سنان أنطون لـ«الجمهورية»: لستُ معنيّاً بـ«مكوِّن» بل بالإنسان العراقي
سنان أنطون لـ«الجمهورية»: لستُ معنيّاً بـ«مكوِّن» بل بالإنسان العراقي
كه يلان محمد
جريدة الجمهورية
Wednesday, 08-Nov-2017 07:00
على الرغم من الإقامة بعيداً عن العراق إذ غادر بلده في مطلع التسعينات، إلّا أنّ الكاتب والروائي العراقي سنان أنطون يستمدّ موضوعات أعماله من بيئة المنشأ ويعيشُ هموم المواطن العراقي الذي يحلمُ بممارسة الحياة خارج أطر الإنتماءات الفرعية. إذ لا يستخدم صاحب «فهرس» الكليشيهات التي تسوّقها قنواتٌ إعلامية تابعة لهذه الجماعة أو تلك في أطروحاته، لأنّ الإستقلالية الفكرية لا تنفصل عن إستقلالية اللغة برأيه.
سنان أنطون من المفكرين الذين يعملون لإلغاء الثنائية المغلوطة مثل «الشرق والغرب»، ويتضامن مع الإنسان أيّاً كانت جنسيته وموطنه. وكان لـ«الجمهورية» هذا الحوار مع مؤلّف «إعجام» حول إشتغالاته الروائية ومعطيات أدبية.

• منذ عام 2003 تدور الروايات العراقية حول ثيمات محددة فرضتها أجواء الحرب، ألا تعتقدُ بأنَّه من الضروري كسر هذه الدائرة، أو من الطبيعي إستمرار معالجة هذه الثيمات لفترة أطول؟

- هناك عدد لا بأس به من الروايات عن حقب أخرى وموضوعات ليست ذات علاقة مباشرة بالحرب الأخيرة. في النهاية الكتّاب أحرار في اختيار ما يكتبون عنه وتحديد أولوياتهم. من الطبيعي أن تستحوذ الكوارث التي مرّ بها العراق في العقدَين الأخيرَين والتي ما زالت تبعاتُها مستمرة إلى اليوم على اهتمام الكتاب.

• من المعلوم أنّ الخطاب الروائي مكاشف لكل ما يفور في الواقع، برأيك هل إنّ وِفرة الأعمال الروائية والإقبال عليها بدرجة كبيرة ستتمخضّ عن وعيٍ جديد؟

- ليس بالضرورة. يرتبط الأدب بأذهاننا، عموماً، بقيَم ورموز وتأثيرات إيجابية ونقرنه دائماً بتغيير الوعي وتعميقه وبآفاق الحرّية الفرديّة والجمعية. وهذا ينطبق على الكثير من الأعمال.

لكنّ الروايات والنصوص الأدبية لا تُقرَأ في فراغ، بل في أطر اجتماعية وسياسية ومنظومات مهيمنة. وهناك الكثير من الروايات، والنصوص الأدبية، التي ترسّخ السائد وتعيد إنتاج الوعي الرجعي. علينا أن نكون أكثرَ واقعيةً وحذراً في ربط الخطاب الأدبي بأساطير التغيير والتقدّم.

• في روايتَي «يا مريم» و«فهرس» تعمتدُ على حدثين ماثلين في ذهن العراقيين، الأوّل تفجير كنيسة سيدة النجاة ما يعني محاولة طمس هوية مكوّن أصلي في الحضارة العراقية، والثاني تفجير شارع المتنبي بما له من رمزية ثقافية. هل أردت فعلاً التحذير ممّا يهدّدُ العراق من خلال إبراز هذين الحدثين، أو أنّ الأمر لا يعدو كونه إستجابةً لموقف تراجيدي مشحون بالتوتر؟

- الخطاب الروائي، بالنسبة لي، يحاور الواقع والتاريخ دائماً، بطرق مختلفة، مباشرة وغير مباشرة ويتقاطع معه. تَقاطع السرد وحياة الشخصيات الرئيسة مع أحداث مفصلية في تاريخ العراق في الروايتين كان طبيعياً بالنسبة لي ومنطقياً بالمفهوم السردي والجمالي. واحدة من محاور «فهرس» الرئيسة هي عن بائع كتب دمّرت حربٌ سابقة عائلتَه وبيته ومسّت عقله ودفعته، مع عوامل أخرى، إلى بحثٍ محموم عن شظايا التاريخ وشظايا الوجود. ليست هناك رسائلُ مُضمرة، بالنسبة لي.

هناك حكاياتٌ وحيوات لا بدّ من سرد محنتها. لستُ معنيّاً بالضرورة بـ «مكوّن» ولا أخفيك أنني ضد هذا المصطلح الذي تبنّاه النظام الطائفي في العراق. أنا معنيّ بالعراق وبالإنسان العراقي بغض النظر عن التصنيفات الأخرى.

• وصلت رواية «يا مريم» إلى القائمة القصيرة لجائزة البوكر، كذلك «فهرس» نافست في القائمة الطويلة، وأخيراً فازت روايتك «وحدها شجرة الرمان» بجائزة الأدب العربي في باريس، برأيك إلى أيّ مدى تساهم الجوائز في تشجيع العمل الإبداعي؟

- لا شك أنّ الجوائز تدعم الكتّاب وتحفّزهم ماديّاً ومعنويّاً. لكنها ليست المعيار الوحيد للجودة الأدبية. والأمر يتفاوت، بالطبع، من جائزة إلى أخرى ويعتمد على المؤسسة والسياق والآليات ومستوى الشفافية والمهنية. «وحدها شجرة الرمّان» هي أنجح رواية لي من حيث ردود فعل القرّاء والقارئات والنقاد في العالم العربي وخارجه ومن حيث الترجمات. ولم تكن على القوائم الطويلة ولا القصيرة ولا متوسطة الطول في العالم العربي وهذا أفضل.

• كيف تفسّر إلقاء الشعراء بأنفسهم في مركب الرواية، هل يعودُ الأمر إلى رغبة التجريب في جنسٍ أدبي آخر فقط؟
هناك أسباب مختلفة ولا يمكنني أن أعمّم. هناك مَن جرّب الرواية بعد أن أبدع في الشعر ورسّخ اسمه وأغوته الرواية. وهناك مَن يرغب في التجريب ولا ضير في ذلك. وهناك، طبعاً، مَن يظن أنّ الرواية سهلة وقصير سُلَّمها. وتجد بين هؤلاء الشعراء وغير الشعراء.
theme::common.loader_icon