مسيرة إسقاط الحكومة من الأشرفيّة إلى السراي
مسيرة إسقاط الحكومة من الأشرفيّة إلى السراي
ألان سركيس
جريدة الجمهورية
Thursday, 25-Oct-2012 01:43
أطلقت المنظمات الشبابية في قوى 14 آذار وَصفَ «كرة الثلج» على تحركاتها المطالبة بإسقاط الحكومة، فهي تراهن على ضغط الشارع لعلّ الرئيس نجيب ميقاتي يستجيب ويستقيل.
على بُعد مسافة قليلة من موقع الانفجار، اختار الشبان ساحة ساسين لتنفيذ الاعتصام والانطلاق إلى رياض الصلح. في الساحة ارتفعت صورة الشهيد وسام الحسن وهو يرفع يده كأنه يحيّيهم، وتحتها عربة أعلام، فقط أعلام لبنانية، يعمل الشبان على تركيبها بالعصي وتوزيعها على الحضور، لأنهم يريدون استعادة مشهد الـ2005.

وسائل الإعلام اللبنانية والأجنبية حَضَرت أيضاً، في إشارة إلى مدى اهتمام الخارج بالملف اللبناني. ترتفع أغنية غسان صليبا يا "أهل الأرض وإنتو ترابا"، وبعدها أغنية غسان الرحباني "يا لبنانيّي، بيكفي أنانية"، من ثم أناشيد الثورة لجوليا بطرس، وتغيب أغاني ماجدة الرومي، والسبب مجهول.

حركة السير تستمرّ طبيعيّة على رغم تقاطر المتظاهرين الذين يقفون على جوانب الساحة لكي لا يزعجوا الناس ويُعرقلوهم. يدخل النائب السابق الياس عطالله ومعه رئيس حركة "التغيير" إيلي محفوض، يسلّمان على الشباب.

وعندها نسأل عطالله هل هو راضٍ عن الحشد، يهزّ برأسه، ينتظر قليلاً ويقول: "يجب أن يحضر ناس أكثر"، نسأله عن سبب عدم إقبال الناس، فيجيب إنّ "الناس تتأخر في التجاوب مع الدعوات، فعواطف الشعب اللبناني معنا لكنها لا تتحرّك بسرعة لتلبية الدعوات للنزول الى الشارع، في العام 2005 بدأنا بثلاثة أشخاص، وكبرنا ككرة الثلج". أما محفوض فيؤكد أنّ "التظاهرات مستمرة لإسقاط الحكومة، وكل شيء سيعلن في وقته".

اليافطات المنددة بميقاتي رُفعت، ومطلب الشباب "لا وفاقية، لا إنقاذية، بدنا حكومة إنقاذية"، حكومة جديدة لا تُنفّذ أوامر السفير السوري في لبنان الذي لم يسلم من سهامهم، لأنه "يعطي الأوامر لميقاتي".

مشهد الـ 2005 تمثّل أيضاً ببعض الأشخاص الذين رسموا على وجوههم علم لبنان وكتبوا على أيديهم شعارات ومطالب المرحلة. في وقت غاب نواب الأشرفية عن التحرّك، حضر النائب زياد القادري ليدعمهم فيها، مرتدياً ثياباً رياضية وحاملاً العلم مثل بقية المواطنين. وعند الاستفسار عن هذا المظهر، يقول: "بكّير تنخَتير، بعدنا شباب".

واللافت مجيء سيدة من الأشرفية مع خادمتها السريلانكية التي ارتدت قميص "القوات" عليها صورة الدكتور سمير جعجع، ما جذب كل الأنظار، وباتت محطّ عدسات الكاميرات، وعند سؤال السيدة هل تدري خادمتها ماذا تفعل هنا، أجابت: "اسألوها"، عندها سردت السريلانكية كل شيء عن جعجع وكأنها خضعت لدورة تثقيفيّة في حزب "القوات".

بعدما حطّ الظلام على الأشرفية، استعدّ الجميع لبدء الكلمات، التي استهلت بالنشيد الوطني اللبناني والوقوف دقيقة صمت على روح الحسن ومرافقه أحمد صهيون والسيدة جورجيت سركيسيان. رئيس مصلحة الطلاب في "القوات" نديم يزبك أكد المضي قدماً في مطلب إسقاط الحكومة.

ثم تلا مسؤول مصلحة طلاب حزب "الكتائب اللبنانية" يوسف عبد النور بياناً باسم المنظمات الشبابية قال فيه: "نحن مع أهل الأشرفية الذين يمثلون رأس حربة في تاريخهم من أجل السيادة والحرية والاستقلال، والأشرفية هي منطقة الصمود في وجه الظلم، وسقوط وسام الحسن شهيداً هو سقوط لأمن الدولة".

وأشار إلى أنّ "الشباب مستمرون في مواجهتهم الإرهاب والإجرام بالطرق السلمية والديموقراطية والحضارية، تجسيداً للصورة الحضارية لقوى 14 آذار"، مؤكداً "مقاربتهم الواضحة والمحددة التي تبدأ برحيل حكومة التآمر والإجرام والاغتيال والإرهاب، حكومة القمصان السود".

وأعلن عن "إطلاق مبادرة من كل جامعات لبنان لمساعدة أهالي ضحايا وجرحى الأشرفية وجميع المتضررين من هذا الانفجار الإرهابي، ودعوة جميع شباب لبنان الأحرار إلى الانضمام لهذا التحرك السلمي والاستقلالي".

أراد الشباب أن يظهروا صورة الوحدة الوطنية، صورة أكدها منسق الشباب في تيار "المستقبل" وسام شبلي الذي اعتبر نفسه ابن الرئيس الشهيدين بشير الجميّل ورفيق الحريري، مثله مثل مسؤول الشباب في "الجماعة الإسلامية" الذي رفض كل مقولات الانغلاق والعزل التي يتهمون بها الأشرفية، معتبراً "أننا جميعنا لبنانيين والتقوقع والرجعية من صفاتهم، هم القتلة".

بعدها دعا رئيس منظمة الشباب في حزب "الوطنيين الأحرار" سيمون درغام إلى التوجّه إلى السراي، فشقّت التظاهرة شوارع الأشرفية على وقع الهتافات المنددة بجرائم الاغتيال والداعية إلى إسقاط الحكومة.

وعند مسجد محمد الأمين حيث ضريح الشهيدَين وسام الحسن ورفيق الحريري، وقفوا لقراءة الفاتحة وقول "الأبانا والسلام"، فاختلطت الصلوات ببعضها، قبل أن يكمل الشباب في اتجاه السراي ويقضوا ليلتهم في الخيم، لتشرق شمس نهار جديد لا تعرف ماذا تحمل لهم، في بلد لا تعرف القيادات ماذا تريد، وكيف تتصرّف.
theme::common.loader_icon