تشكّل الأمراض المرتبطة بالرعاية الصحية (Infections associées aux soins) خطراً كبيراً على سلامة المرضى في المستشفيات في جميع أنحاء العالم.
أفادت دراسة نشرتها منظمة الصحة العالمية أنّ هذه الأمراض تصيب بين 5 و 15 في المئة من المرضى في المستشفيات، وترتفع النسبة إلى 37 في المئة في أقسام العناية الفائقة. كما أنها أدلت أنّ 20 إلى 40 في المئة منها تنتقل عن طريق اليدين. لذلك الالتزام بالممارسات المناسبة لنظافة اليدين يساهم أولاً في حماية العاملين في مجال الرعاية الصحّية من الأمراض المعدية كما أنه يقلّل معدّل انتشار العدوى المرتبطة بالرعاية الصحية لدى المرضى. ففي تقريرٍ لها، أفادت منظمة الصحة العالمية أنّ نظافة اليدين يمكن أن تُنقذ حوالى ٨ ملايين شخص سنوياً حول العالم.
وتأكيداً على ذلك، فقد أظهر عددٌ كبير من الأبحاث أنّ زيادة نظافة اليدين عند العاملين في مجال الرعاية الصحية يرافقه انخفاض في انتقال العدوى وفي انتشار الأمراض المرتبطة بالرعاية الصحية. لذلك، ولأهدافٍ توعَوية وثقافيّة، أفادت المنظمة بالإرشادات اللازمة حول أهميّة وكيفية غسل اليدين بالماء والصابون أو تطهيرهما بالمحلول الكحولي عند العاملين في مجال الرعاية الصحية. فأشارت بشرحها الى أنّ الغسيل بالماء والصابون ضروري خصوصاً عند اتّساخ اليدين وفي الظروف التالية: قبل تحضير أو تناول الطعام، قبل الرعاية بمولود رضيع، قبل وبعد دخول المرحاض، بعد الأعمال اليدويّة كالرسم والزراعة وبعد التعامل مع الحيوانات.
وقد ركّزت على طريقة الغسيل، إذ يجب أولاً تبليل اليدين بالماء ثمّ وضع مقدار من الصابون وفرك كامل اليد من راحة اليدين وظهريهما الى الأصابع فالإبهمين والمعصمين، ثمّ تجفيف اليدين جيّداً إذا أمكن بمنشفة ذات الإستعمال الواحد وأخيراً، إغلاق الصنبور بالمنشفة الّتي جُفّفت بها اليدين.
وأضافت المنظمة أنّ استعمالَ المحلول الكحولي يمكن أن يحلّ مكانَ الغسيل بالماء والصابون، كونه أسرع، فلا تتخطّى مدّته الثلاثين ثانية، وهو أكثر فعالية وأنسب للجلد. فهو يتّبع الإرشادات نفسها من حيث طريقة الفرك، غير أنه لا يستلزم التشطيف والتجفيف. إلّا أنه غيرُ فعّال مع بعض الأمراض كالجرب أو الإسهال الناتج عن بكتيريا «Clostridium difficile»، كما أنه يجب أن يُستعمل على أيدٍ نظيفة ظاهرة للعيان.
فضلاً عن غسل اليدين وتطهيرهما، شدّدت المنظّمة على عدم ارتداء المجوهرات، والساعات في الأيدي، وأيضاً على إبقاء الأظافر قصيرةً دون طلاء وعدم وضع أظافر زائفة. فإنّ ارتداءَ المجوهرات وطلاء الأظافر يسهّل تكاثر الميكروبات على الأيدي. وتركّز المنظمة أيضاً على أهمّية استعمال القفازات في حالات معيّنة مثل التعرّض لسوائل بشرية أو وجود آفات جلدية. إلّا أنّ لبسَ القفازات لا يمكن أن يغني عن تنظيف اليدين، بل من الضروري المبادرة فوراً إلى تنظيف اليدين بعد نزعها.
فضلاً عن ذلك، وبالمبادرة نفسها، عيّنت منظمة الصحة العالميّة منذ عدّة سنوات يوم 5 أيّار اليوم العالمي لنظافة اليدين. تمّ اختيار هذا التاريخ كرمز لأصابع اليد الخمسة وللمؤشرات الخمسة الدالة على الأوقات الّتي يجدر على العاملين في مجال الرعاية الصحية فيها غسل الأيدي، وهي: قبل ملامسة المريض، قبل إجراء عمل تنظيفي أو تطهيري عند المريض، بعد خطر التعرّض لسوائل من جسم المريض، بعد ملامسة المريض، أو ملامسة محيطه.
أمّا في مستشفى أوتيل ديو دو فرانس، تباعاً لتعليمات المنظمة وفي مناسبة اليوم العالمي لنظافة اليدين الواقع يوم السبت 5 أيّار، تنظّم لجنةُ مكافحة العدوى، كما هي العادة في كل سنة، حملة توعَوية على أهمية الموضوع. وقد عيّنت السنة يومَي الخميس والجمعة 3 و 4 أيّار 2018 لإقامة الحملة. وفضلاً عن توعية الموظفين ولا سيما العاملين في المجال الصحّي على نظافة اليدين، أرادت اللجنة إشراكَ المرضى المصابين بأمراضٍ مزمنة عبر تثقيفهم حول الموضوع.
في هذين اليومين سيتواجد أفرادٌ من اللجنة في باحة الإستقبال في المستشفى لتوعية الموظفين والزائرين على أهمية نظافة اليدين وذلك عن طريق الإجابة على بعض الأسئلة حول الموضوع، التركيز على اللّحظات الضرورية لنظافة اليدين، طريقة الغسيل أو فرك اليدين، وأيضاً عن طريق اختبارٍ عبر استخدام آلة مخصّصة تعمل على الأشعة فوق البنفسجيّة لرصد المناطق من اليدين الّتي لم يتم فركها جيداً بالمحلول المخصّص للإختبار. بالإضافة إلى ألعاب كالكلمات المتقاطعة وغيرها.
فضلاً عن ذلك، سيزور بعض أفراد اللجنة عدداً من المرضى في الأقسام لتوزيع نشرة حول نظافة اليدين وتقديم النصائح والتعليمات لهم.
لا يزال التقدّمُ المحرز، رغم الجهود المبذولة، في مجال الوقاية من الأمراض المرتبطة بالرعاية الصحّية بطيء، غير أنّ تشديد المراكز الصحّية على معايير الصحة والسلامة والتدقيق المنتظم في ممارسات الموظفين وفي التزامهم بالمتطلبات الصحّية يزيدان فرص الوقاية كونهما عاملين أساسيّين في عدم انتقال العدوى.
في الختام فإنّ نظافة اليدين هي الوسيلة الأهم لمنع انتقال العدوى الناتجة عن الأمراض المرتبطة بالرعاية الصحية. هي وسيلة سهلة، بسيطة وغير مكلفة. وكما هو شعار حملة منظّمة الصحة العالمية لهذا العام «نظّفوا أيديكم لإنقاذ ألأرواح» يجب على جميع العاملين في المجال الصحي التقيّد والإلتزام بالتوصيات العالمية لنظافة اليدين من أجل سلامتهم وسلامة وصحة مرضاهم.