سبحان «الإنفصام»!
سبحان «الإنفصام»!
عبد السلام موسى
جريدة الجمهورية
Tuesday, 23-Oct-2018 07:23

أين كان ما يُسمى «اللقاء التشاوري للسنّة المستقلين» – (سنّة 8 آذار) في الاستشارات النيابية الملزمة التي أدّت إلى تكليف الرئيس سعد الحريري بتأليف الحكومة؟!

أين كان الـنواب الـ 6 الذين يضمّهم ما يُسمى «اللقاء التشاوري للسنّة المستقلين» عندما أجرى الحريري مشاوراته مع الكتل النيابية في مجلس النواب؟!
الجواب أكثر من بسيط. كان كلّ من النواب «يغني على ليلاه»، أو على «ليلى» الكتلة النيابية التي انخرط فيها، ولم يكن هناك «ليلى» على شاكلة ما يُسمى «اللقاء التشاوري للسنة المستقلين» الذي يتغنون به اليوم، للقول إنّ لهم حق التمثيل في الحكومة العتيدة بواحد منهم، وإنّ ثمّة مَن يحجب عنهم هذا الحق الذي لا حقّ فيه، بحكم «ظهورهم» في شريط استشارات التكليف ومشاورات التأليف «منفصلين»، بـ«المفرق» لا بـ«الجملة»، كما ارتضوا هم بكامل قواهم السياسية!.

بالعودة إلى شريط الاستشارات والمشاورات مع النواب الـ 6، نجد مثلاً، أنّ عبد الرحيم مراد كان وحيداً، حاله من حال عدنان طرابلسي، في حين أنّ الوليد سكرية كان أفضلَ حالاً إذا خاض الاستشارات والمشاورات ضمن كتلة «حزب الله»، تماماً كما فعل فيصل كرامي وجهاد الصمد في خوضها من ضمن كتلة «تيار المردة»، فيما قاسم هاشم في صلب كتلة «التنمية والتحرير» التي يرأسها الرئيس نبيه بري.

ماذا عدا ما بدا؟ ومَن أعطى هؤلاء النواب الـ 6 وكالة حصرية للحديث باسم عشرة نواب سنّة من خارج كتلة «تيار المستقبل»، هم بالإضافة إلى الـ 6، نجيب ميقاتي، أسامة سعد، فؤاد مخزومي وبلال العبد الله الذي هو عضو في كتلة «اللقاء الديموقراطي»؟!

لا يمكن القول إلّا سبحان مَن جمع «المنفصلين» ليطلّوا على اللبنانيين «منفصمين». فواقع الحال يفيد بأنه «غير مطروح» و«غير وارد» أن يتمثل هؤلاء النواب لمجرد أنهم قرّروا أن يجتمعوا في لقاء على قياسهم، في حين أنهم لم يجتمعوا عندما كان يُفترض بهم أن يجتمعوا في استشارات التكليف ومشاورات التأليف، فكانوا أشبه بالمثل الذي يقول «من كل وادي عصا»، وما زالوا، لكنّ الفارق اليوم، أنّ ثمّة مَن يحرّك هذه العصي، لغايات إن تحقّقت، سرعان ما ستعيد توضيب هذه العصي في مكانها، وكان الله يحب «المنفصلين» و«المنفصمين». 

حسناً فعل الرئيس ميقاتي والنواب سعد ومخزومي والعبد الله عندما اعتمدوا «النأي بالنفس» عن هذا «الانفصام»، بعدما اتّضح أنّ كل ما يقوم به هؤلاء النواب الـ 6 يدينهم في مطالبهم، ولا يعنيهم على تحقيقها. يضعون أنفسهم في مواجهة الرئيس سعد الحريري، زعيم «تيار المستقبل» الذي نال 17 نائباً سنّياً على امتداد لبنان، فيما 4 من النواب الـ 6، كلّ منهم رئيس حزب «طويل عريض» في منطقته، ولم يستطع في الانتخابات النيابية، إلّا أن يصل بنفسه وحيداً، فمراد رئيس «حزب الإتّحاد»، كرامي رئيس «تيار الكرامة»، طرابلسي يمثل «جمعية المشاريع»، في حين أنّ قوة السكرية هي من قوة «حزب الله»، كما هاشم من قوة «حركة أمل»، أما الصمد فله حيثيته في الضنية.

في المنطق، لا مجال للمقارنة، أيّاً يكن المعيار، إلّا في حالة واحدة، أن يوضع كل نائب منهم في مواجهة الـ 17 نائباً الذين تضمّهم كتلة «تيار المستقبل»، الأمر الذي يُسقط كل ما يدّعونه من حقّ في التمثيل. فهم ليسوا حالة واحدة، ولا كتلة واحدة، ولم يلتقوا الرئيس الحريري على هذا الأساس، كما يحاولون الإيحاء اليوم بأنهم التقوه «موحّدين» وطالبوا بوزير، لدرجة أنّ من سخرية القدر أن يصدر عن أحدهم، النائب مراد هذا الكلام رداً على سؤال عن عدم قيام أيّ حوار بينهم وبين الرئيس المكلّف: «ربما هو يتحاور مع «حزب الله» حول هذا الموضوع، ولا مشكلة عندنا في الامر، وهذا رأينا ومفروض عليه أن يختار وزيراً من نوابنا خارج أيّ حسابات أخرى»!.

وهنا بيت القصيد، لا مشكلة لدى مراد بأن يحاور «حزب الله» باسمهم، كما يقول، ما يعني عملياً، أنهم تابعون للحزب وليسوا مستقلّين، وإلّا كيف يرضون بأن لا يكون لهم مكان في حوارٍ كهذا؟ والأهم، أنّ الرئيس الحريري أصلاً حاورهم «منفصلين» في المشاورات، وهو من موقعه، ليس في المكان الذي يفرض عليه أن يحاورهم «منفصمين» على أساس أنهم «مستقلّون»، وهم ليسوا بـ«مستقلين»!.

أما المثير في القصة، أنّ ما يُسمى «اللقاء التشاوري للسنّة المستقلّين» الذي يضم 6 نواب، يروّج نظرية تمثيل النواب السنّة العشرة من خارج كتلة «تيار المستقبل»، وهي نظرية ساقطة، وأكثر من ساقطة، في ميزان التأليف، بالاستناد إلى وجود أكثر من 20 نائباً مسيحياً خارج كتل «التيار الوطني الحر» و«القوات» و«المردة»، ولا أحد يأتي على سيرة تمثيلهم، ولم يبادروا هم إلى إنشاء لقاء تشاوري للنواب المسيحيين المستقلين، على شاكلة ما فعل النواب السنّة الـ 6!.

فعلى مَن يقرع «المنفصمون».. مزاميرَهم؟!

theme::common.loader_icon