستكون رهناً بما ستحققه زيارته في اسرائيل ومدى تجاوب رئيس الحكومة الاسرائيلية والفريق المكلّف بالترسيم مع الطروحات اللبنانية الجديدة وما سيطرحه ساترفيلد عليهم.

وفي سياق متصل، كشفت مصادر دبلوماسية لـ«الجمهورية» أنّ لبنان تبلّغ رسائل تطمين اميركية، ان لا تصعيد للوضع في الجنوب، وانّ هناك اتجاهاً نحو إجراء مفاوضات جدّية في موضوع ترسيم الحدود البحرية مع اسرائيل، واضافت، انّ الاميركيين طلبوا من الاسرائيليين وقف الاشغال في الحقول النفطية (في المنطقة المتنازع عليها مع لبنان او القريبة منها) موقتاً، افساحاً في المجال أمام المباحثات وعدم تصعيد الوضع.

واكّدت المصادر، انّ الاميركيين مهتمون بألّا يؤثر ما يجري في المنطقة إضافة للنزوح السوري، على الوضع في لبنان، خصوصاً من الناحية الامنية، ويسألون عن الحلول الممكن طرحها لإعادة النازحين إلى بلادهم.

theme::common.loader_icon