
عندما نزل على الملك الضليل امرئِ القيس خبر استشهاد والده الامير «حجر» وهو مسرف ارتشافاً بالخمرة مع اصحابه في الدَمون (موقع يمني من شبه الجزيرة)، صرخ: «اليوم خمر وغداً أمر»، والمقصود بهذا اليوم الخمري هو تكملة ليوم «غدير دارة جلجل» حيث اعتادت حبيبة امرئ «عُنيزة» الاغتسال بمائه مع صويحباتها.
وكان امرؤ القيس مشغوفاً ويلتهب ناراً بعشق ابنة عمه عنيزة من دون ان يستطيع مقاربتها. ولهذا انتظر امرؤُ القيس حتى نضَت النساء عن اجسادهن فاقترب العاشق المدنف وقال للسابحات:
اخرجن عاريات وإلّا لن أسمح لكنّ بالثياب. خرجن جميعاً إلّا عنيزة التي اخذت تستقسمه وهو يشاكسها دلعاً حتى غادرت الماء بكل بهاء عضوها التناسلي (كان الشاعر المتحضّر ابو نوّاس يكره هذا الشكل من الميكانيزم النسائي).
جلس معها طويلاً امرؤُ القيس وهو يقبّل عريها ويجرجر شفتيه على جلدها الناعم (1600 سنة منذ الآن) ويسألها: لماذا تهربن مني ايتها النساء؟ أجابت بصراحة: انت وسيم وجميل لكن تهبّ منك رائحة كلاب.
فأجابها: صحيح اذ اهلي ارضعوني حليب كلبة وأنا صغير. غير ذلك قالت عنيزة: يا ملك انت بطيء الاستفاقة الجنسية سريع اراقتها. صحيح قال لعنيزة لكنهم قتلوا ابي ملك «حجر» وعليّ ردّ الكرامة وقد قيل لي إنّ الفرس دعموا بني أسد.
ويحكى تاريخياً حتى ابن السكيت في عمله الأغاني» انّ خلافاً نشب بين الحارث – جدّ امرئِ القيس وملك الفرس انوثروان حوالى 505-525، فأوعز ابو ثروان بمطاردة الحارث وتعقبته حتى أدركه المنذر الثالث في ارض مكب فنهب ماله لكن نجا الحارث بأعجوبة من القتل.
حقد الاسديرة أو بني أسد على بني حجر والد امرئ القيس بعد أن غذّى الفارسيون او النوارس هذه الكراهية وعزموا على قتل حجر والد امرئ القيس، وكان علباء الأسدي طليعة هذه المؤامرة منفذاً وإياها بضربات خنجر الى صدر حَجْر والد امرئ القيس. ولما بلغ امرؤ نبأ مصرع ابيه قال: «ضيعني ابي صغيراً وحمّلني دمه كبيراً. لا صحوَ اليوم ولا سكرَ غداً ولا إصابة نساء.
اليوم خمر وغداً أمر». حصل هذا باليمن في موقع الدمون ثم انتقل امرؤُ الى نجد – السعودية اليوم، وكان امرؤ القيس قريباً من قبيلة تغلب التي قال فيها العرب: «لو تأخر الاسلام لأكلت تغلب العرب».
وتطورت الاحداث الى أن وقف الشاعر امرؤ القيس امام باب الشاعر اليهودي السموأل بتيماء فأجاره وكتب الى الحارث بن اي ثمّر الغساني ليوصله الى القيصر البيزنطي بوستنيانوس الذي أكرمه وأحسن وفادته واستقباله.
وقرّر يوستنيانوس مساعدة الشاعر بجيش كبير لحماية قبيلة امرئ القيس ومواجهة المنادرة الأسديين وحماتهم الفرس بناءً على رغبة غساسنة الشام اعداء الفرس والذين رافقوا الشاعر الى بيزنطية.
وفجأة تغيّر كل شيء إذ رفضت الدولة البيزنطية مساعدة الشاعر فعاد خائباً سنة 540 ميلادية بعد أن اهداه القيصر حلّةًَ قطنية مسمومة ارتداها الشاعر فانكشط لحمه وهو يقول في آخر بيت شعري له بالقرب من مثوى احدى بنات الملوك:
اجارتنا إنّا غريبان ها هنا
وكل غريب للغريب نسيب
والتساؤل: لماذا غيّر قيصر بيزنطية رأيه في مساعدة الشاعر بحملة عسكرية كبرى الى البطش به حتى الذبح وهو لم يصل الى الـ 50 من عمره على غرار الشعراء الشهداء لأنظمة الفاشية في العالم اليوم. أليس تدخّل دولة المجوس في دعم بني الأسد العملاء لها في قتل حجر والد امرئ القيس بضربات خنجر من علباء الاسدي؟ أليس ما يتكرر اليوم هو نفس فعل ذلك الزمن منذ 1600 سنة وقد قال الفكر الخليفة عنه علي بن ابي طالب: «رأت امرئ احسن الشعراء نادرة واسبقهم بادرة ولم يقل لرغبة او لرهبة».
اكتشف امرؤ القيس الشاعر الرياضي ان رجلي حصانه الخلفيتين تتقدمان في الوقت الذي تتأخر فيه رجلاه الأماميتان وهكذا يصبح الحصان في قبول ويدير ويكر ويفر في نفس الوقت وعن هذه اللحظة استشهد دائماً عالم الفضاء المصري احمد زويل، وكان هذا وراء ابتكاره عملية التصوير السريعة للجزئيات.
الموضوع اوسع من هام لأنّ اشياء كثيرة لم تتبدل منذ 1600 عام.








