

تؤكّد الدراسات العلمية والطبية أنّ الأطفال حديثي الولادة، يخلقون مع قدرات حسّية غير كاملة، تتطور مع مرور الوقت. ولكن، على رغم محدودية حواسه، إنّ أيَّ مولود يتعرّف الى عالمه الجديد من خلال البصر والسمع واللمس والشمّ والذوق. ودور الأهل أساسي في تطوير الحواس الخمس.
البصر
يخلق الطفل بنظر غير كامل مقارنةً بالشخص البالغ، فشبكية العين لا تكون قد تطورت بالكامل عند الولادة حيث لا يستطيع المولود الصغير تمييزَ درجات الضوء والنظر بشكل واضح. ولكن تستطيع الشبكية أن تميّزَ التناقضات بين الظلام والنور وبين معظم الألوان على قاعدة الأسود والأبيض، أي إنّ المولود يميّز بشكل دقيق الألوان بل من خلال درجات دكانتها أو شفافيتها.
ويمكن للأب وللأم أن يبلورا حاسة البصر عند طفلهما من خلال إطلاعه على صور ذات ألوان فاتحة وأخرى ذات ألوان غامقة، أو من خلال عرض خطوط سوداء وأخرى بيضاء عليه حيث يستطيع أن يميّزَ بينهما. ويُرسل البصر إشارات خاصة للدماغ لدى تفاعل الطفل مع الألوان المتناقضة (فاتحة أو غامقة). هذه الإشارات تساعد على نموّ الدماغ وتطوّر البصر بشكل أسرع، حيث يصبح مماثلاً لنظر الشخص الراشد في غضون عام من الولادة.
السمع
يسمع الطفل الأصوات منذ وجوده في رحم أمه، وخصوصاً صوت والده ووالدته. وعندما يبصر النور، يندهش إذ يتعرّف الى والدته صاحبة الصوت الحنون الذي كان يسمعه دائماً، غير أنه لا يستطيع التمييز بين جميع الأصوات في الأيام الأولى من حياته.
ويتطوّر سمعُ الطفل بالكامل خلال شهر من ولادته، ومع مرور الوقت يتعرّف الى أصوات الأشياء والأشخاص المحيطين به. من المستحسَن أن نتكلّم مع المولود الصغير بنبرة خافتة وصوت هادئ. ويمكن أن يحسّن الأهل حاسة سمع طفلهم بجعله يستمع إلى زقزقة العصافير، صوت مياه البحر أو النهر الذي يتدّفق بنعومة، أو حتى بعض أنواع الموسيقى الكلاسيكية الهادئة. فالموسيقى الكلاسيكية تطوّر العضلات السماعية عند المولود الجديد كما تساعده على اكتشاف أنواع جديدة من الألحان والإيقاعات التي تهدّئه.
اللمس
تستغرق بشرة المولود لتكتمل حوالى الثماني سنوات. والبشرة عضو حسّي بإمتياز، تلعب دوراً أساساً على الصعيد الصحي حيث يشكّل الجلدُ عازلاً للإصابات والإلتهابات عند الطفل، كما تشكّل أيضاً إمتداداً للدماغ حيث تساعد على الإنتباه والتركيز. وتساهم حاسة اللمس في التطوّر الإجتماعي والعاطفي عند الطفل.
وعلى الصعيد النفسي، للّمس دورٌ أساس في النموّ العاطفي والحسّي عند المولود الجديد. وتشجّع أقسام التوليد كافة الأمهات على احتضان أولادهنّ بعد الولادة. فالإحتضان ولمس جسم الطفل الصغير يريحه ويهدّئه كما ينمّي علاقةً وطيدةً ما بين الأم وطفلها الذي يكون بحاجة ماسّة للاتّصال الجسدي والتواصل.
الذوق
عند ولادة الطفل الصغير، يرتكز طعامُه على الحليب. ولكن بعد حوالى السنة ونصف السنة يتطوّر حسّ الذوق عند الطفل فيتمكّن من اكتشاف مختلف الأطعمة والنكهات الجديدة.
دور الأب والأم أساسي في تحفيز الطفل ليتذوّق الأطعمة الجديدة. ويمكن أن تتبع الأم بعض السلوكيات لتنمية حاسة الذوق عند طفلها ومنها:
• ليكون وقت الطعام، وقت تسلية ومرح وليس وقتاً مزعجاً للطفل، على الأم أن تشجّع طفلها على أكل الأطعمة الجديدة من خلال أكلها بدورها، فجميع الأطفال يقلّدون أهلهم حتّى في اختيار الأطعمة. ومن المهم أن ينضمّ الأهل إلى الطفل خلال تناول الطعام.
• تزيين أطباق الطعام مهم جداً لتشجيع الطفل على تذوق نكهات جديدة. يجب أن تكون الأطباق ذات ألوان وأشكال محببة من الأطفال.
• إذا أظهر الطفل خوفاً من الطعام، لا يجب أن تجبرَه الأم على تناوله بل عليها أن تفسّر له مكوّنات الطعام.
الشمّ
إنّ الحاسة الوحيدة التي تكون جاهزة عند ولادة الطفل هي حاسة الشم. هي تفيد الطفل في التعرّف الى أمه من خلال رائحتها. وعندما يكبر الطفل قليلاً، يبدأ بالتمييز ما بين الروائح الكريهة والطيّبة. ويمكن للأهل أن يعملوا على تحسين حاسة الشم عند طفلهم من خلال منحه أشياء يشمّها فيكتشف من خلالها الروائح المختلفة مثل: الزهور، الطعام، الصابون والشامبو... هذه طريقة ممتازة على سبيل اكتشاف الطفل للعالم الخارجي. وطبعاً، هذا النشاط لا يمكن أن يقوم به الأهل قبل أن يتخطّى الطفل السنة والنصف من العمر.








